الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
اللهمّ إني صائم.. ماذا تعني عند العراقيين.. سايكولوجياً؟

بواسطة azzaman

اللهمّ إني صائم.. ماذا تعني عند العراقيين.. سايكولوجياً؟

قاسم حسين صالح

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ).وقال الأمام  ابن عبد البر، وأما قوله: (فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم) ففيه قولان: أحدهما: أنه يقول للذي يريد مشاتمته ومقاتلته: إني صائم وصومي يمنعني من مجاوبتك، لأني أصون صومي عن الخنا والزور من القول، بهذا أمرت؛ ولولا ذلك، لانتصرت لنفسي بمثل ما قلت لي سواء، ونحو ذلك...والقول الثاني: أن الصائم يقول في نفسه لنفسه: إني صائم يا نفسي، فلا سبيل إلى شفاء غيظك بالمشاتمة. ولا يظهر قوله: إني صائم، لما فيه من الرياء وإطلاع الناس على عمله، لأن الصوم من العمل الذي لا يظهر، ولذلك يجزي الله الصائم أجره بغير حساب. ذلك هو التفسير الديني لعبارة (اللهمّ أني صائم) ما يعني انها تخص (اللسان)،وانها تأتي عندما يهمّ الصائم بقول شيء يذكّره بانه صائم،او حين يكون في موقف يدفعه الى التعليق عليه بكلمة يعتقد انها ستبطل صيامه كأن يريد ان يغتاب احدا مثلا. والملاحظ ان العراقيين يكثرون من ترديد عبارة (اللهمّ اني صائم) ما  يعني اننا في غير رمضان نكثر من الكذب والنفاق والغيبة والنميمة والالفاظ النابية وعدم القدرة على التحكم بغضبنا في تعاملنا مع الناس فنطلق العنان للسان بقضم سمعة فلانه وفلان.

وننبّه الى ان ما يزيد من تعكّر المزاج في رمضان ان الحالة النفسية للعراقي تزيد حالته الفسلجية سوءا. فالاحداث والفواجع وما عاناه من خيبات واحباطات اتعبت اعصابه ولم يعد في حوصلته مكان يتسع لها..ما يعني ان وضعه النفسي والفسلجي في رمضان سيكون متأزما، وان مزاجه قد ينفلت قبل ان يقول (اللهمّ اني صائم).  وننبّه ايضا..ليس نرفزة الاعصاب وضعف السيطرة على التصرّف لدى بعض الصائمين الناجمة عن هذين الوضعين النفسي والفسلجي، بل الى آلية نفسية نسميها (التحويل) ونعني بها ان الأقوى (يفرّغ قهره) بالاضعف. فحين يعود الصائم من الدوام (وهو شبه متفحّم) وتتأخر زوجته في فتح الباب،فانه ما ان تفتحه، ينفجر بوجهها، ويلعن اليوم الاسود (العرّفني بيج..وساعة السوده التزوجتك بيها...) خاصة اذا وصل بيته متأخرا من شدة الازدحام،او ان مديره قد وجّه له عقوبة في ذلك اليوم..فعندها (يا ويل زوجته منه)..سيفرغ بها قهر الحرّ والكهرباء والعقوبة!..وينسى نفسه انه صائم. والأم الصائمة تمارس ايضا (تحويلا) .فاذا انقطع الماء والكهرباء ولا تعرف ماذا تطبخ للفطور فياويل اطفالها منها..سوف تكفخ هذا وتصرخ بوجه ذاك وتلعن هي الاخرى اليوم الذي تزوجت فيه.بل ان اقل احتكاك بينهم يؤدي الى نشوب (حريق نفسي) قد ينجم عنه ما يجعل الأسرة تخسر ليس فقط المودّة بين افرادها بل حتى صيامهم أيضا.

ونصيحتنا للأسرة العراقية الكريمة..ان مزاج بعض الصائمين والصائمات في رمضان يكون (عكرا نزقا) وان جهازهم العصبي،بفعل انخفاض مستويات السكر بالدم وجفاف الاعصاب وتغير ايقاع الساعة البيولوجية واضطراب برنامج النوم المعتاد عليه الدماغ، يدفع صاحبه لا اراديا الى ان يعمل على خفض توتره..اسهلها عليه (التحويل) بأن يفرغ الاقوى قهره بالاضعف..ليس فقط بين الزوجين وافراد العائلة..بل وحتى بين الموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية والأهلية.وعلينا ان نكتسب درسا جديدا من رمضان..بأن نتعلم من عبارة (اللهمّ اني صائم)..ان نضبط السنتنا..ليس في رمضان فقط ،بل وما بعد عيده..المبارك عليكم وعلينا.


مشاهدات 26
الكاتب قاسم حسين صالح
أضيف 2025/03/17 - 3:44 PM
آخر تحديث 2025/03/18 - 5:48 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 201 الشهر 9093 الكلي 10570042
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/3/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير