الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
نفيّ السيدة زينب الكبرى إلى مصر

بواسطة azzaman

نفيّ السيدة زينب الكبرى إلى مصر

فيصل عبد الحسن

 

توجد تفاصيل عما حدث بعد مأساة كربلاء التي حدثت سنة61 هجرية، هي حوادث صغيرة لكنها محزنة جدا، ولم تذكر كثيرا من قبل المؤرخين لحجم المأساة الكبرى التي حدثت في كربلاء، لكنها كانت مؤلمة في العرف الإنساني والتاريخي.

روح الرسالة

نقل لنا كتاب»أخبارالزينبات»ص 59 و» تحفة الأخبار»هامش ص111 و»طبقات الشعراني» ص29 و»موسوعة  الخطط «لعلي مبارك باشا الكثير من الأخبار وأبرزها، دور بطلة كبيرة، فمن الصعوبة الحقيقية على التأريخ أن يقبل أن تُذل سيدة كالسيدة زينب الكبرى، حفيدة الرسول الكريم “ص” وتهان، وترى بعينيها مصارع أهلها، وقطع رؤوسهم ونقلها فوق الرماح من بلد إلى آخر.

لقد عايشت السيدة زينب الكبرى”ع” صورا من البشاعة فوق الوصف، وجهلا مطبقا لروح رسالة الإسلام، وتعاليمه، ولكن من فعلها لم يفهم الإسلام إلا من خلال السياسة والحكم.سُميت السيدة زينب بزينب الكبرى، وقد وصفت بالكبرى لتمييزها عن زينبات أخريات كزينب أبنة الرسول الكريم”ص”، التي توفيت في المدينة المنورة بعد سنة من الهجرة، وزينب الصغرى أبنة الحسين “ع”. توفيت صغيرة بعد السبي ودفنت في دمشق فقبر زينب في دمشق هو قبر أبنة الحسين “ع” وليس أخته “ع”.

ولدت زينب الكبرى في المدينة المنورة في العام السادس للهجرة، وعاشت زينب، بعد وفاة أمها فاطمة“ع”أما لأخوتها الحسن والحسين وأختها أم كلثوم، وهي لم تبلغ العاشرة من العمر. وتزوجت إبن عمها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، أحد أجواد العرب والمسلمين.

ورزقت منه بأربعة بنين هم: علي ومحمد وعون الأكبر والعباس وولدت فتاتين أحداهما أم كلثوم، التي أراد معاوية داهية العرب تزويجها لولده يزيد ليضمن موافقة معسكر الهاشميين على ولاية العهد لولده من بعده، ولكن والدها عبد الله، قد ترك أمر تزويجها لخالها الإمام الحسين“ع”، الذي آثر تزويجها من إبن عمها:»القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب”ع”» وقد استشهد أثنان من أبناء السيدة زينب الكبرى في واقعة الطف، وكان عبد الله بن جعفر قد أوفدهما مع خالهما الحسين “ع” ليشاركاه المصير.   

الشمس الطالعة

كانت السيدة زينب طوال عمرها في خدرها محجبة، وكان لها مجلس فقه وتعليم لأصول الدين، ولكن بعد  خمسة عقود أي وهي في الخمسينات من عمرها خرجت من خدرها، وظهرت في أيام كربلاء وقد وصفها من رآها رأي العين، فكتب كما نقل لنا الطبري:»وكأني أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة...فسألت عنها فقالوا:هذه زينب بنت علي « ووصفها كما أوردت د. بنت الشاطئ في كتابها»بطلة كربلاء»عبد الله بن أيوب، وقد رآها عقب وصولها إلى مصر، بعد مصرع الحسين “ع”، فقال:

« فوالله ما رأيت مثلها وجها كأنه شقة قمر» وكانت السيدة زينب الكبرى في الخامسة والخمسين من عمرها وقت ذاك.

لم يطل العمر بالسيدة زينب“ع” كثيرا، بعد استشهاد أخيها، فلم تعش سوى عام ونصف لكنها بكلماتها المدوية، خلقت أسباب الكثير من الثورات ضد بني أمية، وقد صارت أقوالها لأهل الكوفة فيما بعد شعارا لحركة التوابين، التي أخذت بثأرات الحسين”ع”.

النَّفي إلى مصر

 كانت رحلة السيدة زينب الكبرى من المدينة إلى العراق ومن العراق إلى الشام ومن الشام إلى العراق لزيارة مكان واقعة الطف، لتؤدي واجبا لم يمهله لها جنود بني أمية، هو واجب البكاء على الأهل والأحبة ، وخلال فترة زمنية متصلة، وقد أتعبها هذا السفر، وهي المثكولة بأهلها، وما أن عادت إلى مدينة جدها، المدينة المنورة، وكانت أمنيتها أن تقضي ما تبقى من عمرها قريبا من قبر جدها رسول الله “ص”، حتى فاجأهم والي بني أمية على المدينة يطلب منها مغادرة المدينة، فقد كتب إلى يزيد في دمشق يحذره من زينب في أن تقوم قريبا لطلب ثأرات الحسين، مع رهط من الهاشميين.  فأرسل يزيد أمره بتفريق من تبقى من آل بيت الرسول “ص” ونفيّهم في الأمصار، فأبلغ الأمويون السيدة زينب الكبرى بذلك، وطلبوا منها أن تغادر المدينة إلى أي بقعة أخرى، فرفضت أول الأمر، ولكن الناس حولها توسلوا بها أن لا تعطي يزيدا فرصة للانتقام منها، وممن تبقى من آل بيتها.

فرحلت ومجموعة من الهاشميات إلى مصر، وفي أوائل شهر شعبان من عام 61 هجرية وصلت قافلتها قرية تسمى»فليبس»فوفد إلى هناك ألاف من المصريين لاستقبالها، بعد أن سمعوا بمسيرها، مما أضطر الوالي الأموي”مسلمة بن مخلد” إلى أن يخرج مع أعيان البلاد وتجارها لاستقبال» زينب الكبرى، خوفاً من انقلاب العامة على حكمه، فلما أطلت عليهم، بطلعتها المشرقة بنور الاستشهاد، أجهش المستقبلون بالبكاء.   وحفوا بركبها، حتى إذا بلغت العاصمة مضى بها «مسلمة» إلى داره وأسكنها في جهة من قصره فأقامت بها قرابة عام، لم تر خلالها إلا عابدة متبتلة

 وماتت»السيدة زينب(ع) «عشية يوم الأحد لأربع عشرة مضين من رجب عام 62 هجرية، ودفنت في مخدعها من دار»مسلمة» وبقي قبرها في مصر إلى اليوم مزارا مباركا يفد إليه المسلمون حتى يومنا هذا من بلدان كثيرة

 كاتب مقيم بالمغرب


مشاهدات 74
الكاتب فيصل عبد الحسن
أضيف 2025/07/06 - 2:11 PM
آخر تحديث 2025/07/07 - 9:51 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 289 الشهر 3728 الكلي 11157340
الوقت الآن
الإثنين 2025/7/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير