الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رسالة‭ ‬إلى‭ ‬صديق

بواسطة azzaman

رسالة‭ ‬إلى‭ ‬صديق

علي السوداني

وهذا‭ ‬كتاب‭ ‬آخر‭ ‬بمستطاعك‭ ‬وتحت‭ ‬يمينك‭ ‬أن‭ ‬تقرأه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬كدٍّ‭ ‬فكري‭ ‬قد‭ ‬يسبب‭ ‬لك‭ ‬نصف‭ ‬صداع‭ ‬وبعض‭ ‬معمعة‭ ‬ولذة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الآن‭ .‬

كتاب‭ ‬تقرأه‭ ‬وأنت‭ ‬راسخ‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬بارد‭ ‬بمحطة‭ ‬قطار‭ ‬مشمورة‭ ‬في‭ ‬الجوار‭ ‬،‭ ‬فينتج‭ ‬لك‭ ‬تزجية‭ ‬وقت‭ ‬ممكنة‭ ‬وحفلة‭ ‬عاطفية‭ ‬رباعية‭ ‬الأبعاد‭ ‬،‭ ‬والأبعاد‭ ‬هنا‭ ‬ستكون‭ ‬مثل‭ ‬ماعون‭ ‬فرفوري‭ ‬يتهشم‭ ‬ويوزع‭ ‬شظاياه‭ ‬على‭ ‬أعمدة‭ ‬الكتابة‭ ‬المدافة‭ ‬بالسلاسة‭ ‬واللغة‭ ‬الجرائدية‭ ‬السهلة‭ ‬،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬تقعر‭ ‬المعنى‭ ‬والحرف‭ ‬والشكل‭ ‬المطبوخ‭ ‬بمختبر‭ ‬السرد‭ ‬الأدبي‭ ‬الفني‭ ‬الخالص‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬اللقطة‭ ‬سيكون‭ ‬بمقدورك‭ ‬أن‭ ‬تقترح‭ ‬على‭ ‬الكاتب‭ ‬تبديل‭ ‬جنس‭ ‬المكتوب‭ ‬من‭ ‬مفردة‭ ‬رواية‭ – ‬مثلاً‭ –  ‬ترفرف‭ ‬بغير‭ ‬محلها‭ ‬فنياً‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬اخرى‭ ‬قد‭ ‬تصيب‭ ‬الهدف‭ ‬كما‭ ‬ولد‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ .‬

هي‭ ‬ليست‭ ‬رواية‭ ‬وليس‭ ‬ما‭ ‬صار‭ ‬يعرف‭ ‬الآن‭ ‬برواية‭ ‬السيرة‭ ‬،‭ ‬والسيرة‭ ‬هنا‭ ‬ستختلط‭ ‬بالذاتي‭ ‬والخاص‭ ‬جداً‭ ‬فتحوله‭ ‬إلى‭ ‬هتاف‭ ‬عالٍ‭ ‬سيأخذك‭ ‬إلى‭ ‬صخب‭ ‬مظاهرة‭ ‬من‭ ‬يافطات‭ ‬وأكف‭ .‬

الأنا‭ ‬والذات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الطويل‭ ‬عالية‭ ‬ومتضخمة‭ ‬ومحتكرة‭ ‬على‭ ‬شخصية‭ ‬الكاتب‭ ‬الحقيقية‭ ‬،‭ ‬والحدث‭ ‬المعاش‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬بعيدة‭ ‬لم‭ ‬تشفع‭ ‬له‭ ‬بعض‭ ‬الأقنعة‭ ‬القليلة‭ ‬جداً‭ ‬والتي‭ ‬حاول‭ ‬الصانع‭ ‬أن‭ ‬يلبسها‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬التمويه‭ ‬وإزاحة‭ ‬المخيال‭ ‬،‭ ‬ابتغاء‭ ‬جر‭ ‬النص‭ ‬ولو‭ ‬بجزئيات‭ ‬قليلة‭ ‬صوب‭ ‬الكتابة‭ ‬الأدبية‭ ‬الخالصة‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬الحماسة‭ ‬طغت‭ ‬والتقريرية‭ ‬تسيدت‭ ‬بسبب‭ ‬قوة‭ ‬المظلومية‭ ‬وفرط‭ ‬التوصيف‭ ‬الجاهز‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬أسبابه‭ ‬فقر‭ ‬المعجم‭ ‬اللغوي‭ ‬وشحة‭ ‬إعمال‭ ‬الخيال‭ ‬الخلاق‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬يحصل‭ ‬كثيراً‭ ‬ويرمى‭ ‬تالياً‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬الإصدار‭ ‬الأول‭ .‬

في‭ ‬باب‭ ‬التجنيس‭ ‬والتوصيف‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬المكتوب‭ ‬هو‭ ‬سنوات‭ ‬مرة‭ ‬بطعم‭ ‬الحنظل‭ ‬وذكريات‭ ‬مدونة‭ ‬على‭ ‬حائط‭ ‬القلب‭ ‬وفي‭ ‬أفضل‭ ‬الوصف‭ ‬هو‭ ‬مذكرات‭ ‬كتبت‭ ‬كمنجاة‭ ‬ممكنة‭ ‬لكاتبها‭ ‬لينزل‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬ظهره‭ ‬حمل‭ ‬سنوات‭ ‬سود‭ ‬سخماوات‭ ‬ميزت‭ ‬عيش‭ ‬الناس‭ ‬–‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬–‭ ‬ببلاد‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬القهرين‭ ‬العظيمين‭ ‬وما‭ ‬حولها‭ ‬من‭ ‬نار‭ ‬أكلت‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬حطب‭ ‬وزرع‭ ‬وأمل‭ .‬

الواقع‭ ‬المعاش‭ ‬هنا‭ ‬منقول‭ ‬ومسجل‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استعمال‭ ‬المحسنات‭ ‬والتزويق‭ ‬والعدد‭ ‬الكتابية‭ ‬الاخرى‭ ‬،‭ ‬والإزاحة‭ ‬الفنية‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬ببعض‭ ‬مفاصل‭ ‬الكتاب‭ ‬لم‭ ‬تهرب‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬سور‭ ‬الخاطرة‭ ‬وزفرات‭ ‬الحب‭ ‬العظيم‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬المتحمسون‭ ‬الإبتدائيون‭ ‬يسجلونها‭ ‬ويرسمونها‭ ‬على‭ ‬أخير‭ ‬دفتر‭ ‬المدرسة‭ ‬وحائط‭ ‬الزقاق‭ ‬وشجرة‭ ‬الصفصاف‭ .‬

طبعاً‭ ‬أنا‭ ‬لست‭ ‬بطور‭ ‬الباحث‭ ‬عن‭ ‬اجتراح‭ ‬ونحت‭ ‬مصطلح‭ ‬نقدي‭ ‬جديد‭ ‬لجنس‭ ‬كتابيٍّ‭ ‬،‭ ‬لكي‭ ‬يسجل‭ ‬بإسمي‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬حقوق‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬،‭ ‬فما‭ ‬أنا‭ ‬بناقد‭ ‬يشتغل‭ ‬على‭ ‬نهج‭ ‬درج‭ ‬عليه‭ ‬النقدة‭ ‬الأوائل‭ ‬والقائمون‭ ‬الآن‭ ‬،‭ ‬لذلك‭ ‬سترى‭ ‬يا‭ ‬عزيزي‭ ‬القارىء‭ ‬أن‭ ‬مكتوبي‭ ‬الإنطباعي‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬وحدة‭ ‬الموضوع‭ ‬ويتقافز‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬أُس‭ ‬العلة‭ ‬وتمام‭ ‬المعنى‭ !!‬


مشاهدات 823
الكاتب علي السوداني
أضيف 2023/10/31 - 4:18 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 4:54 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 403 الشهر 11527 الكلي 9362064
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير