الترحيل الجماعي للعراقيين من ألمانيا.. تعبير عن نقاش وحشي حول اللجوء
عصام الياسري
يوم الإثنين 17 فبراير وقبيل الانتخابات الاتحادية الألمانية بأيام، أقلعت طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية التركية «فري بيرد» من مطار بيرن خلف سياج من أسلاك الناتو في رحلة ترحيل 47 شخصا عراقيا من إحدى عشرة ولاية فيدرالية من هانوفر إلى العراق، سبق لبعضهم، بحسب رأي الجهات الرسمية ووزارة الداخلية الألمانية ارتكاب جرائم جنائية، ورافقت هذه التحركات احتجاجات واسعة فيما أكد متحدث باسم وزارة الداخلية في ولاية ساكسونيا السفلى، بأن بعض هؤلاء الأشخاص أصبح ملزمين قانونا بالترحيل لأنهم لم يستغلوا الفرصة لمغادرة البلاد طواعية ضمن المهلة المحددة لهم، وبالتالي، أصبح التزامهم بالمغادرة واجب التنفيذ. وبالإضافة إلى ذلك، أكد متحدث باسم الوزارة أن الترحيل «لا علاقة له بالانتخابات الفيدرالية». وجاء في البيان أن «الرحلات الجوية العارضة عادة ما يتم التخطيط لها وتحديد مواعيدها مسبقا».. إنه نمط متكرر بعد أي إجراء: يبدي الساسة قلقهم، ويعلنون عن إجراءات أفضل ومع ذلك يواجهون دائما مشكلة في تنفيذ القانون.
وبحسب موقع تتبع الرحلات، فإن رحلة الطيران العارض انطلقت في الساعة 9:18 صباحا وكان من المفترض أن تقلع في الساعة الثامنة وتهبط في العاصمة العراقية بغداد في وقت مبكر من بعد الظهر. وعلى ما يبدو أن تظاهرة رافقت رحلة الترحيل نظمها مجلس اللاجئين في ولاية سكسونيا السفلى، وجسر سيروكي، وشبكة مناهضة الترحيل هي سبب التأخير. وبحسب مجلس اللاجئين، فإن من بين المرحلين شاب إيزيدي يبلغ من العمر 30 عاما من منطقة شنكال، حيث وقعت إبادة جماعية للأقلية العرقية والدينية على يد تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (داعش) في عام 2014...
مراكز احتجاز
وكان مجلس اللاجئين في ولاية سكسونيا السفلى قد انتقد بشدة الترحيل الجماعي إلى العراق ووصفها بأنها تعبير عن نقاش وحشي حول اللجوء. وفي الأيام السابقة، تم احتجاز عدد كبير من العراقيين في مراكز احتجاز بغرض الترحيل واحتجازهم خارج مناطق سكناهم في العديد من الولايات الفيدرالية. وفي إطار مشروع «المشورة بشأن الاحتجاز أثناء الترحيل»، كان مجلس اللاجئين في ولاية سكسونيا السفلى على اتصال بستة سجناء متضررين وأقاربهم، بما في ذلك رجل إيزيدي من شنكال. كان يحق له، وفقا لمجلس اللاجئين، الحصول على تصريح عمل. وكان جميع المتأثرين بهذه القضية قد تم التسامح معهم في ألمانيا لعدة سنوات، ولكنهم فوجئوا تماما بقرار الترحيل. وقد جرت الاعتقالات، من بين أماكن أخرى، في منازل مقدمي الطلبات أو خلال مواعيد روتينية مزعومة مع سلطات الهجرة. وأفاد أحد السجناء خلال جلسات الاستشارة في مركز الترحيل أن سيارته لا تزال متوقفة أمام مكتب الهجرة.
إن ما شهدناه خلال الأيام القليلة الماضية من قمع لا إنساني بحق اللاجئين العراقيين لأسباب سياسية بواسطة الدعاية الإنتخابية التي مارستها الأحزاب التقليدية الحاكمة ذريعة لمواجهة تصاعد اليمين المتطرف، يتركنا في حالة من الذهول والغضب، كونه حجر الأساس لمغازلة سياسة اليمين الشعبوي الذي ينظر إلى تزايد الهجرة واللجوء خطرا على المجتمع الألماني. فيما هناك أشخاص حاولوا جاهدين لسنوات في ألمانيا وقاتلوا من أجل الحصول على فرصة لتحقيق مستقبل أفضل.
بيئة اجتماعية
وبالتأكيد، إن ترحيلهم ينتزعهم من البيئة الاجتماعية والعائلية التي بنوها في ولاية سكسونيا السفلى وإن العديد من هؤلاء ليس لديهم عائلة أو روابط أخرى في العراق فحسب، بل إنهم يخشون أيضا الفقر والعوز، وفي أسوأ الأحوال، استمرار الاضطهاد الذي فروا منه في السابق. وبحسب مجلس اللاجئين، فإن عمليات الترحيل إلى العراق تشكل مشكلة أساسية. وكما ذكرت وزارة الخارجية الألمانية، فإن الوضع الأمني في العراق ككل غير مستقر، يتسم باستمرار الأعمال الإرهابية. وشهدت البلاد انقساما سياسيا وطائفيا وإقليميا عميقا. المناطق المحررة أصبحت خرابا.
الإدارة لا تعمل إلا بشكل بدائي، والاقتصاد في حالة خراب، والعديد من الناس عاطلون عن العمل ويكافحون من أجل البقاء. والمتضررون بشكل خاص هم الإيزيديون الذين نزحوا بسبب الإبادة الجماعية قبل عشر سنوات ولم تتم محاكمة العديد من مرتكبي هذه الجرائم حتى يومنا هذا، وما زالوا يشكلون خطرا هائلا وفي هذه الحالة، كان لا بد من وضع استراتيجية لفتح مسارات للحصول على حق الإقامة للأشخاص الذين يعيشون في ألمانيا منذ سنوات عديدة. وتجدر الإشارة إلى أن حق اللجوء في ألمانيا حق مثبت في الدستور والتحقق منه يتبع خطوات ينص عليها القانون.
وفي حالة تلقي مقدم طلب اللجوء قرار رفض مصحوبا بقرار ترحيل. يحق له استخدام السبل القانونية «حق الطعن والإستئناف» ضد القرار.