الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الرحّال يطوّر رؤية فنية ترّتكز على تقاليد بلاد الرافدين

بواسطة azzaman

الرحّال يطوّر رؤية فنية ترّتكز على تقاليد بلاد الرافدين

بغداد - جواد الرميثي

ولد الرسام والنحات خالد الرحال في بغداد عام 1926 لعائلة فقيرة، ونشأ في شَوارع بغداد وأزِقتها التي أصبحت ذات تأثير مَهم على حياته وفنه . كان مُراقِباً شَديدًا للحياة اليومية في العراق، وزائرًا منتظمًا للمُتحف العراقي الذي تأسس عام 1939، حيث أبدى اهتمامًا كبيًرا بمًنحوتات حَضارت بِلاد الرافدين، حتى قبل أن يدرسَ الفن أكاديميًا، طوّر الرحال رؤية فنية ناضِجة ترتكز على تقاليد فن حَضارة بِلاد الرافدين.

طوال الأربعينات من القرن الماضي، احتفظ الرحال باستوديو في الحي التَجاري في بَغداد، حيث يصنع ويبيع تماثيل نصفية للعاهل العراقي وأعمال أخرى، وكلها كانت تَحظى بشَعبية كبيرة لدى الجُمهور. وصف الفنان العراقي جبرا إبراهيم جبرا زيارته لاستوديو الرحال بالعبارات التالية (لن أنسى أبدًا كيف في إحدى الأمسيات في عام 1948 ، أخذني إلى غُرفة صَغيرة رثة في مَنزل صَغير رثْ في أحد أقدم أحياء بغداد، حيث جَلسنا على عجلة من أمرنا على حَصيرة، ثُمَ أخرجَ مثل الساحر، كومة من أجمل الرسومات، وكثير منها كانت دراسات لنَحته، كانت في الغالِب رسومات لنِساء في الحَمامات العامة، أو الرقص الشرقي أو ممارسة الحب، كلها سمينة، مُمتلئة الجَسد، تَهتز بقوة الحياة).

في نِهاية الحرب، كان الرحال في ذلك الوقت في أوائل العشرينات من عمره، جزءًا من مَجموعة صغيرة من الفنانين المحليين الموهوبين الذين حصلوا على منح دراسية لدراسة الفن في معهد الفنون الجميلة في بغداد أو في الخارج إما في باريس أو روما.

تلقى الرحال أول تَعليم رسمي له في معهد الفنون الجميلة ببغداد- قسم النحت ، تحت إشراف النحات العراقي الكَبير جواد سليم، وتخرج في العام 1947. مثل العَديد من مُعاصريه، بدأ الرحال بالعمل في المُتحف العراقي تحت إشراف مدير الآثار ناجي الأصيل في الخمسينات، حيث كان يعمل في صناعة نُسخ طبق الأصل من القطع الفنية العراقية القديمة. خلال هذه الفترة، كُلف بإعادة إنتاج تمثال نصفي للملكة السومرية شبعاد، ألبسها المُجوهرات الملكية من مقبرة أور. عُرض التمثال النصفي للجمهور في المُتحف، حيث أصبح صورة رمزية لماضي العراق السومري، وتم بيع النُسخ المُقلدة للتمثال النصفي في المنافذ السياحية وأصبح شكل التمثال أحد أكثر الصور استنساخًا في الفن العراقي، حيث تم استخدامه على البطاقات البريدية والمُلصقات والهدايا التذكارية وفي الفن الشعبي .في العام 1953، انضم الرحال إلى جمَاعة بَغداد للفن الحَديث التي تأسست عام 1951 على يد صَديقه ومُعلمه جواد سليم، إلى جانب الفنان والمفكر شاكر حسن آل سعيد.

سعت المَجموعة ، والتي سيكون لها تأثير بعيد المدى على الفن العراقي ، إلى سد الفجوة بين الحداثة والتقاليد ، من خلال تطوير جمالية فنية عراقية مُميزة تَستخدم التقنيات الحَديثة ، وفي نفس الوقت تُشير إلى تُراثها وتقاليدها القديمة .شاكر آل سعيد ، قائد المجموعة، روّج لفكرة (التماس الإلهام من التقاليد) . كان الرحال من أشد المُعجبين بجواد سليم وملتزمًا بَمُثله .في أوائل الستينيات ، حصل على منُحة دراسية أخرى للدراسة في أكاديمية الفنون الجميلة في روما ، ما عرّفه على أساسيات النَحت الأوروبي . حصل على ماجستير في الفنون الجميلة عام 1964. مكث في روما طوال مُعظم الستينيات ، وأنتج العَديد من الأعمال العامة لمَدينة روما .

 صَمَمَ العَديد من المَعالم الأثرية لإحياء ذكرى الشَخصيات العِراقية التاريخية بما في ذلك:  الخَليفة أبو جَعفر المنصور ، وعبد الكريم قاسم ، ونفذ أيضًا مَنحوتات لأشخاص عاديين مثل الشقاوية (لَقب للفَتاة العَربية مِن جَنوب العِراق) وتِمثال الامومة في حَديقة الامة. في العام 1973 تم تكليفه بتَصميم نافورة من البرونز تروي مُعظم تاريخ العِراق عُرفت بنَصب المَسيرة.كما قام بعمل نَصب للجُندي المَجهول وسيوف القادِسية ، المعروف باسم (قَوس النصر) ، وكِلاهما يَقعان في ساحة الاحتفالات الكبرى .اكتمل بناء النصب التذكاري للجندي المجهول في عام 1982، لكن قوس النصر كان آخر عمل للرحال وتوفي قبل اكتماله وتَرك َصديقه ومُساعده محمد غني حكمت لإنهاء ألعَمل .

وصِف الرحال بأنه (النَحات العِراقي الأكثر مَوهِبة) ، ووصف خِالد القشتيان من المركز الثقافي العراقي بلندن الرحال ومُعلمه جواد سليم بأنهما (رَكيزتي الفَن العِراقي الحَديث) .

تأثرت أعمال الرحال بمَنحوتات حضارة بِلاد الرافدين ، لا سيما تماثيل بابل وآشور ، ومن السمات المُميزة لتماثيلها النصفية ومنحوتاتها أنها تتمتع بنفس بُنية ومَلامح الوجه مثل سُكان العِراق الحاليين .

بالنِسبة للنَحت ، كان يَعمل بشكل أساسي على الخَشب والجص والبرونز . خِلال حَياته ، أنتج مَجموعة من الأعمال على نِطاق واِسع ، ومع ذلك ، لم تنج جَميع أعمال الرحال الضَخمة من الحُروب والثَورات الُمختلفة التي حَلت بالعراق .عند احتلال العراق عام 2003 ، تم نَهب العَديد من أعماله التي كانَت مَوجودة في المُتحف الوطني للفن الحديث .

توفي خالِد الرَحال في بَغداد عام 1987 ودُفِنَ بِجانِب نَصب الجُدي المَجهول .


مشاهدات 46
أضيف 2025/04/25 - 6:01 PM
آخر تحديث 2025/04/26 - 11:32 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 644 الشهر 28111 الكلي 10908758
الوقت الآن
السبت 2025/4/26 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير