الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الشخصية الإنهزامية السياسية بعد 2003

بواسطة azzaman

الشخصية الإنهزامية السياسية بعد 2003

جبار فريح شريدة

 

على الأرجح إن تغيير النظام السياسي في العراق بعد 2003، ساهم في إعطاء فسحة من الحرية السياسية للمواطن العراقي، من خلال ممارسة الديمقراطية وإجراء الانتخابات ووضع الدستور والتعددية الحزبية وحرية الصحافة.، لكن هذا لاينفي وجود أثر لثقافة الخضوع قابع في داخل العقل العراقي نتيجة لعقود من أنظمة الاستبداد والحكم الشمولي بعد  2003، شهدت البلاد مخاضات سياسية واجتماعية تركت أثراً كبيراً على الحياة السياسية العراقية، وعلى الثقافة السياسية العراقية، التي بدأت تشهد تحولاً سريعاً من ثقافة الخضوع إلى ثقافة المشاركة السياسية، تحت خيمة الديمقراطية، والتي أثارت جدلاً واسعاً حول أهميتها ومبرراتها ورأي الفرد العراقي بها، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار نوع التنشئة الاجتماعية السياسية التي تلقاها الفرد العراقي طوال مدة حكم الأنظمة السابقة، والتي ركزت على قيم من نوع التضحية بالديمقراطية لصالح أهداف أخرى مثل صيانة الوحدة الوطنية وحماية الاستقلال وتحقيق التنمية، ومع ذلك فان الديمقراطية كانت حاضرة في هواجس وضمائر كل العراقيين سبيلا للخلاص من الديكتاتورية. لقد اصطدمت الديمقراطية في العراق بعدة معوقات  منا : رواسب ثقافة الخضوع التي عاشها العراقيون نتيجة لعهود من الاستبداد، والذي أدى بدوره إلى ضعف النضج السياسي، بسبب عدم انتهاج العراقيين للسلوك الديمقراطي، مع التأكيد أن ترسبات الاستبداد، والتي شوهت الثقافة السياسية للمواطن العراقي يجب أن لاتدفعنا إلى التشاؤم، لان واقع الحال يقدم لنا تجارب لأمم وشعوب عانت الاستبداد بصورة أكثر مما عانى العراقيون، ومع ذلك استطاعوا أن يتحولوا نحو الديمقراطية.

والانقسامات والتخندقات داخل المجتمع أن من أهم مقومات المجتمع السياسي المدني هو وحدة المجتمع، وغياب هذه الوحدة يؤثر على البنية السياسية للدولة والنظام السياسي، نتيجة لسيطرة الثقافات الفرعية على الثقافة السائدة، إذْ أن الانقسامات ذات الطبيعة العشائرية والطائفية والعرقية تكون لنا مجتمعاً تعددياً سلبياً، يقف عائقاً أمام تبني الديمقراطية بوصفها خياراً وطنياً.

وفي الحالة العراقية، كما في كثير من مجتمعات العالم الثالث، فأن الاستبداد السياسي والموروث الشمولي للسلطة، قد أدى إلى صياغة نوع من عقدة الخوف (الفوبيا) من كل ماهو سياسي، وإن التحدث في أمور تخص السلطة وشخص الزعيم تعد من المحرمات، لقد أصبح اللااستقرار السياسي العنوان الرئيس للعراق لأكثر من نصف قرن، والثقافة السياسية في العراق جرت صياغتها وفق مصلحة الحزب الواحد، والقائد الأوحد، حتى أصبح الرئيس يعني البلد . هذا الاضطهاد انتج معارضين يتسمون بالشخصية الانهزامية وهي التي تعاني من التردد وضعف العزيمة والاقبال على تنفيذ اية مهمة حتى اليسير منها، ويغيب عنها التخطيط فهي تعمل بصورة ارتجالية اكثر غير منظمة كل ذلك يجري ربما بدافع الخوف او الارتباك .و الشخصية الانهزامية التي تعرف انها الشخصية التي تقبع تحت تأثير الانهزام الذاتي رافضةً محددات المجتمع وغير مستثمرةً لخواصها وامكانتها العلمية والجسدية والعقلية والمعرفية ومعتاشة على فتات غيرها لعجزها وضعفها.

شخصية انهزامية

ولعل سبب تسميتها بالشخصية الانهزامية يأتي من كونها منهزمة في المواقف التي يراد لها ان تصمد وتواجه، ولكونها تفضل دائماً الاختباء وان تسبب لها ذلك باللعن والاساءة، وفي احيان اخرى تضع نفسها في موضع الضعف في محاولة منها لكسب التعاطف معها لتخفيف ما ترى انه عبئ كبير عليها. ومن خبث هذه الشخصية انها تحاول ان «تضغط على الناس بشدة أو تحرجهم أو تطالبهم بما هو فوق طاقتهم وتستمر في مضايقتهم حتى ينفجروا فيها، وبذلك تحقق هذه الشخصية بغيتها في إيقاع الناس في خطأ عدم سيطرتهم على انفعالاتهم الغاضبة، ويهمها في النهاية أن تعمق احساس الآخرين بالذنب لخطئهم في حقها. لهذا السبب نلاحظ قد كثر سرقة المال العام من قبل السياسيين تحسبن منهم في اي لحظة يهربون فيها لعدم ثقتهم بأنفسهم في ادارة الحكم.

 


مشاهدات 567
الكاتب جبار فريح شريدة
أضيف 2023/12/11 - 3:46 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 11:29 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 349 الشهر 11473 الكلي 9362010
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير