الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
سعدون جابر بلاغة الهدوء والإزعاج

بواسطة azzaman

سعدون جابر بلاغة الهدوء والإزعاج

عادل سعد

حين زار المطرب سعدون جابر بغداد قبل عدة  اشهر اعتقد بعض اصدقائي القدماء  انه سيسأل عني ويتفقدني لأنهم على معرفة  دقيقة بالصداقة التي تربطنا ،ولكن مرت زيارته دون ان نلتقي ،وللتاريخ اذكر ، أنه اتصل بي هاتفيا من كندا قبل عدة سنوات ، الرقم غريب وبعد الساعة الواحدة ليلا ،ولا اعرف من اين اخذ الرقم.

 لقد افرحني اتصاله ، وقد استوقفتنا محطات على مدى عشرين سنة من  المسرات المتواصلة والبشارة التي طبعت هذا العراقي النبيل .

 جمع سعدون جابر بين الحس الغنائي المرهف والمعرفة العلمية الاكاديمية ،

كان مسرفاً في كرمه وكنت أكرر قولي له ، أن حاتم الطائي وهو في قبره يشعر بالاطمئنان على مستقبل الكرم العربي  بوجود سعدون جابر ,

امسيات جميلة امضينها في ضيافته مع الاصدقاء ، الملحن المعروف طالب القرغولي والشاعر زامل سعيد فتاح  وعامر العاني العسكري المثقف الذي حوّل رواية (الارض الطيبة) للكاتبة بيرل باك الى مسلسل اذاعي بث من اذاعة بغداد وفَتحَ رصيداً وازناً من التوظيف الروائي الإذاعي المتميز .

 كان سعدون يحرص على دعم الشعراء ،  وأعتقد هو الذي عرّفني بالشاعر عريان السيد خلف الذي جاءني في احد الايام طالبا اجازة مرضية  .

كان عريان يشتغل عاملا في شركة (شابي ) فأخذته الى الصديق عبد الحسن الغرابي رئيس الملاحظين في مستشفى العمال في الصالحية واستحصلت له على اجازة مرضية ، ثم عرف طريقه بعد ذلك للحصول على اجازات مرضية اخرى بواسطة الغرابي.

 في بيت سعدون امضيت  مصغيا للمبدع الدكتور سعدي الحديثي وهو يشدو  تطويحات صحراوية تستحم بطراوة الندى العراقي وتعلن على رؤوس الاشهاد (مثل الرمد بالعين عشگ الزغيرة ) .

 بالتحليل الفني ، سعدون جابر احد العلامات البارزة في تاريخ الطرب العراقي الجميل ، هادئ الى حد الازعاج  يستبسل صوته في معالجة القروح ، بارع في بلاغة اللطف ، امين على الايقاعات الموسيقية المتيمة بالشجن ،  كتب عنه الشاعر حميد سعيد واخرون ، وتأسست له منصات من جاه الطرب ، لكن الغرور لم يعرف طريقاً اليه ، كان بأمكانه وبسهولة لافته ان يستثمر شهرته للمزيد من الارباح الاعلانية  ، لكنه ترفع عن هذا النوع من الكسب الرخيص .

 ساعد العديد من الشعراء وظل اميناً على حقوق المؤلفين والملحنين الذين تعامل معهم ، لم اعرف عنه انه تطرّف في مواقف معينة الا بقدر ما يتعلق الامر بالتزام الصدق ، كان يزورني بين الحين والاخر في مقر عملي الصحفي ، وكان اذا استبطاني يوما بحث عني( يمعود انت وين ).

لقد تعامل سعدون جابر بأمانة مع التراث العراقي  وسعى الى توظيفه بحماية من  تشويهات  الحداثة ،اسس له سمعة غنائية على درجة من الثقة ، ليس بأغنية معينة دون غيرها من الاغاني ، ولكن تظل أغنية (ياطيور الطايرة ) للملحن كوكب حمزه واحدة من اختبارات الغنى الموسيقي  الذي يتميز به صوته .

 

              

 


مشاهدات 699
الكاتب عادل سعد
أضيف 2023/12/12 - 3:35 PM
آخر تحديث 2024/07/17 - 1:22 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 258 الشهر 7826 الكلي 9369898
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير