على طرف الحلم.. وحدها
هدير الجبوري
صديقتي،أعلم أنكِ أحببتِ من طرفكِ وحدك، وأنه لا يبادلك الشعور،أعرف كم هو موجع أن يفيض قلبكِ بالحنين لشخص لا يعرف أنكِ تنتظرينه بين نبضتين،ولأنني أراكِ تتألمين في صمت، أكتب لكِ هذا الكلام... لعلّ فيه عزاء، أو بداية شفاء. الحب، حين يكون متبادلاً، يشبه نهراً يجري بين قلبين ، يسقي الروح، يورق الأيام، ويجعل من الحياة أغنية.لكن ماذا يحدث حين يتجه القلب في طريق لا يسير فيه أحد سواه؟ماذا يحدث عندما تُحب المرأة رجلًا لا يشعر بها، لا يراها، ولا يبادلها الشعور؟حينها، يتحول الحب من هبة إلى عبء، من دفء إلى وجع صامت، ومن حلم إلى مرآة لا تعكس إلا الوحدة.الحب من طرف واحد هو: أن تحترقي دون أن يراكِ أحد.. بعض النساء مثلك ياصديقتي يعشن تجربة الحب من طرف واحد بصمت مؤلم، وكأنهن يمشين في حقل من الرماد تحته نار مشتعلة.يبدأ الأمر باهتمام، بتأويل صامت لكلمة عابرة، ثم ينمو الشعور في الخفاء، حتى يصبح حقيقة لا تُقال.تُحبيه.. لكنه لا يشعر، أو يشعر ولا يبادلكِ، أو ربما يراكِ فقط حين يحتاج أحدا يسمعه، لا حين يحتاج أن يُحبّ...ولأنك مثل اي إمرأة تميل بطبعها إلى الإخلاص ، فإن هذا النوع من الحب يستنزفها.تسهر تفكر، تبكي دون صوت، تتظاهر بالقوة، تكتب ولا ترسل، تنتظر شيئاً لا تعرف إن كان سيأتي.إنه الألم الذي لا يُرى، ولا يُصدق أحياناً..فمن يستطيع أن يُقنع العالم أن قلباً يمكن أن يُكسر من حب لم يولد أصلًا؟
لماذا يوجع هذا النوع من الحب أكثر؟لأنه صامت، لا يُقال، ولا يُعاش، ولا يُحتفل به.
لأنه أحادي الاتجاه، تمشين فيه وحدك، وتحملين فيه وحدك كل الأمل والخوف.لأنه يمنحك الوهم، ويزرع احتمالات لا أساس لها إلا في خيالك.لأنه يجرح كرامتك ببطء، دون أن ينتبه أحد.
ماهي طقوس الشفاء ياصديقتي وكيف تتعافى المرأة من حب لم يكن لها؟الاعتراف بالواقع:أول خطوة في التعافي هي الاعتراف بأنك أحببتِ من لا يحبك، لا تبرري له ولا تبحثي عن إشارات خفية... واجهي الحقيقة بصدق.
قطع منابع الوهم:
راقبي نفسك: هل تتابعين أخباره؟ تنتظرين رسالة؟ تقرئين منشوراته وكأنك تفتشين عنكِ؟
كل هذا يعيدك إلى دائرة الألم، ويمنعك من الشفاء.والتعبير عن الألم:اكتبي، ابكي، تحدّثي إلى من تثقين بهم. لا تخنقي مشاعرك... الألم الذي لا يُقال يتحول إلى جرح مزمن.والعناية بالذات:دلّلي نفسك، خصصي وقتاً لكِ، جددي علاقتك بجسدك وروحك، اخرجي من تلك الزاوية المعتمة التي اختبأتِ فيها.وفهم الحب كقيمة لا كاحتياج:الحب الحقيقي لا يُنتزع من أحد، ولا يُتوسل. حين لا يأتي طوعاً، لا يستحق أن يُنتظر.
أنتِ لا تحتاجين مَن يحبكِ لتشعري أنكِ تستحقين الحب، أنتِ تستحقين لأنك إنسانة كاملة بذاتك.
ختاماً أقولها لكِ الحب من طرف واحد موجِع، نعم.لكنه ليس نهاية العالم، ولا نهاية قدرتكِ على الحب.بل هو اختبار لقوة قلبكِ، ودعوة لتختاري نفسكِ.فلا تظلي واقفة أمام باب لم يُفتح، بينما الحياة تلوّح لك بأبواب كثيرة...أحدها، ربما، يفتح على قلب يشبهكِ ويحبكِ كما أنت..