الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
السلطة وهوية الفرد 

بواسطة azzaman

السلطة وهوية الفرد 

سمير ميراني

 

يواجه الفرد تحديّات عديدة في العصر الحديث فيما يخصّ الهوية الثقافية والسياسية في هذا العالم المتنوّع المعقد، ومواجهة الأنظمة الأحادية المبنية على القمع وسياسات كم الأفواه، التي تستغل تلك التحديات لتفكيك الهويات الجماعية وتقسيم المجتمع، من خلال توجيه فكر الفرد وإخضاع توجهاته، لفُتات متطلبات الحياة البسيطة، واغتصاب كيانه الحر بالتحكم بفكره وسلوكه، وتوجيهه لتشويه هويته وفقدانه للوعي الاجتماعي والاستقلال الفكري السليم.

ممارسة الأنظمة هذه التقنيات، للسيطرة على الفكر والتلاعب به من خلال إحاطته بهالة من الخوف والقلق المطلق، والضغوطات المتعمدة والمتعددة، لتعزيز سيطرته الشمولية على الفرد والمجتمع، وفرض أفكار السلطة عليهم لدرجة القبول دون تفكير نقدي ذاتي، يتم ذلك من خلال خلق بيئة تعجُّ بضغوط نفسية واجتماعية على الأفراد، من شأنها التأثير المباشر سلبًا على الفكر والسلوك، وفقدان القدرة على الاستيعاب والتفكير الإبداعي المستقل، بإخضاعه لأفكار سائدة لمصلحة السلطة من خلال ممارسة عمليات غسل الدماغ، والتي تعتبر من أبرز المحاور الأساسية لتغيير قناعات الفرد، وإتّباع أساليب خاصة تستخدم من أجل تشكيل الهوية الذاتية للأفراد، بما يتناسب وتوجهات السلطة، مما يفقد الفرد الشعور بالذات والانتماء، خاصة عندما يتقلص مستوى الوعي الذاتي للفرد لمقاومة الضغوط الممنهجة الممارسة عليه من قبل السلطة، والضغوطات الاجتماعية والنفسية التي يخضع لها الفرد ذاته، وتأثيراتها السياسية السلبية (من لا يستطيع طاعة نفسه، سيخضع لأوامر غيره، وهذه طبيعة المخلوقات الحية) نيتشه.

مؤسسة رسمية

من أخطر ممارسات النظام، لقهر وصهر الهوية الفكرية للفرد، في بوتقة مصالح سلطته لديمومة حكمه، تغليفها بطابع سياسي ديني، يفرض الاستبداد الروحي على الفرد وفكره، وإجباره الإيمان بأن السلطة مؤسسة رسمية للطاعة، وكل من يخرج عن هذه الطاعة، ويعصي أوامرها، يعتبر خائناً وخارجاً على قانون الإيمان السياسي، يولد عنف قابل للاستعمال بين الطرفين، وهو أساس الحروب الأهلية.

 سيطرة السلطة على فكر الأفراد، بالضرورة يقود إلى تآكل الديمقراطية الشكلية المفروضة على المجتمع، وجمود حرية التعبير كأداة للسيطرة والتلاعب بالعقول، وانتفاء الحوار بين الفرد والسلطة (من يسيطر على السلطة يسيطر على الأفكار والحقائق) جورج أورويل.

   لابد من حماية الهوية الإنسانية، والحرية الفردية في مواجهة التحديّات السياسية والاجتماعية، وتعزيز الوعي الذاتي لدى الأفراد، كوسيلة لمقاومة السيطرة الفكرية للسلطة، وذلك من خلال دراسة آليات تعامل السلطة تجاه المجتمع (لتشويه الهوية)، وفهم هذه الآليات يتطلب تعزيز القدرات الذاتية في التفكير النقدي والاستقلال الفكري، لتمييز الحقّ من الضّلال، والحفاظ على الهوية الفكرية والحرية الشخصية في مواجهة العنف الفكري، وكذلك فهم ديناميكية الواقع المعقّد المليء بالتحديات المتزايدة، ومواجهة الضغوط السياسية والاجتماعية، والإدراك بأنها قابلة للتغلب عليها، لحماية هويته الإنسانية التي تقود إلى تحقيق الاستقرار وبناء مجتمع مدني حضاري مستدامٍ، حيث القيم والمبادئ الإنسانية فيها، مرجعية أخلاقية للمجتمع والدولة، ينهي فيها دور الفئوية السياسية المعتمدة في نظام الحكم الشمولي، لشعوب متعددة الأعراق ومختلفة الأعراف.

 

 

 


مشاهدات 107
الكاتب سمير ميراني
أضيف 2025/01/15 - 9:59 PM
آخر تحديث 2025/01/21 - 6:31 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 135 الشهر 9569 الكلي 10199534
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/1/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير