الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
غلق النوادي الترفيهية وشماعة المحتوى الهابط

بواسطة azzaman

غلق النوادي الترفيهية وشماعة المحتوى الهابط

محمد رسن

 

نجحت السلطة باشغال الجمهور بتداعيات «المحتوى الهابط» وأثناء ذلك، كان يتمّ تمرير القوانين التي تدق الأركان الجديدة في بنية هذا النظام السياسي، للانقضاض على ما تبقى من حقوق وحريات، وهي قرارات ربما سيلحقها استدعاءات على مواطنين عزل وناشطين وصحفيين ومدونين إلى مراكز الشرطة على خلفية «منشور» على مواقع التواصل الاجتماعي أو تحقيقات صحفية أو كاريكاتير بدعوى ارباك النظام السياسي، وقد تبعتها قرارات ظلاميون اخرى منها غلق النوادي الترفيهية، ومنع بيع الخمور الأمر الذي يوقظ عدة اسئلة جوهرية بشأن التضييق على الحريات، من المعلوم أن الميليشيات هي المسيطرة على الحانات وصالات القمار، والقائمة على تهريب الممنوعات، وقد اتخذت هذه القرارات بعدما شعرت بأن وجودها بدأ يتقهقر ظنا منها أن هذه الأساليب سترجع شعبيتها التي باتت على المحك، وهي تدرك تماما أن تجارة المخدرات ستنشط بشكل كبير، بالتالي ستزداد مواردهم المادية!القرارت المتمثلة بحظر دخول المشروبات الروحية، قرارات مدروسة لتنشيط بيع المحظورات في السوق السوداء، المسيطر عليها من قبلهم، لتنشط المتاجرة بالمخدرات وتتضاعف الأتاوات التي يفرضونها على أصحاب صالات القمار التي تعمل بالخفية، وهم حماتها الأبرار. ثمّ لا أدري أيهما خطورة بتأثيره على المجتمع، ما يسمونه بـ»المحتوى الهابط»و»الخمور»، أم جرائمهم بحق هذا البلد؟ إنّ حجم الخراب والرثاثة، والتخلف والردة الفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية العميقة، تتفاقم بشكل سريع، أحزاب السلطة وفصائلها المسلحة لم تنجح في إعطاء تصور واضح عن حكم رشيد يخدم الناس وتعيش في تخبط مضحك يدعوا للغرابة،على سبيل المثال: أيهما خطورة على مستقبل البلاد والعباد، المشروبات الروحية والمحتوى الهابط، أم خطابهم الطائفي والعنصري وتدمير البنى التحتية، وتهريب خيرات البلاد إلى الجارة التي جارت علينا؟

كوارث مالية

النظر البسيط للواقع العراقي يستدعي بناء قناعة، بأن الجماعات الحاكمة هم أصل الداء والخراب، والفساد بوجودهم ازدهر حتى تغلغل في كل مفصل من مفاصل البلاد، وكوارث مالية وادارية، وبطالة وبؤس وذل وفاقة،علاوة على ذلك أنها تضع الحريات تحت الإقامة الجبرية، ومن ثم تطردها من المشهد بشكل كامل. إن مجساتهم العاطلة عن الحياء لديها يقين أن الشعب نفد صبره على ظلمهم، وسيحاكمهم، لذلك يلعبون على هذا الاوتار المفلولة بغية استمالة الناس دينيًا لصفوفهم، لكنهم نسوا أن الناس كشفوا كل ألاعيبهم التي باتت واضحة للقاصي والداني، إنّ المحتجين وأحرار هذا الشعب المقهور، وبالأخص الموجة الاحتجاجية الأخيرة (تشرين)التي يرعبهم أسمها لليوم ستنهي عهدهم، نعلم أنّ كل تخبطاتهم هي الخشية من سقوطهم المؤكد وان احتجاجات عارمة ستندلع بأي لحظة، بفضل الوعي الشبابي النابع من شعور عميق بالانتماء الخالص لتربة هذا الوطن، لليوم وهم يسلكون كل الطرق غير المعبدة من أجل إشغال الجماهير عن واقعهم المزري، إضافة إلى إجهاض شعار المحتجين الذي لازال على قيد الثورة المتمسكة بترنيمتها الأبدية «نريد وطن»الشعار الذي يدركون خطورته عليهم باعتبارهم غرباء عليه،

إنّ المظلومية وفقدان المساواة، رديف جدلي لتغييب مفهوم الوطن المانح للهوية والكرامة والعيش بسلام وأمان. أقول إنهم يدركون تمامًا أن احتجاجات ستندلع تطالب بتحولات ديمقراطية وعدالوية في البنى السلطوية، وتوفير الخدمات وتحسين الظروف الاقتصادية، والتخلص من هذه الطبقة الفاسدة التي يتم التحكم بها من الخارج، إن محاولة التضييق على الحريات، وأفتعال الأزمات تأتي للهروب من أسئلة انغلاق الأفق السياسي وتراجع قدرة المؤسسات السياسية على استيعاب مطالب الشعب، وإيجاد ممكنات بديلة، ولهذا لا توجد لديهم حلول إلا المسير على ذات المنهج الذي تعاملوا فيه مع كل الاحتجاجات بوصفها تهديدًا وجوديًا لحكمهم، بدلًا من اعتبارها سخطًا عامًا عليهم يستدعي البدء بإصلاحات جذرية، إن تخبط السلطة بإقرار قوانين على طريقة شرطة الآداب هو سعي لبناء شمولية ثيوقراطية طائفية بالكامل للسيطرة على الفضاء العام، لكنه تخبط لن يدوم، لأن من لا يلجأ للإصلاح في أوقات كهذه، ستنهيه أسئلة الحقوق والمطالب المشروعة.


مشاهدات 111
الكاتب محمد رسن
أضيف 2025/02/26 - 5:08 PM
آخر تحديث 2025/03/11 - 3:34 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 93 الشهر 5911 الكلي 10566860
الوقت الآن
الأربعاء 2025/3/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير