الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
خطوات الحلي الأولى تنطلق بالتسجيل على أشرطة الكاسيت

بواسطة azzaman

خطوات الحلي الأولى تنطلق بالتسجيل على أشرطة الكاسيت

 

بابل -  كاظـم بهَـيًـة

لا يختلف اثنان على ان هناك اسماء لامعة في تاريخ الغناء العراقي الاصيل ،لن تمحوها ذاكرة الزمن  قط ، حتى حفرت اخاديدها في قلبه ،والمطرب الراحل سعدي الحلي ، أحد  تلك الاسماء  الذي غيبه الموت يوم   23  نيسان 2005  ، حتى سكت صوته وهجع قلبه من المرض والمعاناة الذي عانى منها طويلا ،ففي هذه الأيام حلت ذكرى رحيله، ويعد الحلي  فارس الأغنية الشعبية وحاديها ..الصوت الذي عشقه كل الناس وأشهر صوت يعرفه القاصي والداني .. (هذا النواح منذ سومر وأكد، استطاع  ان يفلتره سعدي الحلي ويصفيه ويعالج به اوجاع العراقيين ، سعدي الحلي كان طبيبا نفسيا للجنود وهم يقتلون في الخنادق والربايا وهم يدافعون عن الوطن وهم يسمعون صوت سعدي الحلي)  هكذا وصفه  الشاعر موفق محمد في حديثه عن المطرب الحلي.

بدأ الحلي ، رحلته منتصف الخمسينات عندما كانت الحلة حافلة بالنشاط الفني بالرغم من طابعها الاجتماعي والديني، برز ذلك الشاب الهاوي  للغناء وأكثر شهرة من زملائه أهل الطرب في تلك الحقبة ،بعدها وبمثابرته وذكائه انتقل إلى احتراف الغناء من خلال تسجيله الجلسات الخاصة في سراديب وبساتين الحلة الخلابه على أشرطة الكاسيت ، من خلال صديقيه الحميمين عباس مهدي الوادي والشاعر  الملا محمد علي القصاب الحلي.

 تألق نجمه بعد ان اختط  لنفسه أسلوبا صادقا ، حتى شد الرحال ورسا في مرساه الأخير في العاصمة بغداد ، اذ انصرف لتسجيل الكاسيت واحياء الحفلات الخاصة والمناسبات العائلية من خلال أغنيات يقوم بتلحينها بنفسه وبتعاون مع الشاعر القصاب ،مما جعله يستعين بالحان معروفه يخضعها لمضامين جديدة ، لكونه لم يحصل على لحن فاضطر الى تلحين  بعض الاغاني بنفسه، وهذا الابداع معروف عند الملا القصاب وقد نجح في هذه المحاولة فتألق سعدي الحلي عند اغلب الاغاني مثل : (الاحبه راح ماجاني / حبيبي امك / النار النار ولله ياعلي / يعيني عاين اركاب / غيبي ياشمس غيبي /ابتلينا باليروحون ويردون / تانيتك شوماجيت / اطلب الانصاف /بوسه من وجنتك انته ومروتك / شافنه وسد بابه/وانا وحيد /سمله من الزعل تزعل عليه /هاي تاليها / فتح القداح ) والقائمة تطول . و الحلي لم يستفد من فرصة لانتشاره عبر الاذاعة منذ البدء ،فهو حاول التسجيل فيها ،ولكن  لم يجد من يهتم به، كانت الابواب موصده بوجهه، لكن جهود الفنان الراحل حقي الشبلي هي التي انتشلته ودفعته الى امام من خلال تعيينه في الفرقة القومية الشعبية ليأخذ  دوره في هذه المسيرة الغنائية وليحذو حذو الفنانين المبدعين في تلك الفترة ، لكونه يمتلك صوت جدير بالغناء ، سيما وقد تعامل منذ البدء مع كبار الشعراء غنى قصائد ملا منفي والملا محمد علي القصاب وكاظم الرويعي وناظم السماوي وهادي العكايشي وكاظم الركابي وقاسم عبيد   وابوذيات عبد الحسين ابوشبع وعبد الصاحب عبيد الحلي، وتألق في سماء الالحان الجميلة ليطربنا من أنامل كبار الملحنين في سبعينات القرن الماضي فكان نصيبه من محمد جواد اموري (يمته الكاك) ومن محمد نوشي( ليلة ويوم وعشك اخضر) ومن محمد عبد المحسن (مسافات السفر ) ومن قاسم عبيد (كله منك ) الذي كتبها ولحنها ،واستمر معه كثير من الملحنين امثال: ياسين الراوي  وجاسم العرباوي وجابر محمد العتابي وصباح زياره وعلي بدر وغيرهم من المبدعين .فالحلي فنان كبير غنى أحلى الأطوار والمقامات ،كان يميل الى الشجن واخذ عنه كثير من المطربين حتى اصبح رائدا لهم، فهو يعد مدرسة متكاملة لايضاهيه احد في غنائه ، احتلت أغانيه شهرة عربية واسعة ونالت اعجاب كبار الفنانين العرب في مقدمتهم الموسيقار الكبير فريد الأطرش والمطربة سميرة توفيق والشاعر العربي نزار قباني عندما سمعه يغني وقف احتراما للغناء العراقي الأصيل ،وقال بالحرف الواحد :(هذا الغناء يقام له ولايقعد )، على حد قول المطرب الحلي في حواره مع الزميل سامر المشعل .فهو فنان قدير ، يعرف كيف يتعامل مع افضل شعراء الأغنية والقصيدة الشعبية ويختار النص الذي يتلاءم مع قدرته الأدائية ، فكان أكثر المطربين اعتناءً بمضامين الأغنية فمن هذا استهوى العشاق أغانيه الجميلة ، والحب الذي غمروه به من خلال ادائه للون الغنائي الفريد من نوعه حتى اصبح رائدا للأغنية الشعبية العراقية، وأشهر صوت عرفه العراق من شماله حتى جنوبه واشتهر وذاع صيته في ارجاء الوطن الكبير حتى احتلت أغنياته مكانه مهمة بين مطربيه والجمهور العربي من خلال مشاركته في العديد من المهرجانات الغنائية في سوريا ومصر وبيروت وعمان  ودول الخليج كالكويت والبحرين وقطر  وغيرها من البلدان العربية الأخرى .

واخيرا لابد من القول : رغم كل الألم والمعاناة والأزمة النفسية التي تمثلت بفقدان زوجته وابنه البكر (خالد ) وبتر ساقه ،بقي الحلي سعدي ينشد أجمل الأغاني وبنفس الروحية لا بل اكثر حلاوة وحزن عما كان عليها في بداية مشواره ، الحلي رحل لكنه حاضر بيننا ،وأغانيه الشجية لن ترحل


مشاهدات 69
أضيف 2025/04/29 - 2:21 PM
آخر تحديث 2025/04/30 - 8:11 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 406 الشهر 32488 الكلي 10913135
الوقت الآن
الأربعاء 2025/4/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير