الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
دعوة لذيذة بطعم الكاجو

بواسطة azzaman

كلام أبيض

دعوة لذيذة بطعم الكاجو

جليل وادي

 

دعوة كريمة لها طعم الكاجو تلقيتها من الحبيبات، وهل بنظركم يمكن أن يُرد للحبيبات طلب؟ أظن من يخالفني الرأي ليس سويا، فكلامهن لا يذهب الى الأذن، بل الى القلب مباشرة، وبذلك ليس أمامي سوى القبول بالرغم من ضيق وقتي وكثرة مشاغلي، وكنت قلبت الدعوة على وجوهها المختلفة، فلم أجد ثغرة يمكن النفاذ منها للاعتذار، فالدعوة مغرية، فضلا عن وجود حاجة في نفسي لمثل هذه الدعوات، فمنذ  مدة لم أتلق دعوة مماثلة، اذ يغلب على الدعوات التي تصلني الطابع الرسمي الذي لا يضيف شيئا لما أبغيه، وان أهدافها اعلامية او مظهرية ليس الا، وعليه غالبا ما أعتذر بذرائع شتى برغم الاحراجات التي أتعرض لها بسبب الاعتذار.

طعم الكاجو الذي تذوقته في دعوة بناتي الحبيبات لحضور فعالية موسيقية غنائية في المسرح الوطني يكمن في ان اختيارهن للفعالية كان موفقا تماما على العكس من اهتمامات الكثير من الشباب الذين تستهويهم الحفلات الغنائية الهابطة التي ليس فيها بحسب التعبير الشعبي سوى (الطربكة)، اما تنمية الذوق الفني فمن الأمور المنسية والتي لم تتجسد حتى في فعاليات الجهات التي تقع تنمية هذا الذوق في صلب مهامها، كما يتمثل هذا الطعم في اختيار المسرح الوطني مكانا لهذه الفعالية التي يقودها الموسيقار اللافت للشباب مصطفى زاير، وهو المسرح الرسمي والأرفع والذي يكاد يكون الوحيد في العراق الملائم لتنظيم فعاليات نوعية من هذا القبيل، وهو ما جرى خلال السنوات الماضية، اذ أقام فيه النجم العالمي عازف العود العراقي نصير شمة حفلة جذابة ومؤثرة، اما المسارح الأخرى وبخاصة في المحافظات فهي بدائية وغير صالحة للأعمال الفنية اطلاقا، ويُعزى عدم الاهتمام بالبنى التحتية للفعاليات الفنية المسرحية والموسيقية والتشكيلية الى ضعف الادراك للدور الذي يؤديه الفن في الحياة، ولا سيما الموسيقى، مثلا: أثبتت جميع الدراسات العلمية ان الاستماع للموسيقى يؤثر ايجابا في الصحة العقلية والعاطفية للانسان، كما انها تقلل من مستويات القلق والاكتئاب مقارنة بالأشخاص الذين لا يستمعون للموسيقى، طبعا هذه بديهيات ومن العيب ذكرها ونحن في الألفية الثالثة، وفي بلد معروف بعمقه الموسيقي، ولعل القيثارة السومرية التي تعد من أقدم الآلات الوترية في التاريخ ، ويعود قدمها الى (4500) سنة قبل الميلاد، خير شاهد على ان الموسيقى والغناء والرقص لصيقة بالانسان العراقي، وان من يحاول ابعاده عن هذه الفنون ستبوء محاولاته بالفشل الذريع.

عموما وصلنا للمسرح الوطني الذي امتلأت مقاعده بالكامل، الا ان هذه الأعداد التي بلغت الآلاف لم تؤثر في انسيابية وصول الجمهور الى مقاعده المحجوزة الكترونيا، فالتنظيم كان محكما وراقيا، بالتأكيد الجوانب الايجابية عديدة، لكن ما لفتني هي الأجواء الحارة داخل المسرح ما افقد الجمهور متعة الاستماع والمشاهدة، وبما ان مقعدي كان جانبيا فان الشاشات التي وضعت على جانبي مقدمة المسرح حجبت جزءا كبيرا من خشبته، فكنت أرى نصف الفرقة الموسيقية وليس كلها، والأغرب والذي يفترض ان لا يحدث ان الفعالية تأخرت نصف ساعة عن موعدها المقرر. ومع ان الفرقة كانت رائعة في أدائها وفي تنوع فعالياتها، الا ان بعض فقراتها تناغمت مع ما يريده الشارع، بينما نريد الارتقاء بثقافة الشارع وذوقه الى ما نريده نحن، (فالشباك عاوز كده) كما يقول المصريون ليس من نتائجه سوى الهبوط بالذوق الفني.

كما لفتني الجمهور الكبير الذي حضر الفعالية والذي كان عائليا في غالبه، ورأيت فيه جيل الستينيات، فالأناقة كانت واضحة على الذكور والاناث شيوخا وشبابا، مع ان لا شروط ملزمة للجمهور كما هي الحال في دخول الأوبرا المصرية التي تشترط التحلي بالقيافة اللائقة، ويذكرني هذا بمشروع بناية الاوبرا العراقية التي يقف في طريقها من رأى فيها عورة، لكنه لم يستح من سرقة المليارات في وضح النهار، شكرت بناتي على السعادة التي غمرتني، فالموسيقى والكاجو يا جماعة: كلاهما يحسن وظائف الدماغ.

 

jwhj1963@yahoo.com

 


مشاهدات 203
الكاتب جليل وادي
أضيف 2025/05/10 - 1:22 PM
آخر تحديث 2025/07/08 - 1:56 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 570 الشهر 4735 الكلي 11158347
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/7/8 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير