المال الاسود يلوث صناديق الاقتراع
هند العميد
في كل دورة انتخابية برلمانية عراقية نشهدها تطفو على السطح ظاهرة مقلقة تهدد نزاهة العملية الانتخابية والديمقراطية وتحرف جوهرها فأن ظاهرة المال السياسي الأسود قضى على التنافس الشريف في البرامج الانتخابية بأفكار بناءة و تحول الى سباق محموم لشراء ذمم الناخبين بشتى الطرق بدءا من توزيع المواد الغذائية والمبردات والبطانيات وصولا الى الدفع النقدي المباشر الذي قد يصل الى خمسمائة الف دينار عراقي لكل صوت هذه الممارسات لاتمثل مجرد مخالفات فردية بل هي سرطان ينخر في جسد العملية السياسية مههدا بتقويض أسس الدولة العراقية وينهب الصوت العراقي الحقيقي الطامح للتغيير الملموس لذا وَجَبَ عليَ كمواطنة عراقية تختص بالشأن السياسي والاقتصادي أن أوضح مدى تأثير هذه الاساليب على مكنون العملية الانتخابية وعلى نفسية وطموح المواطن العراقي وثقته بالعملية نفسها وماينتجه العبث الديمقراطي من نتاج سيء وتبعات على المدى البعيد.
مظاهر العبث الديمقراطي وكيفية احباط الناخبين.
تعددت أوجه شراء الأصوات، وكلها تصب في خانة واحدة وهي تحويل الانتخابات من استحقاق وطني لاختيار الأكفأ والأصلح لتمثيل الشعب، إلى مزاد علني تُباع فيه الأصوات لمن يدفع أكثر. فترى المرشحين، أو من يمثلونهم، يتجولون في الأحياء الفقيرة والمناطق النائية، مستغلين حاجة الناس وعوزهم ,يقدمون وعوداً زائفة، ويوزعون سلالاً غذائية لا تسمن ولا تغني من جوع على المدى الطويل، أو يقدمون مبالغ نقدية تُرى كبارقة أمل قصيرة الأمد في ظل ظروف اقتصادية صعبة. هذه الخدمات "الموسمية لا تعكس رؤية سياسية حقيقية أو برنامج عمل مستدام، بل هي مجرد طعم لاصطياد الأصوات، وتحويل الناخب من مواطن صاحب حق وواجب إلى مجرد رقم يمكن شراؤه وتسلب حق إرادته ويستخدم كأداة لتمرير شعور الاحباط حين يرى الطرف الاخرالجمع ينطق بحرف ولون واحد ويجد نفسه مخالف لجمع يطبق عليهم المثل الشائع الكثرة تغلب الشجاعة ومن هنا يبدأ الناهب لحق المواطن بالانتصار النفسي.
خطورة المال السياسي على العملية الانتحابية.
أن المال السياسي هو السلاح الفتاك المبدئي لتقويض العملية الانتخابية برمتها مع جهل الشارع العراقي باهمية صوته ومن يتضاهر بالدراية والمعرفة يقاطع وهذه نتيجة محبطة ومساعدة للضد مرة أخرى.
1- تشويه الارادة الشعبية: أن الناخب الذي صادر بصوته بمقابل تبادل مصالح طفيفة وقصيرة الامد مع المرشح النيابي صاحب المال السياسي الاسود يذهب الى مراكز الاقتراع بذنب اعادة الوجوه الفاسدة الى الساحة السياسية وتصدر المشهد لاربع سنوات قادمة لهو ذنب يحمله في عنقه من جيل الى جيل اخر لكون من يتسنمون المناصب هم المقدرون بشرعيه لمقدرات وسيادة واقتصاد وسياسة البلد وبذلك هو المساهم الاول بتشجيع الفساد الذي يجعل منه المتضرر الاول والاخير معادلة متناقضة لااعرف متى يعي الناخب المتنازل عن حقه بهذه الحقائق الملموسة في كل دورة انتخابية مرت على العراق منذ عام 2003 والى يومنا الحالي.
2- تكريس الفساد وتدويره: كما شرحت في النقطة السابقة فمن يرضى التعامل مع المرشح المرشي ويتقبل المال السياسي الاسود منه فهو بذلك مشترك بتدوير الفساد والوجوه المكررة.
3- اضعاف المؤسسات والمبادئ الديمقراطية: الاستهداف المبني على الدراية للحاجة ولضعف ثقافة الجمهور الذي يقطن المناطق المستهدفة من الكيانات السياسية التي تحمل بطياتها المال السياسي جعل من هؤولاء المتنازلون اداة لتمرير رسالة الاحباط واليأس الى الجمهور الواعي الذي تضعف قوته مقارنة بالجمهور الجائع حين يكون صوت الجمهور الثاني اقوى ببيعه لحق التصويت لذا يلجأ الجمهور الواعي الى المقاطعة كردة فعل محبطة وهذه مشكلة كبيرة اخرى تضر بالعملية الانتخابية النزيهة التي نطالب بها.
4- تهميش الكفاءات الوطنية:واحدة من أهم الاهداف التي ترنو اليها الكيانات السياسية الفاسدة التي تضمر بين طياتها شخصيات سياسية لاتفقه من السياسية شيئ سوى الصراخ وتبادل الشتائم والتنكيل والتسقيط لمنافسيهم من الاحزات والمكونات الاخرى دون علمية أوخطط استراتيجية حقة يخرجون بها الى العلن لذلك جعلوا من المال السياسي سد حصين امام الكفاءات الوطنية الحقة التي لاتمتلك من المال مايجعلها المنافس الاقوى بالمعادلة أو حتى ينصافهم القوى لكونهم مستقلين لايُدعمون من جهة داخلية أو خارجية وبالنتيجة لاينتخبهم أحد.
5- تراجع أداء البرلمان: المال السياسي المدفوع من قبل رؤساء الكيانات السياسية الى المرشحين هو ليس مال بلامقابل او عطاء من قبل المرشح بعد صعوده الى قبة البرلمان بل هو جندي يأتمر بأمر رئيس الكتلة يصوت بالقبول والرفض كما يملى عليه أي ان المتعاون من المواطنين ببيع اصواتهم جعلوا من البرلمان التشريعي اداة بيد الفاسدين يشرعون ويعدلون ويطالبون على مصالحهم واهواءهم هم لامصالح المواطن والناخب .
كل هذه الافعال السيئة التي تطال العملية الانتخابية التي تجعل منها عملية غير نزيهة يجب أن تعالج بحلول واقعية وملموسة لضمان حق الناخب الوطني الراغب بحفظ حقه التشريعي والتنفيذي بما يضمن حقه كمواطن أصيل يحمل جنسية البلد ويفخر بها لذا واجب على كل مواطن عراقي شريف يريد انهاء المهزلة الحاصلة بكل دورة انتخابية ان ينتخب من يمثله من المرشحين المطروحين الذين لم تثلوث ايديهم لابالمال السياسي ولابشراء صوت الناخبين من ماله الخاص أو تمويه الحقائق للناخبين بتقديم خدمات قصيرة الامد في المدة التي تسبق الدورة الانتخابية وكذلك لمن لايجد من المرشحين من يمثله الذهاب الى قاعات الاقتراع لحذف ورقته الانتخابية حتى لاتستغل من قبل النفوس الضعيفة.