الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الهدوء الذي يسبق العاصفة

بواسطة azzaman

الهدوء الذي يسبق العاصفة

لويس إقليمس

 

في هذه الأيام، تتحدث قنوات ومواقع صحفية وفيسبوكية وأخرى غيرها عبر تقارير أو في التواصل الاجتماعي عن توقعات تخيلية في تحليلاتها وأخرى لا تخرج عن نطاق التمنيات الطوباوية بترتيباتٍ تجري من خلف الكواليس وتخطّط لعاصفة "تغيير دولية" قادمة لا محالة وهي تحوم حول العراق. ومهما كانت المصادر والمعلومات "الموثوقة" التي يدّعي أصحابُها الحصول عليها أو اقتناصها عبر وسائل أو مراجع سياسية توصف بالدولية، إلاّ أنّ معظمها لا يخرج عن تحليلات ضبابية لمتابعات ميدانية وأخرى بانورامية تتصيدّ عبر القنوات السياسية مدفوعة الثمن أحيانًا أو تلك التي يطيب لها التغنّي بأصوات التغيير بعد ملل وضيق حال وغلق مصالح وفساد عمل. وهذه أيضًا، لا تُنذر في واقع الحال عن إشهار صافرة الإنذار النهائي بتغيير قادم في القريب العاجل وفقًا للمعطيات البيّنة في الشارع السياسي. فكلّ الدلائل تشير بتماسك أصحاب المكاسب والمصالح والمغانم في سدّة الحكم حين تضييق الخناق عليهم، سواءً من جانب الشعب الذي يزداد بؤسًا وتحلّفًا وجهلاً بسبب الضغط الديني والمذهبي والطائفي الذي يُمارسه عليه تجارُ سياسةِ المحاصصة أو بسبب ضيق الذرع الذي أبدته راعيةُ هذه السياسة "أميركا" طالما بقيت مصالح هذ الأخيرة، القومية والاقتصادية والأمنية مأمونة الجانب من طرف وكيلها العام في الدولة الشرقية التي تُحكم قبضتها على مقاليد السلطة في العراق بدعمٍ مبطنٍ منها.

احداث ساخنة

فاستخدام ما يُعرف ب"التقيّة" جارٍ على قدمٍ وساقٍ في خضمّ ماجريات الأحداث الساخنة من جانب ساسة البلاد وأحزاب السلطة التي تتآزر مع بعضها كلّما اشتدّ وطيس الاعتراضات على سلوكها الحكومي والسياسي متجهةً صوب التهدئة بأي ثمن يضمن لها البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة. فقد شهدنا منها حالات تكررت وسوف تتكرّرُ ضمن هدفٍ واضح وصريح بتقديم الدعم والسند الضروريّين وعبر محاولات حثيثة لنفخ نسمات منعشات في الخفاء والعلن للمنظومة الحاكمة، سواءً من جانب طرفٍ سياسيّ اعتاد ممارسة هذه التمثيلية في المراوغة السياسية الماكرة بين فترة وأخرى أو من أطراف ساندة أخرى تهدف عمومًا لإطالة تنعّم أبطال المنظومة السياسية الحاكمة بأطول وقت ممكن بخيرات البلاد عبر أشكال الفساد والنهب والهدر واللصوصية. ومن غير المهمّ لدى معظم هؤلاء الفاسدين بقاءُ البلد محتضرًا في خانته الاستهلاكية لاقتصاده الريعي المتهالك وترك الشعب قابعًا في خانة البؤس والتخلّف والتبعية والاتكالية والولائية وما في هذه من مخاطر طالما حذّرَ منها الخبراء والمحللون والمراقبون بسبب سوء أداء الطبقة الحاكمة وأحزاب السلطة وزعاماتها. وإلى حين الساعة ننتظر البشرى، إنْ صحَّ شيءٌ ممّا يُقال ويُنشر!

من جانب آخر وفي متابعة لجهود الحكومة الحالية ضمن أدوات الهدوء المشوب بالحذر منذ تشكيل حكومة الإطاريين ومَن والاهم، ينبغي الإفصاح والإقرار إعلاميًا بجدّية البوادر التي يسيرُ عليها البرنامج "الإصلاحي" القائم على قدمٍ وساق، مهما كان نوعه ومداه، والذي يقوده رئيس مجلس الوزراء المتفق عليه والمولود أساسًا من رحم الإطار الشيعي الماسك بالسلطة بأسنانه وأياديه وأرجله وكلّ ما تيسّر له من دعمٍ شرقيّ واضح ومداهنة غربية لا تقبل الشكّ.

ادارة الدولة

ومن حيث الواقع، فهو يتلقى دعمه الأساس من إدارة الدولة بكافة مكوّناتها البادية للعلن بموجب وثيقة الاتفاق بينها، تمامًا كما يتلقى دعمًا من الراعي الأمريكي المغمور والمنافق ومَن يدور في فلكه من دول الغرب الانتهازي. لكنه في بعض الجزئيات وبموجب الصلاحيات التي يخولها له الدستور، قد يخرج بمواقف وقرارات معينة استثنائية عن جادة الاتفاق في حالة تشكيل الإطار أو ائتلاف إدارة الدولة ضغوطاتٍ تُفرض على السلطة التنفيذية التي قد تتمرّد في بعض هذه الجزئيات لتخرج عن إخلاصها الولائي لهذه الزعامات، كما هو واضح فيما تتناقله وسائل الإعلام. فالدلائل تشير إلى جدّية السلطة التنفيذية في تنفيذ برنامجها المرسوم، ومنها ما يقع ضمن موجبات التغييرات المرتقبة التي رأت طريقها للتنفيذ مؤخرًا، وتشمل مناصب تنفيذية مهمة في مفاصل الدولة بحسب الوعد المقطوع بإجرائها بعد مرور ستة أشهر وفق المنظور الإداري لدولة رئيس الوزراء. لكن الاعتقاد السائد، أنه وبالرغم من كون مثل هذا التوجه أو الوعد بتنفيذ ما يجول في خاطره من إصلاحات إدارية شاملة، إلاّ أنها لن تخرج عمومًا عن اتفاقات سرّية بين شركاء إدارة الدولة وفق مقاسات محاصصاتية عامة يتفق عليها زعماء الكتل والأحزاب مهما اختلفوا في وسائل التعبير والشتم والانتقاد والتراشق والمناكفات. فهذه لن تُحسب في نهاية الأمر سوى أدواتٍ من ضمن أصوات ناشزة متفق عليها لتمرير اتفاقات بينية كبيرة تحمل في طياتها استمرار تقاسم المغانم وتفاصيل المكاسب التي يتفق عليها الفرقاء في كلّ مناقشة مالية كما حصل ضمن موازنة السنة هذه المرّة أو للسنوات الثلاث القادمات.

وهذا من الدلائل التي تؤكد هذا الاتجاه بالحرص الكبير من جانب


مشاهدات 785
الكاتب لويس إقليمس
أضيف 2023/09/10 - 5:30 PM
آخر تحديث 2024/07/15 - 8:50 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 304 الشهر 7872 الكلي 9369944
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير