الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هوية بأربعين وجهاً للمفكر الايراني داريوش شايغان

بواسطة azzaman

هوية بأربعين وجهاً للمفكر الايراني داريوش شايغان

في مساحة تنشر فيها الجمعية نصوصاً ذات دلالة، اخترنا مقتطفاً من كتاب بعنوةن "هوية بأربعين وجهاً" للمفكر الايراني داريوش شايغان:

هل يحتاج إنسان عصرنا إلى هوية بأربعين وجهاً، لكي يلبي حاجات الواقع المركب والمعقد الذي يعيش وسطه؟

إن الفضاءات التي تصنعنا، فضاءات متنوعة غير نقية. لم تعد جذورنا واحدة، ولم نعد نعيش لوحدنا في أرض مغلقة. إننا ريزومات متصلة بالآخرين، وثقافاتهم، وعوالمهم، ومداركهم المتنوعة ( الهوية الريزومية، وهو مفهوم يستند إلى نوع من النبات المعروف بـ "الريزوم" الذي يتميز بامتداد جذوره بشكل أفقي تحت التربة، لتظهر فوقها بشكل متواصل ومستمر، بحيث يكون من الصعب التخلّص منه. ويتسم بأنه لا مركزية له ولا تراتب، وهو بلا بداية أو نهاية، وأن أي جزء صغير منه يمكن أن ينمو ويتمدد ويتجدد بشكل مستمر).

هذه الحال تجعلنا حلزونات تحمل بيوتها على ظهورها، بمعنى أننا ننمو في فضاءات مفتوحة، وأسلوب حياتنا يحدد طبيعة رؤيتين. إننا بحسب الأواصر التي تنشئها مع المجالات الثقافية، نستطيع التموضع في المكان بمناخ مختلفة.

الهوية في عالم اليوم، مفتوحة على كل ضروب الهجنة والتلاقح والاختلاط والانشقاق والتشظي والاندماج والتخليق والتغيير وبروز مضامين جديدة، بما يظهر "وهمية العالم وشبحيته"، و"إعادة تنشيط وتثوير الإنسان المعاصر إلى درجة الانفجار".

إن معاناة الإنسان اليوم من أزمة هوية مردّها أن الهوية لم تعد مجموعة رتيبة من القيم الثابتة المطلقة، والهوية النقية الرتيبة، ومثالها الهوية المنبعثة من شعب أو دين منغلق، لا تتكرس إلا بإلغاء الآخرين. إن الهويات متداخلة ومتعايشة ومتكاملة، وإننا نضمر في دواخلنا كل ملاحم الأجيال، وهي ملاحم وأساطير متواجدة في أعماقنا بكافة طقوسها وصورها وأحلامها الجماعية. إننا في العصر الحديث نقطن مفترق طرق التأويل، ونمد أذرعنا بكل اتجاه، وإننا خارطة تمتد من ماضينا المعرفي إلى مستقبلنا المزدحم بالمتغيرات.

المصدر: داريوش شايغان، هوية باربعين وجها،ترجمة: حيدر نجف، ابن النديم للنشر والتوزيع، ٢٠٢٠.


مشاهدات 72
أضيف 2025/03/11 - 2:09 PM
آخر تحديث 2025/03/12 - 5:31 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 386 الشهر 6204 الكلي 10567153
الوقت الآن
الأربعاء 2025/3/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير