فاتح عبد السلام
سيارات حديثة بالملايين تعمل بالديزل والنفط، تغص بها عواصم متقدمة في العالم مثل لندن وباريس وبرلين، والسقف الزمني للانتقال الى الطاقة الكهربائية في المركبات بشكل نهائي يتراوح بين سبع سنوات في بريطانيا واثنتي عشرة سنة في دول الاتحاد الأوربي، وهو وقت قصير بالقياس الى ضخامة ما موجود من اعداد سيارات، يحار المرء كيف سيتم التخلي عنها لصالح مركبات الطاقة النظيفة.
اليوم تحدث المدير العام للوكالة الدولية للطاقة عن تجاهل مؤتمر المناخ الذي انعقد مؤخرا في دبي قضية تمويل الدول الفقيرة وما سمّاها بدول الجنوب من أجل الالتحاق ببقية دول العالم التي سيكون انتقالها الى الوضع الجديد في الطاقة نهائيا ولا رجعة عنه، لاسيما بعد أن خرج مؤتمر المناخ باتفاق عالمي تاريخي في الشروع بالتخلي عن الوقود الاحفوري.
الدول العربية النفطية بوصفها غنية تعاني في الأوضاع العادية اليوم من عجز في موازناتها، وهي ستخسر مرتين، مرةً بتحول ثرواتها النفطية الى مواد عديمة القيمة في نظر العالم بنسب متفاوتة طبعا وليس بشكل كامل، ومرة أخرى في حاجتها لتمويل قطاعات واسعة من اجل استخدام الطاقة البديلة، النووية والكهربائية، وهو أمر برغم كلفته يحتاج الى فترة زمنية اضعاف ما تحتاجه اية دولة غربية تمتلك القدر الوافي والمقبول في البنية التحتية للشروع في التحول الى استخدام الوقود الجديد.
أمّا الدول الفقيرة والمسحوقة بالفساد، والعراق في طليعتها، والتي تعيش حياتها العليلة يوماً بيوم، ولا وفرة مالية لها، فإنّ مصيبتها كبيرة، وقد تكون عبئاً على العالم المتقدم، فضلاً عن انها ستحتاج الى معالجة مشكلة جديدة هي تمويل عملية الاقتراض من العالم لتحقيق التوافق مع التغيير في معايير استخدام الوقود في العالم، وهذا لا يقتصر على السيارات وانما يشمل عموم حركة الإنتاج والصناعة والاستخدام اليومي والمعيشي للطاقة.
هنا، نقطة مفصلية، سنرى فيها بلدنا كم هو بعيد عن العالم، وكيف انّ مخططي أي برنامج تنموي لم يضعوا مسألة التخلي عن الوقود الاحفوري في التصاميم والكلفة والزمن المطلوب لإنجاز أي مشروع.
هذا هو معنى التخطيط الذي تخصص له الدول وزارات، وليس كحال دولنا التي تُعنى فيها وزارة التخطيط بمهمات من الممكن ان تؤديها اية بلدية أو دائرة في إحصاء سكاني او التحقق من صحة درجات وظيفية او سوى ذلك من مهمات استهلاكية لا تعنى بالاستراتيجيات المواكبة للعصر.
والمصيبة انّ وزارة التخطيط تُعطى في العراق بحسب المحاصصة المقيتة لتكون من حصة غير المختصين، كما حال وزارات سواها.
ليس بالحروب نرجع الى عصر ما قبل الصناعة، ولكن بتنصيب سياسيين جهلة في مواقع الصدارة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية