فاتح عبد السلام
تتباين الأولويات لدى الدول في قياس العوامل الأساسية التي يعزى اليها تقدم أنماط الحياة بما يجعل الموارد البشرية ذات كفاءة عالية ولها مشاريع تمتلك الديمومة في رفع مستوى المعيشة أيضا. لكن “الصحة والتعليم” تأتيان في المقدمة بشكل مشترك لجميع الدول تقريباً، وهناك دول تقدّم الزراعة او الصناعة والطاقة على نواح أخرى.
“الصحة والتعليم” معياران مهمان في وضع المجتمعات على السكة الصحيحة، ويرتبط العاملان بالمورد البشري الذي لا وجود او مستقبل له من دون ان يحافظ على صحته وتعليمه، لتقدم المجتمع وسلامة الجيل.
في العراق، نفتقد وقفة كبيرة وجدية امام ملف الصحة اولاً، اذ لا نزال نتعامل مع هذا الملف في الحدود الدنيا، ولا تزال العناوين الصحية أكبر كثيراً من محتواها الفعلي.
لا أريد هنا تناول المدن” المدمرة المحررة” التي لا تزال تخلو من” المدن والمؤسسات الطبية” التي كانت تتمتع بخدماتها عقودا، وأذهب الى سائر المحافظات الأخرى.
كيف يجري التعامل مع هذا الملف، مَن يقرر صلاحية المؤسسات الصحية وتوافقها مع الشروط العالمية في السلامة والعلاج والخدمات؟ وهل تناقش مجالس المحافظات مع وزارة الصحة، الحاجة الى مشاريع صحية تتوازى مع النمو السكاني وتوسع المدن؟ والاصح، هل هناك مَن يحاسب جهة أو مسؤولاً او وزارة على عدم بناء مدينة طبية واحدة جديدة في خلال عشرين سنة في المحافظات التي تمتلك مستشفيات او تلك التي لا تمتلك أصلاً؟
نوعية أعضاء مجالس المحافظات في التاريخ الأسود الذي مرّ على الإدارات العراقية خلال عقدين لا يعطي بصيص أمل في ان يوجد مَن يفكر بخطة استراتيجية طبية للوضع العادي او الاستثنائي لمدينته ومحافظته التي يدعي انه يقودها.
امّا التعليم، فأقصد به ما يخص مستوياته الأولى، من الابتدائية الى الإعدادية. كم مدرسة زارها أعضاء مجالس المحافظات ووقفوا على احتياجاتها، مادامت وزارة التربية منغمسة في بغداد في بحر كتابنا وكتابكم، منفصمة على واقع مزر تعيشه المدارس في اغلبية المدن، وقسم من بغداد؟
كم مدرسة جديدة جرى بناؤها في المحافظات؟ وكم مدرسة ذات ثلاثة “شفتات” دوام أو أربعة، تحسّن وضعها وتحولت الى حالة طبيعية؟
وجود المباني المناسبة في القطاعين الصحي والتعليمي مهم جدا، والمباني اليوم متعبة متآكلة، وقلما نالها التجديد والصيانة، لكن توفر المباني الجديدة، وهي قد تتوافر أحيانا، لا يعني انّ المحتوى تمّ تجديده ويمتلك شروط خدمة القطاع الصحي او التعليمي. ذلك انّ تطوير الكوادر الصحية والطبية والتعليمية والتربوية من المهام الشاقة التي لم تنل الرعاية، ولم تواكب التطور الذي تشهده دول العالم، بالرغم من الموازنات المليارية لهذه القطاعات في العراق .
رئيس التحرير-الطبعة الدولية