الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أميركا وأخطاؤها الكبرى في المنطقة (3-3)

بواسطة azzaman

أميركا وأخطاؤها الكبرى في المنطقة (3-3)

منقذ داغر

 

بعد تفصيل أهم الأفتراضات الخاطئة الكبرى التي ميّزت مرحلتي الدخول entrance  والخروج exit  للسياسة الأميركية في المنطقة جاء الدور لتفصيل أهم الأفتراضات الخاطئة الكبرى للسياسة الأمركية وهي تدشن مرحلة العودة للمنطقة بعد أرسالها لقواتها من جديد وأنهماكها السياسي الكبير بحرب غزة. لقد بنيت السياسة الأميركية على ما يبدو على الأفتراضات الآتية:

أ‌. تكرار أخطاء المضي بأفتراض(أن الأرهاب هو مرض يجب أسئصاله وليس عارض يجب معرفة جذوره ومسبباته). لذا كان رد الفعل الفوري لأمريكا(بايدن) هو أرسال حاملات الطائرات وفتح مخازن السلاح والعتاد وأرسال الجنود للمنطقة. لكنها بعد أن قامت بذلك باتت تفكر جدياً في أحتمالات توسع نطاق الحرب وأنجرارها لحرب أقليمية وربما دولية.

ب‌. (أن الحلفاء العرب يمكن لهم أن يقفوا موقفاً متفرجاً مما يجري). لم تدرك الأدارة الأميركية حجم الغضب الشعبي العربي الناجم عن أنحيازها وعن حملة القتل والمذابح التي ترتكبها أسرائيل. لذا يبدو أنها تفاجئت من هذا الموقف الشعبي الذي أجبر حلفائها المقربين في المنطقة كالسعودية والأردن ومصر على أتخاذ خطوات (كوقف التطبيع،عدم السماح بفتح معبر رفح بأتجاه واحد،والرفض القاطع لخطة تهجير أهل غزة) وباتت كل الجهود التي بذلت لتحقيق المصالحة والتطبيع مهددة.

ت‌. (أن خلاف العرب والعالم مع حماس وأيران وضعف شعبيتهما عربياً ودولياً يمكن أن يبرر الأنحياز الأمريكي).

خطاب اعلامي

ففي الوقت الذي حاولت فيه أمريكا التمييز بين سكان غزة وبين حماس في خطابها الأعلامي،الا أن موقفها العملي كان مع عدم التمييز بين مقاتلي حماس ومدنيي غزة. كما أن تأكيد أميركا على علاقة حماس بأيران(وهي بلاشك موجودة وقوية) سيجعل الدعم الشعبي والرسمي لسكان غزة يقل. لذا سمحت أمريكا لأسرائيل بأرتكاب المذابح بحق المدنيين معتقدةً أن العالم الخارجي سيسكت عن ذلك ما دام الخطاب الأعلامي يقول أنهم يستهدفون حماس وأذرع أيران في المنطقة.

أن هذه الأفتراضات الخاطئة وسواها أوقعت السياسة الأميركية بفخ أستراتيجي ستستمر تداعياته لمدة طويلة. لقد خسرت أمريكا ما تبقى لها من مصداقية بين الشعوب العربية. وباتت مكونات العلامة التجارية المميزة لأمريكا (الديموقراطية،وحرية الرأي،وحقوق الأنسان) جميعها غير موثوقة لدى الشارع العربي.وحينما يقارن العرب الآن بين العلامة التجارية للسياسة الأمريكية وتلك المميزة للسياسة الصينية فلا شك أنهم سيختارون الصينية. وأذا كانت روسيا لا تتميز تقليدياً سوى بقدراتها العسكرية المتطورة،فيبدو أن أمريكا بسياستها المتحيزة أصابت قوتها الناعمة(المميزة والمتفوقة دوماً) بمقتل مما جعلها تتساوى في الميزة الأسترتيجية التنافسية مع روسيا المنافس الثاني لها في المنطقة. فكل من روسيا وأميركا لم يعودا يمتازان سوى بقدراتهما العسكرية المتطورة مع تفوق روسيا بعدم أنحيازها لأسرائيل. لقد فشلت أميركا فشلاً ذريعاً في أدراك أن العرب(وبخاصة الشعوب) وبرغم الخلافات الكبيرة بينهم الا أنهم موحدون في شيء واحد هو نصرة القضية الفلسطينية.وأنه رغم كل الخلافات مع أيران أو حماس أو حزب الله الا أنهم سختارون(مجبرين أو مخيرين) الأنحياز للفلسطينيين مهما كانت عناوينهم مقابل الأسرائيليين مهما كانت عناوينهم.

أن الفشل في أدراك هذه الحقيقة البسيطة عن الرأي العام العربي أوقع أميركا في خطأ أستراتيجي كبير حجب عنها رؤية ما سيحصل لسياستها في المنطقة في اليوم التالي لأنحيازها غير المشروط لأسرائيل.لذا يكرر البيت الأبيض أخطاؤه الأستراتيجية ويصرح مسؤولوه أنه «ليس هناك خطوط حمراء على أسرائيل»غافلين عن كيفية ترجمة الرأي العام العربي لمثل هذا التصريح. أن أمريكا سترتكب خطئاً مضاعفاً أذا أعتقدت أن الأنظمة العربية الحليفة لها محمية أستراتيجياً وأن الرأي العام العربي غير قادر على الأطاحة بها وبالتالي فتح كل الأحتمالات في المنطقة،ولا شك أن أمريكا ستكون من بين أكبر الخاسرين آنذاك.

 

 

 


مشاهدات 573
الكاتب منقذ داغر
أضيف 2023/10/30 - 4:46 PM
آخر تحديث 2024/07/15 - 6:46 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 370 الشهر 7938 الكلي 9370010
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير