الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الحالة  في العراق.. تحليل شخصية 77 بغياً وسمسيرة

بواسطة azzaman

الحالة  في العراق.. تحليل شخصية 77 بغياً وسمسيرة

قاسم حسين صالح

 

 في العام 1987 ألقت الشرطة العراقية القبض على كلّ البغايا والسمسيرات (القوادات ) في محافظات العراق كافة،وجرى جمعهن في معتقل شرقي بغداد. وكان يوجد في حينه مركز للبحوث والدراسات تابع لمديرية الشرطة العامة يرأسه لواء شرطة يحمل شهادة دكتوراه في القانون هو الدكتور عبد الأمير جنيح،وكنت اعمل فيه باحثا علميا اجريت دراسات ميدانية بينها اثنتان على سجناء في سجن (أبو غريب) واحدة عن ظاهرة حصلت في سنوات الحصار(1991-2003) كان فيها المحكومون يسرقون سيارات السوبر بعضها مصحوبة بقتل اصحابها،والثانية عن عصابة تكريت وهذه لها قصة طويلة.فاقترحت على الدكتور عبد الامير ان نستغل فرصة هذه (اللمّة) الاستثنائية باجراء دراسة علمية. غير ان الأمر كان يحتاج الى موافقة مدير الشرطة العام ،فقال لي بلطافة:

- انا راح اوصلك اله وتبقى انت وشطارتك بلسانك الحلو وخبرتك الاذاعية. واستطعنا اقناع مدير الشرطة العام ( مصلآوي لطيف)..فقمت بتجهيز عدتي العلمية من اختبارات نفسية واستمارات مسح اجتماعي. وكنت التقيهن بمكان حجزهن في غرفة مدير مركز الشرطة الذي كان يغادر ويخلي مكانه لي. وكان الشرطي يأتيني بهن واحدة بعد أخرى ،واطلب منه ان يكون وراء شباك الغرفة الزجاجي حماية لنفسي( مو بعيده وحده تصرخ وتكول هذا يتحرش بيّ!).

خلوة علمية

 كنت أختلي بمن تأتي (خلوة علمية طبعا!) وأجري معها مقابلة في اسئلة مفتوحة واخرى مغلقة..فأكملت المقابلات وتطبيق الاختبارات في شهرين على عينة من المحتجزات ضمت (77) بغيا وسمسيرة من بين اكثر من ثلاثمائة محتجزة تترواح اعمارهن بين (17 سنة..فتاة قتلت اباها ودفنته! و 55 سنة ..سمسيرة من عائلة دينية في مدينة دينية!)،وانجزتها في دراسة حملت عنوان:(البغاء..أسبابها وأساليبها وتحليل لشخصية البغي)،نوقشت في ندوتين:علمية حضرها أكاديميون جامعيون وباحثون اجتماعيون ،وكانت الأولى عن البغاء في العراق، من حيث حجم العينة الكبير ومنهجية الدراسة المتعددة في ادوات البحث. واذكر انني حين قرأت عنوان الدراسة وقلت البغاء(بفتح الباء) رفع عميد كلية الاداب استاذ اللغة العربية الراحل الدكتور حمودي القيسي وقال:قل البغاء بكسر الباء!.   اما الندوة الثانية فقد دعى لها وزير الداخلية (سمير الشيخلي )وحضرها ممثلون عن حزب البعث في المحافظات العراقية وضباط مكافحة الجريمة. وما زالت صورته في الذاكرة وهو جالس بينهم لحظة رفع الدراسة وقال لهم بالنص: هاي الدراسة تاخذوها وتثقفون شعبكم بيها. وكنت احرص ان ادعو الدكتور علي الوردي لحضور المؤتمرات والندوات العلمية. ومن طريف ما حصل انه سحبني من يدي حين انهيت تقديمي للدراسة فقال : تدري دراستك هاي عن ( الكحاب..هكذا قالها) تذكرني بنكته: بالاربعينات حصلت موافقة على فتح مبغى..منزول في بغداد ، فاجتمعت اللجنة برئاسة الوصي عبد الاله ووزراء الصحة والعدل والداخلية ومدير الأمن العام ومسؤول مصلاوي يجيد النكتة لتحديد المكان المناسب في بغداد،وكان احدهم يقول في المكان الفلاني وآخر يقترح مكانا آخر...

 فقال لهم المصلاوي: انتو علويش مختلفين..أبويه، احسن مكان لفتح المنزول هو الميدان والما يصدك خل يروح يسأل أمه!!!..فضحك الجميع فيما استلقى الأمير عبد الاله على ظهره من الضحك.

مزاد كبير

 وضغط الوردي على يدي في اشارة ..ماذا لو قال احدهم مثل هذه النكتة للسيد...كان بين البغايا من تثير الدهشة .فأحداهن (بعمر 19 سنة) كانت أخت صاحب مزاد كبير في بغداد لها ضفيرة بطول متر.وحين أبديت لها استغرابي..انكرت وقالت انها فتاة عذراء، فوضعت أماها ورقة وقلما لتكتب طلبا باجراء فحص طبي يثبت عذريتها..كي اساعدها على اطلاق سراحها..فادعت انها مطلقة. وأخرى كانت جميلة .. أنيقة ..لبقة.. و(شخصية!)،ردت عليّ بثقة ،بعد أن وضعت فخذا على فخذ وابتان (اللحم الرخيص)..أنه جيء بها بالغلط (وسيطلق سراحي اليوم..وراح تشوف).وفعلا لم أرها في اليوم الثاني..لكني رأيت سمير الشيخلي،وزير الداخلية، يعيط بشرطة المركز بعد ان علم بأن أحد أفراد حماية (الريس) كان قد جاء واخذها..فبعث حرسه الخاص مع مفرزة من الشرطة وأعادها للحجز..وأظن ان اقالته بعد اشهر من الوزارة كان بسبب (قحبة !).

 وثالثة (وهذه سمسيرة) كانت صاحبة محل اكسسوارات مميزة وأزياء نسائية راقية تشتري منها زوجات مسؤولين كبار..وكانت تحتمي بهنّ دون أن يعرفنّ بحقيقتها.ولقد اكتشفت أن عالم البغاء غريب بمفاجآته..وأن العوز او تردي الوضع الاقتصادي ما كان هو السبب الرئيس لعدد كبير من البغايا..وأن له بعدا سياسيا..وأن وظيفة بعض الملاهي في بغداد كانت اصطياد الفتيات الجميلات لسياسيين وأصحاب وظائف كبيرة بعضهم بعيد عن الشبهة!..فضلا عن زوجات كان ازواج بعضهن لا يشبعون حاجتهن للجنس!..وبالمناسبة ،كانت نسبة المتزوجات بين البغايا 58بالمئة مقابل  42 بالمئة بين مطلقة وارملة وغير متزوجة!. ليس هذا فقط بل ان بينهن من اطلعتني على اسرار لو كشفتها في حينه لأنهجمت بيوت عوائل شريفة..وكتمتها ، وتلك هي مهمة الباحث العلمي،أن يحافظ على اسرار عينات بحثه وان كانت بغايا وسمسيرات. كانت حياة كل واحدة منهن تصلح دراما حقيقية لو ينتجها التلفزيون العراقي الآن لاشتراها منه اكثر من تلفزيون عربي، لدينا قصة احداهن..ستندهشون!. 

  اقتراح لوزارة الداخلية 

 من اجل توثيق هذه الظاهرة الخطيرة جدا..دينيا واجتماعيا واخلاقيا وصحيا ، فاننا نقترح على وزارة الداخلية العراقية توفير الفرصة لنا لدراستها عبر مراحلها التاريخية بهدف تشخيص اسبابها وسبل معالجتها، ونحن حاضرون لأنجازها دون ان نكلف الوزارة شيئا.. راجين أن يكون التواصل عبر جريدة الزمان.

 مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

 


مشاهدات 760
الكاتب قاسم حسين صالح
أضيف 2023/10/13 - 10:35 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 2:22 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 404 الشهر 11528 الكلي 9362065
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير