الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هل فشلت قمة بغداد في تجسير الخلافات ؟

بواسطة azzaman

هل فشلت قمة بغداد في تجسير الخلافات ؟

ادهم ابراهيم

 

شهدت القمة العربية الرابعة والثلاثون في بغداد ضعفًا واضحًا في مستوى التمثيل العربي، حيث غاب العديد من قادة الدول العربية، واكتفى البعض الآخر بإرسال ممثلين من مستويات أدنى حتى من وزراء الخارجية. هذا الحضور المتواضع يعكس بوضوح تعقيدات المشهد السياسي العربي والعراقي على حد سواء.

لقد سعت بغداد من خلال هذه القمة إلى تأكيد عودتها إلى الساحة الإقليمية، إلا أن النفوذ الإيراني المستمر وضعف سيطرة الحكومة العراقية على الفصائل المسلحة ألقى بظلاله على هذا الحدث. وكانت زيارة قائد فيلق القدس الإيراني إلى بغداد قبيل ساعات من انعقاد القمة دليلاً على استمرار التدخلات الخارجية في الشأن العراقي.

تمثيل سياسي

كما أن الوضع السوري كان حاضرًا في خلفية المشهد، مع دخول سوريا مرحلة جديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد، مما تسبب في بروز خلافات عربية جديدة ألقت بظلالها على مستوى التمثيل السياسي في القمة.

وعلى الصعيد الدولي، طغت قمة ترامب الخليجية على قمة بغداد، حيث تشابه جدول الأعمال بين القمتين في مناقشة قضايا مثل الحرب في غزة، والأوضاع الاقتصادية، والأزمة السورية، ما جعل من قمة بغداد حدثًا باهتًا مقارنة بالتغطية الإعلامية والدعم السياسي الذي حظيت به القمة الخليجية. إن اخفاق القمة العربية في بغداد لم يكن مجرد انعكاس للنفوذ الإيراني ولتعقيدات الوضع السياسي الداخلي للعراق، بل كان أيضًا مؤشرًا على أزمة أعمق في النظام العربي برمته. فالانقسامات العربية، والتدخلات الإقليمية، وعجز الدول عن بلورة رؤية مشتركة تجاه القضايا المصيرية، كلها عوامل أدت إلى ضعف هذا التجمع العربي.

ومن هنا، فإن الدول العربية تتحمل مسؤولية دعم العراق وتعزيز استقراره كجزء من استقرار المنطقة بأسرها. كما أن عليها إدراك أن ترك العراق يواجه وحده التدخلات الأجنبية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاضطرابات.

لقد كان للحروب والنزاعات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط أثر مدمر على العالم العربي، حيث تبخرت الآمال في مشروع نهضوي قومي، وتعمقت الخلافات السياسية والطائفية، وأصبحت الدول العربية مسرحًا لصراعات النفوذ بين قوى إقليمية ودولية.

مصالح متبادلة

ومع ذلك، فإن هذه التحديات يجب أن تكون دافعًا لإعادة إحياء مفهوم التضامن العربي، ليس كشعار، بل كمنظومة عمل مشتركة تقوم على المصالح المتبادلة والتنسيق السياسي والاقتصادي. وتمتلك الدول العربية موارد هائلة بشرية وطبيعية، وإرثًا حضاريًا وروحيًا غنيًا، مما يمكنها من النهوض إذا ما توفرت الإرادة السياسية.

في ظل هذه الظروف، بات من الضروري إعادة تفعيل الدور الفكري للمؤسسات الثقافية والعلمية، ودعم منظمات المجتمع المدني ورجال الفكر لتعزيز الوعي العربي، في مقابل إخفاق النخب السياسية في بناء مشروع عربي مشترك على مدى عقود.

إن الضعف الذي شهدته القمة العربية في بغداد يجب أن يكون حافزًا لمراجعة السياسات القومية العربية، والبحث عن آليات جديدة لإحياء المشروع القومي العربي، بما يحقق الحد الأدنى من الوحدة والتكامل في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية. وهذا يتطلب قيادة واعية وإرادة شعبية تؤمن بأن التضامن العربي ليس خيارًا بل ضرورة للحفاظ على الهوية والمصالح العربية المشتركة.


مشاهدات 24
الكاتب ادهم ابراهيم
أضيف 2025/05/19 - 3:55 PM
آخر تحديث 2025/05/20 - 2:06 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 275 الشهر 25090 الكلي 11019094
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/5/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير