الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حين يكون الموت شرطاً للحفاوة

بواسطة azzaman

حين يكون الموت شرطاً للحفاوة

حسين الصدر

 

-1-

قال الرازي :

المرءُ ما دام حَيّاً يُستهانُ بِهِ

ويعظمُ الرزءُ فيه حين يُفتقدُ

وقال الجواهري :

أَهزُ بكَ الجيلَ الذي لا تَهُزُه

نوابغُهُ حتى تزورَ المقابِرَا

وقال آخر :

ترى الفتى يُنكِرُ فضلَ الفتى

ما دام حَياً فاذا ما ذَهَبْ

لجَّ به الحرصُ على نُكْتَةٍ

يكتُبها عنهُ بماءِ الذَهبْ

-2-

من أسوأ المظاهر الاجتماعية الاستهانة بالأفذاذ والنوابغ والمبدعين في حياتهم حتى اذا ما أغمضوا جفونهم بالموت علت نبرة الاشادة بهم والتعظيم لما خلفوه مِنْ آثار وما قدّموه من عطاء .

والسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح :

أين كنتم عنهم يوم كانوا معكم ولماذا أهملتم الاحتفاء بهم في حياتهم ؟

وقد يكون الحسد ، وخشية المنافسين لهم مِنْ تفوقهم عليهم 

والعُقد النفسية التي يعز عليها أنْ ترى مَنْ يُغطي شعاعه الآفاق فتخسر أسهمها في الظهور والاشتهار وراء كل ذلك .

-3 –

عاش المرحوم الشيخ عبد المحسن الكاظمي غريباً في مصر وعانى ما عانى من الضيق والحرمان، حتى اذا ما ارتحل عن هذا العالَم الى العالَم وأقيمت له حفلات التأبين وكثرت الاشادة به ..!!

حتى قال الشيخ محمد علي اليعقوبي في رثائه :

ومن عجب بكتك وأنت ميتٌ

بلادٌ ضيعتكَ وأنتَ حَيُّ

-4-

ان الحفاوة بأعلام الفكر والعلم والأدب والثقافة تُمليها المعرفة العميقة بأهمية الرموز ، وما يمثلونه من ثقل حضاري ، وهي الى ذلك مسألة أخلاقية يسارع اليها أصحاب الضمائر الحية ممن يعتز بالمبدعين ولا يستسيغ الاستهانة بهم .

-5-

ويُخطأ مَنْ يعتقد ان تكريم النوابغ والافذاذ تقعَ مسؤوليتُه على الحكومة فقط، فالمجتمع – وبكل شرائحه – مسؤول عن ذلك أيضا ، فلا خير في مَنْ يُضيع الأعلام ويبخس حقهم حتى كأنهم لم يقرأوا  قول الله سبحانه:

( ولا تبخسوا الناس أشياءهم )

 

 


مشاهدات 574
الكاتب حسين الصدر
أضيف 2023/12/24 - 5:44 PM
آخر تحديث 2024/07/16 - 12:25 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 279 الشهر 7847 الكلي 9369919
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير