الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
 3 مايس اليوم العالمي لحرية الصحافة

بواسطة azzaman

مبادئ راسخة وواقع هش

 3 مايس اليوم العالمي لحرية الصحافة

حامد محمد على

 

في 20/12/1993 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة (3مايس) يوماً عالميا لحرية الصحافة وذلك على اثر توصية مقدمة اليها من المؤتمر العام لمنظمة (يونسكو) في (3مايس 1991) والذي اعتبر الرقابة على الصحافة خرقا سافرا لحقوق الانسان..

ومنذ ذلك الحين اتخذ هذا اليوم مناسبة عالمية للاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتقييم هذه الحرية وأبعادها، والدفاع عن الوسائل الإعلامية أمام الهجمات والضغوط التي تشن على استقلاليتها.. وهذه المناسبة أيضا فرصة للتعبير عن الإجلال للصحفيين الشهداء أثناء واجبهم المهني.. كما ان هذا اليوم مناسبة لتأمل الصحفيين في قضيتي حرية الصحافة واخلاقيات المهنة.. في عام (2008) أتخذ لهذه المناسبة شعار (الحصول على المعلومات وتمكين الشعوب) وذلك لما له من أهمية في ترسيخ حرية الصحافة وتمكين الشعوب لمعرفة حقوقها وواجباتها وبالتالي معرفة دورها في التغيير.. فالحصول على المعلومات من العناصر الأساسية لحرية الصحافة والإعلام، حيث هناك مقولة تقول (لا حرية دون معلومات) فلو حجبت المعلومات عن القنوات الإعلامية لفقدت حيويتها وأصبحت كاسدة..

لاشك ان هذا الاهتمام من جانب المنظمة الدولية بحرية الصحافة وتخصيص يوم لها، إنما يأتي من إيمانها بأهمية هذه الحرية للفرد والمجتمع، فبالنسبة للفرد فهي وسيلة للتعبير عن ذاته وارائه واتجاهاته السياسية والفكرية..

وسيلة اصلاح

أما بالنسبة للمجتمع فهي وسيلة اصلاح تساهم في تقدمه وتطوره..

وحرية الصحافة بحق هي الاساس الذي يقاس بموجبه كافة الحقوق الديمقراطية. ونظرا لكل هذه الأهمية فان الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) يقول في نداء اطلقه للعالم بمناسبة 3مايس عام 2008 (ان الهجمات على حرية الصحافة، هي هجمات ضد القانون الدولي وضد الانسانية وضد الحرية ذاتها وضد كل ما تمثله الأمم المتحدة).

ولابد من التذكير هنا بأن وجود مؤسسات مدنية تتميز بالنضج والرشد، مثل نظام قضائي فعال وإطار عمل حكومي شفاف وخالٍ من الفساد مهم جدا للوصول الى تحقيق الحرية المنشودة، حيث يقول البروفيسور الراحل (وليام وو) الخبير في اخلاقيات المهنة (انه من الصعب وجود وسائل اعلام مستقلة دون وجود مؤسسات تكميلية لمهمتها) وهو يرى ان دعم وسائل الاعلام المستقلة والحرة لابد ان يكون مرتبطا بجهود أوسع نطاقا لدعم الديمقراطية ودور القانون وحقوق الانسان..

ولابد من التذكير بأن حرية الصحافة قد تأثرت بظهور (شبكه الانترنيت وسوشيال ميديا) كنوع جديد متطور ومتميز من وسائل الاعلام والذي يصعب احتوائه وفرض الرقابة عليه... كما تأثرت  حرية الصحافة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 والحرب ضد الإرهاب والحرب على العراق وأفغانستان و كذلك الحرب على غزة وتداعيات كل هذه الاحداث.. التي أثبتت بأن حرية التعبير والصحافة-رغم كونها حق أساسي من حقوق الإنسان-حق نسبي وليس مطلقا..

وقد جاء في وثائق فاتيكان غداة نشر الرسوم الكاريكاتورية المهينة  للرسول (محمد) صلى الله عليه وسلم (ان حرية التعبير لا تعني انتهاك المعتقدات الدينية)، كما ان قوانين الصحافة والاعلام في اكثر دول العالم تضع حدودا لهذه الحرية، وذلك وفق القاعدة التي تقول: (أنت حر مالم تضر) فمسالة الخصوصيات والأديان وبعض الأسرار العسكرية والاقتصادية ومسائل حساسة اخرى تتعلق بالأمن القومي التي ينص عليها القانون ، تعد من المحظورات في كثير من البلدان... ولكن مع ذلك نستطيع ان نحدد  مجموعة من العناصر اوالملامح الأساسية لحرية الصحافة كما يلي:

1- التعددية الصحافية وحق كل فرد او هيئة او جماعة في تملك وسائل الاعلام

2- انعدام القيود القانونية وحق الحصول على المعلومات

3- عدم خضوع الصحافة والإعلام لقيود أو رقابة قبلية

4- عدم اعتقال أو سجن الصحفي بسبب ممارسته المهنة

5- عدم مضايقة أو اكراه الصحفي للكشف عن مصادر معلوماته

6-ضمان السلامة المهنية للاعلاميين وتهيئة البيئة الآمنة للعمل الصحفي

واقع الحريات

ولو قمنا باستقراء واقع العمل الصحفي في عالمنا عموما والعالم الثالث على وجه خاص ،  لرأينا ان واقع الحريات الصحفية لازال بعيدا الى حد كبير عن تلك المبادئ الراسخة.. فلو طبقنا العناصر السالفة على واقع تلك الحريات ، لوجدنا ان هناك بلدانا تخلو من جميع  او الكثير من تلك العناصر ولازالت الدولة وحدها هي القابضة على وسائل الإعلام ولا تسمح للأفراد والهيئات من تملكها، وان وجدت فإنها خاضعة لرقابة قبلية او لقيود قانونية صارمة لا تسمح بالوصول الى المعلومات.. وفي بلدان أخرى  توجد تعددية صحافية ولكن ليست هناك ضمانات حقيقية لترسيخ ممارسة حرية الصحافة، بل يتعرض الصحفيون الى ضغوطات ومضايقات عديدة من السلطات لإجبارهم على كشف مصادر النزر اليسير من المعلومات التي يحصلون عليها والتي تتعلق بالفساد والاداء الحكومي السيئ...

وفي بعض البلدان يتعرض الصحفيون الى مخاطر تهدد حياتهم وذلك بسبب سوء الأوضاع الأمنية والفوضى السياسية التي يعاني منها البلد...

ولو قمنا بتقييم مختصر لواقع الحريات الصحفية في اقليم كوردستان العراق وذلك على ضوء تلك العناصر، لوجدنا ان التعددية الصحافية وحق الجميع في اصدار الصحف وانشاء المؤسسات الإعلامية مكفول وفق القوانين الصادرة في الاقليم ومنها قانون رقم (10) لسنة 1993 المعروف بقانون المطبوعات وقانون رقم (17) لسنة 1993 ايضا والمعروف بقانون الأحزاب،وقانون رقم 3لسنة 1998 المعدل، وهو قانون نقابة صحفيي كوردستان وقانون العمل الصحفي المعروف بقانون  رقم (35) لسنة 2007 والمعدل في 22/9/2008، واخيرا قانون رقم 11 لسنة 2013 المعروف بقانون حق الحصول على المعلومات.. حيث ان هذه القوانين وبالأخص قانون رقم 35 منحت الصحفيين حق الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة، وحصرت عقوبة جرائم النشر في (الغرامات) فقط، ونصت على منع مضايقة واكراه الصحفي للكشف عن مصادر معلوماته.. وبهذا أصبحت لحرية الصحافة (ضمانات تشريعية) في الإقليم..

 ولكن الذي يؤلم هوعدم تطبيق مواد و بنود هذه القوانين كما هي ، من جانب السلطات المعنية على ارض الواقع، وعدم اخذها بنظر الاعتبارفي كثير من الاحيان .حيث لازال الصحفيون هنا وهناك ، يتعرضون للمضايقات والمنع احيانا ، وتحجب عنهم المعلومات الضرورية التي يحتاجونها لصياغة تقاريرهم وتحقيقاتهم الصحفية ، بل و يتعرضون للتهديد في احيان اخرى ، كما هو مدون في التقارير الدورية التي تصدرها نقابة صحفيي كوردستان والمنظمات المعنية ، والتي تتضمن اشكالا من سوء المعاملات مع الصحفيين الميدانيين ، والتي ان دلت على شيء ، فانما تدل على عدم احترام حرية التعبير وضعف الوعي لدى الاجهزة الامنية وعدم المعرفة التامة بدور الصحفي ومهامه في المجتمع وحقه في ممارسة مهنته في اجواء الحرية والامان ..  


مشاهدات 50
الكاتب حامد محمد على
أضيف 2025/05/03 - 12:39 AM
آخر تحديث 2025/05/04 - 5:09 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 447 الشهر 4014 الكلي 10998018
الوقت الآن
الأحد 2025/5/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير