نهاية الحروب التقليدية
عدالت عبد اللـه
يبدو أن الحرب في عالمنا المعاصر قد تجاوزت بالفعل معانيها التقليدية. فبعد حرب روسيا – أوكرانيا، والحرب بين إيران وإسرائيل، ستتغير بلا شك نظرة الدول إلى مجال الدفاع تغيّراً جذرياً.
المفهوم السائد اليوم هو أن كثيراً من الدول، عوضاً عن الدخول في سباق تسلّح مكلف، باتت تفضّل الاحتماء تحت مظلة القوى العظمى التي تضمن لها البقاء. وهكذا، ينحسر مع هذا الخيار الاضطراري مظهر الهيمنة والاستعراض بوسائل وأساليب قديمة لم تعد تجدي نفعاً، في حين تشهد التحالفات الدولية تحوّلات كبرى تُفضي إلى نشوء شبكة معقّدة من المصالح المشتركة.
لا شك أن التكنولوجيا العسكرية المتقدمة، وتصنيع الأسلحة الذكية، وانتشار شبكات التجسّس الحديثة، وتطوّر الذكاء الاصطناعي، وشبح الحروب النووية — جميعها عوامل أسهمت في تغيير القيم الإنسانية والاجتماعية والمدنية إلى حدٍّ بعيد. ومع تصاعد هواجس السيطرة بصيغها المعاصرة، بات الإنسان آخر ما يُؤخذ في الاعتبار.
نحن اليوم نعيش في عالم يتغيّر بسرعة، ليس فقط على صعيد التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، بل أيضاً في منظومة المسلّمات وقوانين الصراع. لقد غدت القيم والمفاهيم مثل الإنسانية وحقوق الإنسان، والأيديولوجيات التي تتمحور حول تعزيز كرامة الإنسان، مجرد روايات من الماضي، لا يكترث لها أحد، محفوظة في ذاكرة صغيرة داخل متاحف التاريخ.