الدينار .. العملة والرمز
عبد الكريم احمد الزيدي
حين تكون للدولة عملتها المحلية الخاصة التي تستعملها في التعاملات الداخلية تتأثر حتماً بسبب التعاملات التجارية الخارجية والتي تتطلب من خلال العلاقات المالية التعامل بالعملة الخارجية ، وهي ما نسميها بالعملة الصعبة التي نحتاجها في عمليات الاستيراد وباقي المدفوعات المالية لمختلف تعاملات الدولة خارج حدودها ولهذا السبب تظهر أهمية الحفاظ على قيمة العملة المحلية والمقصود في بلدنا هو الدينار العراقي بما يقابلها من قيمة العملة الصعبة في الوسط التجاري الخارجي ، وتقع مسؤولية هذه العملية والمحافظة على قيمة النقد المحلي على وزارة المالية بأعتبارها المخول في هذه التعاملات بالتنسيق مع وزارة التجارة والجهات الأخرى التي في اختصاصها ..
ما يهمنا هنا بأعتبار بلدنا لايزال بحاجة ماسة لتوريد احتياجات اهله من مواد وسلع ومتطلبات السوق المحلية واعتماده على بيع النفط الخام كمورد اقتصادي.، هو المحافظة على قيمة العملة المحلية وتعزيز قوتها الشرائية مقابل العملات الأجنبية ، ولكي نكون منصفين في طرحنا للموضوع فأن وزارة المالية سعت بما تستطيع في محاولات لدعم العملة المحلية وتقليل تأثرها بصرف ما يعادلها من العملة الصعبة ولعل أبرزها طرح بيع العملة الصعبة في الأسواق المالية بسعر منافس للتضخم الحاصل في سعر صرف العملة الصعبة ومراقبة تنفيذ تعليماتها في سوق التعامل التجاري في محاولة لأيقاف انخفاض قيمة العملة المحلية ، لكن الحال كما يبدو لا يمثل حلاً مثاليا لهذه الحالة بعد أن أصبحت كل التعاملات التجارية والأسواق موازية لقيمة الصرف هذا الأمر الذي يتطلب مخرجا علميا وعمليا يحافظ به على قيمة النقد المحلي وإعادة هيبته بين العملات الأجنبية ويحارب بقوة كل المساعي لأضعاف حصانته وأضعاف قدرته لينافس من جديد العملات المتداولة الأخرى.، ولربما يتذكر العراقيين تعاملات السوق بالنقد البسيط والمعدني والعملات النقدية الصغيرة وهي ليست ببعيدة وهذا بصراحة ما دعاني لمراجعة تاريخ بداية ولادة الدينار العراقي في العام 1932 وبعد أن تم ربطه بالتعامل مع الدولار الأمريكي بعد العام 1959 ليصبح كل دينار عراقي مساوياً 2.8 دولار أمريكي ظل محافظاً لقيمته حتى العام 1973 الذي أصبح فيه مساوياً 3.37 لكل دولار أمريكي بعد أن خفضت الولايات المتحدة عملتها في العام 1972 ، لكن الحال للأسف لم يستمر على حاله بعد أن خفض العراق عملته وبقى تداول الدينار مساوياً 3.2 لكل دولار أمريكي وظل محافظاً على تداوله حتى حرب الخليج الثانية 1991، بالرغم من أن سعر صرف الدينار العراقي في السوق السوداء كان 3 دنانير لكل دولار في أواخر العام 1989.
أعود لأقول ان على الجهات الرقابية والبنك المركزي العراقي مسؤولية العمل على إيجاد مخرج لهذه الأزمة وتخطي حدود ضعف العملة المحلية بحلول تتعدى النظرة القاصرة التي ما زال الكثيرين من خبراء المالية والأقتصاد يعمدون إليها دون أي خلاص وأن تعود الحياة مرة أخرى للدينار العراقي بعد طول فترة سباته وضعف حيلته ..