الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حين يصمت العقل يبدأ الحل

بواسطة azzaman

حين يصمت العقل يبدأ الحل

إلهام عبدالقادر

 

رؤية كارل يونغ للتوتر والاسترخاء وتحقيق الأهداف

‏في زمنٍ تتسارع فيه وتيرة الحياة ونُقاس فيه بكَمّ ما ننجزه لا بكيف نعيشه صارت الراحة تُتهم بالكسل، والتأمل يُقابل بالاستهزاء والتوقف يُعدّ فشلاً.

‏في مجتمعاتنا اليوم، لا يكاد المرء يجد وقتًا لنفسه وسط ضغوط العمل ومتطلبات الأسرة وانشغالات الحياة اليومية، فضلاً عن التوتر السياسي والاقتصادي الذي يُخيم على أجوائنا.

‏لكن، ماذا لو كانت الراحة هي المفتاح؟

‏ وماذا لو أن الهدوء هو الطريق الأقرب لتحقيق الأهداف لا العكس؟

‏هذا ما يؤكده عالم النفس السويسري الكبير كارل غوستاف يونغ، الذي قدّم رؤية جريئة ومغايرة حول العلاقة بين التوتر، والاسترخاء، والإبداع.

‏التوتر… ليس عدوًا كما نظن

‏في نظر يونغ لا ينبغي أن نتعامل مع التوتر كعدو يجب القضاء عليه بل كحالة نفسية تحمل في طيّاتها طاقة كامنة يمكن تحويلها إلى فهم أعمق لذواتنا وإلى حلول خلاقة.

‏ إن الاحتفاظ الواعي بالتوتر أي عدم كبحه أو إنكاره، بل تقبّله والتأمل فيه يسمح للعقل الباطن بالعمل، ويفتح الباب لظهور الأفكار الجديدة من الأعماق.

‏الاسترخاء… فعل لا يُرى ولكن يُثمر

‏كثيرًا ما نظن أن الحلول تأتي بالمجهود، بالسهر، بالضغط، والبحث المتواصل.

‏ لكن الحقيقة أن الذهن المتشنج لا يبدع، فعندما نسمح لأنفسنا بلحظات من الصمت والتأمل أو حتى مجرد المشي بلا هدف، فإن العقل يبدأ في إنتاج حلول من خارج النمط.

‏يشير يونغ إلى أن اللاوعي ليس مكانًا مُظلِمًا كما يتخيله البعض، بل مصدر حكمة. وعندما نتوقف عن محاولة التحكّم بكل شيء، نمنحه الفرصة ليُرينا الطريق.

‏بين الهدف والراحة… مسار داخلي

‏تحقيق الأهداف لا يعني أن نُنهك أرواحنا. بل أن نكون في انسجام داخلي يسمح للطاقة النفسية بأن تتدفق نحو ما نريد دون مقاومة.‏ وهذا لا يتحقق إلا حين نوازن بين العمل والهدوء، بين الإرادة والقبول، بين التصميم والاستسلام المؤقت.

‏إن لحظة اللا فعل ليست لحظة ضياع بل لحظة تهيؤ

‏ فالنبتة لا تنمو في العاصفة، بل في التربة الرطبة والهواء النقي.

‏في ظل الضغوط التي نعيشها جميعًا سواء كنتَ موظفًا أو طالبًا أو أمًا أو حتى قائدًا دعني أذكّرك:

‏ أنت لست آلة ولست مُلزمًا بالإجابة عن كل شيء فورًا.

‏ أحيانًا الصمت أذكى من الكلمات والانسحاب أبلغ من المحاولة، والهدوء أسبق إلى الحل من التفكير الصاخب.

‏فامنح نفسك مساحة… دَع التوتر يُعبّر ثم تنحّى قليلًا.

‏ وستُفاجَأ، كما قال يونغ، أن الجواب كان فيك طوال الوقت، ينتظر فقط أن تُصغي.

 


مشاهدات 58
الكاتب إلهام عبدالقادر
أضيف 2025/07/28 - 1:56 PM
آخر تحديث 2025/07/28 - 8:43 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 739 الشهر 19100 الكلي 11172712
الوقت الآن
الإثنين 2025/7/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير