الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أوزفالد شبنغلر مفكر ألماني يتنبأ بنهاية الغرب

بواسطة azzaman

أوزفالد شبنغلر مفكر ألماني يتنبأ بنهاية الغرب

ضرغام الدباغ

 

منذ ثلاثينات القرن العشرين، في هذا الوقت المبكر للثورة الصناعية ومنجزاتها الإنسانية منها، والمعادية للإنسانية على حد السواء، كتب كثير من الفلاسفة والمفكرين والكتاب، أعمالاً ممتازة تنبأوا فيها عن أفول الحضارة الغربية، ولدي فولدرات تحتوي على الكثير جداً من تلك الأعمال التي تناولها كل كاتب من زاوية رؤيته، ولكن بنفس النتائج، هي أن الحضارة تسير لقدرها بالاضمحلال، وقد كتبت شخصياً من خلال عملية تطوير الوعي الشخصي، منذ الستينات وصولاً إلى أواخر القرن العشرين، وفي عصرنا الحالي، حيث تشتد التهديدات النووية، وحين تنفجر أول قنبلة نووية(بصرف النظر أين ستنفجر) تكون عملية الأفول قد بدأت فعلاً.

وأدلى فنانون: سينمائيون، وكتاب رواية، وتشكيليون، عن رؤيتهم لعصر الشتاء النووي، وبعضهم تخيله وكأنه أمامه فعلاً وحقاً، وذلك بسبب أن الإنسان يبالغ في القسوة والوحشية وغريزة التهديم والتحطيم والتدمير كما زادت منجزاته الحضارية ..!، وأنغمس علماء بيئة في التصور، فقدر الكثيرون إن العودة إلى الحياة البدائية والعيش ليس في الكهوف، بل في خرائب المدن، وسط دمار سامل سيعود بالعالم إلى العصور البدائية خلال بضعة عقود، فستنمو الأشجار في الشوارع/ الأوتوستراد، والمطارات، وتدمر العواصف البحرية الموانئ، وحيث لا طاقة كهربائية لتدوير المصانع . تجمعات بشرية بالالاف في كل قارة، سيعيدون تشييد حضارة جديدة. كما في كل مرة عبر التاريخ.

يري اوزفالد شبنغلر (Spengler) ، وهو فيلسوف الماني 1880- 1936 ، ان الحضارات كائنات تاريخية حية شانها شان الكائنات العضوية الحية، لها سياق واحد تسير عليه ودورة متشابهة تمر بها، فكما ان للكائن العضوي مولده وطفولته وشبابه ونضجه وشيخوخته، فان للحضارات مثل ذلك ، وبخصوص ولادة الحضارات ونشوئها يقول شبنغلر :

تولد الحضارات في اللحظة التي تستيقظ فيها روح كبيرة وتنفصل عن الحالة الروحية الاولية للطفولة الانسانية الابدية، كما تنفصل الصورة عما ليس له صورة، وكما ينبثق الحد والفناء من اللامحدود والبقاء . . وتموت الحضارة حينما تكون الروح قد حققت جميع ما بها من امكانات وعلي هيئة شعوب ولغات ومذاهب دينية وفنون ودول وعلوم ومن ثم تعود الحالة الروحية الاولية “ .

والذي نلاحظه في نظرية شبنغلر ان التشابه الذي اقامه بين الحضارات والكائنات العضوية لا يتفق وطبيعة اطراف المقارنة، فتطور الحضارات يختلف عن مراحل نمو الكائنات العضوية لاختلاف طبيعتيهما، فبينما تكون الحضارات صنيعة الانسان وثمرة جهوده الممثلة بمفاهيمه وافكاره وقوانينه وانظمته مضافا اليها عند بعض الباحثين المستوي المادي الذي حققه الانسان في مجتمعه نتيجة درجة تجهيزه التكنولوجي ، فان الكائنات العضوية ذات طبيعة فسيولوجية حية مختلفه وما الضعف والقوة ثم الضعف الذي رآه شبنغلر نسقا متشابها بين الحضارات والكائنات العضوية في تطورها الا تشابها ظاهريا لا ينفذ الي الاعماق ، وقد ادي اعتقاد شبنغلر بوجود التشابه بين الحضارات والكائنات الي اعتماد الروح في تفسير نشوء الحضارة ، وجاء تفسيره لنشوء الحضارة غامضا غموض المعرفة الانسانية بطبيعة الروح من جهة وغموض حل مشكلة الوجود عند شبنغلر من جهة اخري

وفي وسط هذا الزخم الثقافي الألماني، ولد أوسفالد شبنغلر في مدينة بلاكنبورغ، وذلك في شهر أيار سنة 1880. وحين شبّ درس العلوم الطبيعية في جامعة برلين. وبعد تخرجه رحل إلى مدينة ميونيخ ليعيش بقية عمره في القراءة والكتابة، معزولاً، أو معتزلاً الناس، ومنقطعاً للبحث والتنقيب، حتى مات في شهر أيار، سنة 1936. وقد ترك مجموعة من المؤلفات أبرزها انهيار الغرب الذي قُرئ كثيراً في أوروبا وأميركا، والذي تُرجِم إلى عدة لغات، من بينها اللغة العربية.

مذهب اشبنغلر

لعل في ميسور كل من قرأ الكتاب بأناة أن يلاحظ ما فحواه أن شبنغلر شديد التأثر بنيتشه، بل لا أبالغ إذا ما قلت بأنه ضحية نيتشه الذي يعبد القوة، والذي من شأن أفكاره أن تعبد المحاربين، أو الطبقة التي تسمى عادة بطبقة النبلاء. ففي عقيدة شبنغلر أن الحضارة من شأنها أن تتدهور حين تنحط طبقة النبلاء. ولما كانت هذه الطبقة قد انحطت بعد الثورة الفرنسية، فإن الغرب قد انهار، وهو الآن في سبيله إلى الشيخوخة والهرم. ولاريب عندي في أن هذه النزعة هي صنف من أصناف الأحادية الممجوجة التي لا تنم إلا عن ذهن شديد الضيق؛ بل هي الوجه المريض للرومانسية الذي يؤشر تبنِّيه لها إلى الانهيار فعلاً.

ويؤمن شبنغلر بأن الحضارات لا يؤثر بعضها في بعض؛ بل إن كل حضارة، في رأيه، ليست سوى دائرة مقفلة لا يدخل إليها شيء ولا يخرج منها شيء. ومما هو صريح أن هذه الفكرة من شأنها أن تؤشر إلى التحجُّر الذي أصاب الغرب؛ والتحجر هو الاسم الآخر للانهيار نفسه.

ويعتقد اشبنغلر أن „الحضارة الفاوستية“، أي حضارة الغرب الحديث، هي أرقى حضارة عرفها التاريخ. ولا يدري المرء لماذا ذهب الرجل هذا المذهب. ألانها حضارة صناعية وعلمية؟ صحيح أن „الرؤية الفاوستية قد غيرت وجه الأرض“، كما يقول هو نفسه، ولكن هذه الحضارة قد رسخت الإنسانية في همجيَّة لا تبزها همجية المغول ولا همجية التتار أو الصليبيين. ولكن شبنغلر يعبد المحاربين، شأنه في ذلك شأن نيتشه. ولهذا، فإن الحرب لم تظهر قط في كتابه بوصفها همجية، أو وجهاً من وجوه البؤس البشري.

أوزفالد أرنولد غوتفريد شبينغلر Oswald Arnold Gottfried Spengler) ) ولد في 29 أيار 1880  / وتوفي في مايو.  1936 مؤرخ وفيلسوف ألماني شملت اهتماماته أيضاً الرياضيات والعلم والفن. يعرف بكتابه «انحدار/ أفول الغرب»  / بالألمانية:” Der Untergang des Abendlandes)” وترجم كتابه إلى اللغة العربية بعنوان تدهور الحضارة الغربية الذي يعرض نظرية عن سقوط وازدهار الحضارات وأن ذلك يتم بشكل دوري، ويغطي كل تاريخ العالم وقدم نظرية جديدة جعل فيها عمر الحضارات محدوداً وأن مصيرها إلى الأفول، ولعله تأثر بما كتبه ابن خلدون في هذا المجال بعد نشر كتاب «انحدار الغرب» سنة 1918، أصدر شبينغلر كتاب « البروسية والاشتراكية» بالألمانية Preussentum und  Sozialismus)  سنة 1920، وفيه عرض صورة عضوية من الاشتراكية والسلطوية. وقد شهدت فترة الحرب العالمية الأولى وفترة ما بين الحربين العالميتين خصوبة في إنتاج شبينغلر الفكري، وشهدت تأييده لسيطرة ألمانيا في أوروبا. وقد اتخذ الاشتراكيون القوميون من شبينغلر منظِّراً لأفكارهم، غير أنهم ما لبثوا أن نبذوه سنة 1933 عندما أبدى تشاؤمه بشأن مستقبل ألمانيا وأوروبا، ورفضه تأييد الأفكار النازية المتعلقة بالتفوق العرقي، ولإصداره كتاباً ينتقدهم بعنوان «ساعة الحسم» (بالإنجليزية: The Hour of Decision)

أسرته وحياته المبكرة

وُلِد أوزفالد أرنولد غوتفريد شبينغلر في 29 مايو 1880 في بلانكنبرغ، دوقية برونزويك، في الإمبراطورية الألمانية، وهو الابن الأكبر لبرنارد شبينغلر (1844 -1901)، الذي كان موظفًا في مكتب البريد، وبولين شبينغلر (1840 - 1910). شغل والد أوسفالد، برنارد شبينغلر، منصب سكرتير البريد، وكان رجلًا مجتهدًا في عمله مع كراهية شديدة للأعمال الفكرية، وحاول غرس نفس القيم والمواقف في ابنه

عندما كان أوزفالد يبلغ من العمر عشر سنوات، انتقلت عائلته إلى مدينة هاله، وهناك تلقى تعليمًا كلاسيكيًا في صالة محلية (مدرسة ثانوية ذات توجه أكاديمي)، حيث درس اليونانية واللاتينية والرياضيات والعلوم.

وفي هذه المرحلة طور أوسفالد ميله للفنون خاصة الشعر والدراما والموسيقى، وتأثرًا كثيرًا بأفكار يوهان فولفغانغ فون غوته وفريدريك نيتشه.

التحق أوسفالد بعدة جامعات (ميونيخ وبرلين وهاله) بعد وفاة والده في عام 1901، حيث تلقى دورات في مجموعة واسعة من الموضوعات، وكانت دراساته الخاصة غير موجهة لموضوع معين، وفي عام 1903 فشل في تقديم أطروحة دكتوراه عن هيراقليطس بعنوان (الفكر الميتافيزيقي الأساسي للفلسفة) بسبب قلة المراجع، وفي نهاية المطاف خضع لامتحان دكتوراه شفهي، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة هالي في 6 أبريل 1904، وفي ديسمبر 1904 قرر كتابة الأطروحة اللازمة للتأهل كمدرس حازت الأطروحة على الموافقة وحصل على شهادة التدريس. أصيب أوفالد في عام 1905 بانهيار عصبي.

مسيرته المهنية

خدم أوزفالد لفترة وجيزة كمدرس في ساربروكن ثم في دوسلدورف، ثم عمل من 1908 إلى 1911 في مدرسة القواعد في هامبورغ، وقام بتدريس العلوم والتاريخ الألماني والرياضيات. ثم انتقل أوزفالد في عام 1911 بعد وفاة والدته إلى ميونيخ، وعاش هناك حتى وفاته في عام 1936.

عاش أوزفالد كعالم منعزل محدود الثروة، ولم يكن يمتلك كتبًا، وعمل كمدرس أو كاتب في المجلات لكسب دخل إضافي.

بدأ أوزفالد العمل على المجلد الأول من كتابه (تراجع الغرب) عازمًا في البداية على التركيز على ألمانيا داخل أوروبا، لكن أزمة أغادير عام 1911 أثرت عليه بشدة ودفعته لتوسيع نطاق أبحاثه، يقول عن تلك الفترة: “ في ذلك الوقت، بدت لي الحرب العالمية وشيكة، واعتبرتها ضرورة حتمية للأزمة التاريخية التي تعاني منها أوروبا، وكان هدفي هو فهمها من خلال دراسة تاريخ القرون السابقة، وبعد ذلك بسنوات قليلة شاهدت تلك الحرب وأحداثها، وكانت عبارة عن خليط من الحقائق التي أججتها المشاعر الوطنية أو التأثيرات الشخصية أو الميول الاقتصادية من خلال مخطط سياسي تاريخي.” 

اكتمل الكتاب في عام 1914، ولكن النشر تأخر بسبب الحرب، وظهر الكتاب أخيرًا في عام 1918، قبل وقت قصير من نهاية الحرب العالمية الأولى. جعل الكتاب من أوزفالد أحد المشاهير. أعفي أوزفالد من التجنيد الإلزامي بسبب مشكلة قلبية، ولكنه لم يستطع استثمار أمواله خلال فترة الحرب وعاش في فقر مدقع في تلك الفترة.

حقق كتاب (تراجع الغرب) عند نشره في صيف عام 1918 نجاحًا باهرًا، وأثبتت العديد من المواقف مثل الإذلال الوطني لألمانيا في معاهدة فرساي (1919) وبعد ذلك الكساد الاقتصادي في عام 1923 بسبب التضخم المفرط أن أوزفالد على حق.

 لقد قدمت كتابات أوزفالد راحة نفسية للألمان لأنها قدمت خطابًا عقلانيًا يفسر سقوطهم كجزء من عمليات تاريخية عالمية أكبر.

لاقى الكتاب نجاحًا كبيرًا خارج ألمانيا أيضًا، وبحلول عام 1919 كان قد ترجم إلى عدة لغات أخرى. رفض أوزفالد عرضًا ليصبح أستاذًا للفلسفة في جامعة غوتنغن، قائلًا إنه يحتاج إلى وقت أكبر للتركيز على الكتابة.


مشاهدات 77
الكاتب ضرغام الدباغ
أضيف 2025/04/19 - 12:39 AM
آخر تحديث 2025/04/19 - 4:31 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 898 الشهر 19555 الكلي 10900202
الوقت الآن
السبت 2025/4/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير