الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بالأرقام .. كيف خسرت أسرائيل حربها؟ (2-2)

بواسطة azzaman

بالأرقام .. كيف خسرت أسرائيل حربها؟ (2-2)

منقذ داغر

 

ملاحظة أفتتاحية:أنا من أشد المعارضين للاسلام السياسي وبخاصة المسلح منه ومهما كان مذهبه.

يتضح من الأرقام التي ذُكرت في الحلقة السابقة سبب قلق مسؤولي اللوبيات الصهيونية في أميركا من تضاؤل قوة تأثيرهم الخطابي داخل المجتمع الأمريكي.ويزداد قلقهم حين يتمعنون في دلالات الارقام الأخرى على الجانب الثاني من المعادلة الديموغرافية  في أميركا. ففي مقابل أنخفاض نسبة اليهود في أميركا بمقدار 20-25 بالمئة منذ 2010،بحسب تقرير للجزيرة،تضاعف عدد أفراد الجالية المسلمة هناك بنسبة 500 بالمئة  في ذات المدة وبمعدل زيادة يقدر ب 100 ألف شخص سنوياً،وذلك بسبب الهجرة بشكل رئيس. بذلك بلغ عدد المسلمين اليوم من 6-7.5 مليون شخص حوالي 82 بالمئة منهم نالوا الجنسية الأميركية  وباتوا يتمتعون بكل الحقوق السياسية للمواطن الأمريكي حسب دراسة معهد السلام الأمريكي USIP. هذا يجعل المسلمين قريبين جداً كثقل أنتخابي من اليهود،بل سيتفوقون قريباً في أهميتهم النسبية وهذا ما سيغير المعادلات والحسابات الأنتخابية بخاصة في 9 ولايات رئيسة يتركز فيها المسلمون. وفي حدث يحصل لأول مرة في أمريكا،فقد تم أنتخاب عمدة وكل اعضاء مجلس مدينة ميدويسترن Midwestern  الأميركية في ولاية مشيغان ليكونوا من المسلمين.ورغم صغر هذه المدينة الا أن الدلالة الديموغرافية السياسية واضحة للمستقبل. ومما يضاعف من قوة تأثير هؤلاء المسلمين في القرار السياسي الأمريكي أن 60 بالمئة منهم قد ولدوا خارج أمريكا بحسب المعهد الأميركي العربي. وعلى الرغم من أن الوقت ما زال مبكراً لكي يعادل المسلمون القوة الأنتخابية لليهود في أميركا أو يتفوقوا عليها لكن من الواضح أن هناك أنتباه أكبر من قبل المرشحين السياسيين الأميركان سواء على الصعيد الوطني أو المحلي،لهذه القوة الجديدة المتصاعدة التأثير في الأنتخابات الأميركية. ولأن الولايات المتحدة الأميركية هي أكثر بلد في العالم يعتمد نظام الأنتخابات لاختيار السياسيين وبعض المناصب الحكومية فأن تأثير الناخبين كبير في الحياة والقرارات السياسية. فأضافة لانتخابات الرئيس الأمريكي والكونغرس(بغرفتيه) فأن هناك 90 ألف حكومة محلية منتخبة في أمريكا. أن هذا ينقلنا للنوع الثاني من التغيير الذي حصل في أمريكا أضافة للتغيير الديموغرافي الا وهو التغيير في الأعلام.

2. تغيير نمط الأعلام الأمريكي. يلعب الأعلام ووسائله دوراً مهماً بل وحاسماً في معارك الرأي وحسمها لصالح سردية معينة. ولطالما سيطر أقطاب الأعلام الصهيوني،وما زالوا،على وسائل النشر الرئيسة في العالم سواء كانت مقروءة أو مسموعة أو مرأية. تكفي الأشارة هنا الى أن صحفاً مثل واشنطن بوست وواشنطن تايمز ونيويورك تايمز،ومحطات تلفزيونية مثل CNN, CBS,NBC,  وشركات أنتاج هوليوود الكبرى مثل الأخوة وارنر Warner brothers وباراماونت Paramount  وديزني Disney  مملوكة أو تدار من يهود ومعظمهم متصهينين.

نمط السيطرة

لقد ساعدت تلك السيطرة تاريخياً على ترويج السردية الصهيونية للمظلومية اليهودية والتي تم التنويه عنها سابقاً. الا أن العقدين الماضيين شهدا تحولاً في نمط السيطرة والأستهلاك الأعلاميَين بشكل جعل الأعلام أكثر ليبرالية وأقل قدرة على السيطرة على العقول وتوجيهها.هنا برز دور الأعلام الرقمي او الأفتراضي بخاصة في التأثير على توجهات الشباب في العالم ومنهم الشباب الأمريكي. فبعد أن كان 87 بالمئة من الأميركان يعتمدون على التلفزيون كمصدر رئيس لمعلوماتهم قبل عقد من الزمان بحسب معهد الصحافة الأمريكي US press Instituted  وثلثي الأميركان تقريباً يقرأون الصحف أو يستمعون للأخبار على الراديو، فأن هذه النسب تغيرت كلياً اليوم.

فقد أنخفضت نسبة المشاهدة للتلفزيون الى 68 بالمئة والاستماع للاخبار عبر الراديو الى 50 بالمئة في حين أنخفضت نسبة قراءة الأخبار عبر الصحف الى 32 بالمئة فقط. مقابل ذلك بات 86 بالمئة يستخدمون هواتفهم لمطالعة الأخبار .أما بين الشباب فأن 35 بالمئة منهم فقط يعتمدون على التلفزيون كمصدر للأخبار. وتنخفض النسبة أكثر بين من هم أقل من 29 سنة لتصبح 16 بالمئة فقط.أن غالبية الشباب بحسب أحصاءات معهد بيو يعتمدون على هواتفهم والأنترنت للحصول على المعلومة وهذه المصادر يصعب التحكم بها من قبل أذرع الأعلام التقليدية.

الخلاصة أننا نعيش اليوم في لحظة تاريخية مشابهة كثيراً لتلك اللحظة التاريخية التي قادها الشباب في نهاية ستينات القرن الماضي في الغرب وأدت الى الدفع بحقوق الأنسان عموماً والمرأة والسود خصوصاً الى واجهة الأهتمامات السياسية هناك. لقد باتت الحركات الليبرالية الشبابية المطالبة بحقوق الأنسان ومكافحة العنصرية متجذرة في عقول الشباب اليوم.

كما باتت الثورة الأعلامية الرقمية قادرة على تحطيم كل قيود السيطرة الأعلامية على الخطاب المتداول والسرديات التقليدية. أننا نعيش في عالم مختلف تماماً لم تعد الصهيونية قادرة معه على السيطرة على عقول الناس كما أعتادت أن تفعل. أن حرب غزة قد نقلت القضية الفلسطينية من محيطها العربي والأسلامي الى الفضاء الأنساني الواسع وهذا في رأيي هو أكبر ما أنجزته حرب غزة على الصعيد الأستراتيجي للآن. لذا يخطىء من لا يزال يتمسك بالبعد القومي والديني للقضية الفلسطينية فقد باتت قضية أنسانية عالمية بأمتياز.

وأذا كانت الحكومات الأسلامية والعربية عاجزة منذ عقود عن فعل شيء للفلسطينيين فيقيني أن أستثمار تضحيات الغزيين وجرائم الصهاينة يمكن أن تسهم كثيراً ليس في تفنيد سردية المظلومية(اليهودية) فقط،بل في بناء سردية جديدة قائمة على مظلومية الفلسطينيين وحقهم في حياة كريمة ومستقبل أفضل مثل كل شعوب العالم.


مشاهدات 493
الكاتب منقذ داغر
أضيف 2023/11/13 - 5:13 PM
آخر تحديث 2024/06/28 - 3:54 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 404 الشهر 11528 الكلي 9362065
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير