الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الشهداء يعودون هذا الاسبوع

بواسطة azzaman

الشهداء يعودون هذا الاسبوع

عمار طاهر

 

صور مئات الشهداء يطالعها المرء وهو يقطع الطريق عابرا بين المدن.. شباب ورجال يخيل للرائي انها تبتسم بدمعة،  فيتوقف ويمعن النظر وهو يتنهد بحزن عميق، ليرى وجه مراهق غض لم يذق طعم الحياة ، او كهل وقور، تكلل راسه بالمشيب،  ثم تمضي السيارة مسرعة لتدور الصور في مشهد كانه بلا نهاية.. من يدقق جيدا يسمعها تنادي بصوت مبحوح.. تسال عن الاهل والزوجة والولد.ماذا لوعاد الشهداء هذا الاسبوع كما في رواية الجزائري الطاهر وطار، ربما عليها اولا ان تثبت بالادلة انها على قيد الحياة في دوائر البطاقة الموحدة، وتبحث عن عمل في وظائف مستحيلة، وتدور في الخرائب بين العشوائيات لتجد ان سكنها الوحيد من الطين والصفيح قد جرف، بداعي التجاوز على اراضي البلدية.الاولاد في التقاطعات يبيعون الماء للمارة، والام تتشح بالسواد لما تبقى من العمر، يلفها الاسى بعد ان فقدت المعيل والسند، جاهدت على مدى أعوام لتكحل عينيها بالولد، سكنت المستشفيات، وانفقت كل مدخراتها على الأطباء، نذرت النذور، وسارت حافية نحو الاضرحة المقدسة، وعندما تحول الرجاء الى يأس.. رزقها الله بالبشرى، كانت تضعه بين ضلوعها، تخشى عليه العين والحسد، ارسلته ذات صباح الى الجبهات.. فعاد لها برصاصة قاتلة، اخترقت الجمجمة، ونفذت الى الدماغ.شاهدتها بأم عيني في وادي السلام، لم يخبرن عنها أحد.. تفترش الأرض، تضع راسها على قبر وحيدها.. تناجيه بكلمات تمزق القلب والوجدان، ماقيها ذرفت كل ما فيها، فغدت محاجرها غائرة، وشفتاها ذابلة من فرط الانين والوجع... ما تبقى منها شبح امرأة تنتظر قدوم الموت، لتلتحق بولدها شاكية باكية. عوائل الشهداء امانه في رقاب الشرفاء، فالخلود لا بالصور الشاخصة، او المراثي الحزينة، بل في العيش الكريم.. طوبى لمن يرسم البسمة على شفاه ذابلة ، وأجساد هدها المرض بعد ان انحنت وهي تحمل على كاهلها ثقل الامانة، ضحت في مواقف لا نفاق فيها ولا دجل، فهم مهمشون ويأسون بعد ان اصبح العوز ضيف دائم يأبى المغادرة ، مهما تبدلت الوجوه او كثرت الوعود. لا تمنوا عليهم ولا تحولوا أبناء الشهداء إلى أيتام على مآدب اللئام، لا تحولوا الدم إلى ماء، واتركوا أكاليل الورد في المناسبات العامة، فالزهور لا تسد الرمق، وليست له جدوى الخبز، اما الجرحى والمصابون والمعاقون فليسوا بحاجة الى تزكية من أحد، لأنهم شهداء أحياء، أخطأهم الموت فعاشوا بلا حياة، منهم من فقد البصر، ومنهم من ضاعت اطرافه، فلا تجعلوا كراسيهم ندبة سوداء في جبين.. تاريخ لا يرحم.

 


مشاهدات 24
الكاتب عمار طاهر
أضيف 2025/05/10 - 12:46 AM
آخر تحديث 2025/05/10 - 2:42 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 224 الشهر 11473 الكلي 11005477
الوقت الآن
السبت 2025/5/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير