أحب سمائنا
حسين وناس الخزاعي
إن شغف الإنسان بالنظر إلى السماء ومحاولة سبر أغوارها ليس وليد اللحظة، بل هو جزء أصيل من طبيعته الفضولية الباحثة عن المعرفة. فلطالما كانت سماؤنا، بكل ما تحويه من جمال النجوم والقمر والشمس، مصدر إلهام وتساؤلات عميقة حول الكون ومكوناته. ومع التقدم التكنولوجي المذهل الذي نشهده اليوم، والذي يفتح آفاقاً غير مسبوقة لاستكشاف الفضاء، يزداد هذا الشغف حدة وتتحول الأحلام إلى احتمالات واقعية.
ولهذا يتبادر إلى الأذهان تصور لمستقبل بعيد، ربما يتمكن فيه الإنسان من تحقيق اختراق نوعي والوصول إلى عوالم أخرى، وربما حتى مقابلة أشكال حياة مختلفة. وفي خضم هذا التصور الطموح، تطرح رؤية مستقبلية سيناريو معقداً ومثيراً للقلق. ففي عقب التطورات الهائلة والتقدم التكنلوجي الذي يصل له الإنسان وبكل رغباته بالإنفتاح على الفضاء ومكنوناته، عندئذ يتمكن الإنسان من الوصول الى سكان ومخلوقات السماء الثانية..فبدلًا من الانسجام والتعاون المتوقع مع سكان ما يُفترض أنها “السماء الثانية”، ينشأ تصور لحدوث صدام وصراع.
تُشير الرؤية إلى أن الإنسان، مدفوعاً بدوافع غير واضحة ومبهمة، يسعى إلى إقامة تحالف مع عالم الجن، تلك الكائنات التي لطالما ارتبطت في المخيال الشعبي بعوالم خفية وقوى خارقة. ويهدف هذا التحالف المشترك إلى شن هجوم على سكان الفضاء الآخرين. ويبقى السؤال المحوري بلا إجابة واضحة، ما الأسباب التي قد تدفع الإنسان والجن إلى هذا العداء غير معروف تجاه المخلوقات الفضائية؟
تتصاعد حدة هذا السيناريو بتوقع نشوب معركة ضروس بين الطرفين، لتنتهي بهزيمة مُرة للإنسان والجن فلا ينتصران. ويُعزى هذا الفشل إلى افتقارهم لقوة النيران والسلاح المتطور الذي يمتلكه سكان الفضاء. ويُضيف التصور بُعداً آخر من التعقيد، حيث يُقال إن طبيعة هؤلاء السكان الفضائيين تتراوح بين ما يشبه الإنسان في بعض جوانبه، وبينما يراه البعض الآخر أقرب إلى طبيعة الجن، وهو اعتقاد سائد عبر العصور حول طبيعة الكائنات التي قد تقطن عوالم أخرى.
إن هذه الرؤية المستقبلية، وإن بدت خيالية في ظاهرها، تحمل في طياتها تأملات عميقة حول طبيعة الإنسان، وطموحاته، ومخاوفه من المجهول. كما أنها تثير تساؤلات حول احتمالات لقاء حضارات مختلفة، والتحديات الأخلاقية والوجودية التي قد تنجم عن مثل هذه اللقاءات. ويبقى الأمل معقوداً على أن تحمل لنا الاكتشافات المستقبلية فهماً أعمق للكون ولأشكال الحياة المحتملة فيه، وأن يسود التعاون والتفاهم بدلًا من الصراع والعداء في أي لقاء مُحتمل بين عوالمنا.