الصحافة اللبنانية إرث عميق يقاوم التحدّيات وتفاعل مع أدواته الجديدة

سامر الياس سعيد

كانت ايام الزيارة للعاصمة بيروت وما تبعها من مناطق فرصة مهمة للاطلاع على واقع الصحافة اللبنانية  لاسيما من خلال ما تختزنه من ارث عميق وعناوين بارزة بقيت راسخة في الذاكرة بالغم من التحديات  ومازال اللبنانيون يفتخرون بتجربة جريدة النهار حتى مرشدة الشركة السياحية  ما ان مرت بساحة الشهداء حتى اشارت بيدها لمبنى جريدة النهار  لتدلل على ما تختزنه تلك الصحيفة العريقة من مكانة مهمة في ذاكرة اللبنانيين  فايقظت في بالي انني ساجد الصحف في متناول اليد مثلما كانت تجربتي في القاهرة حينما كنت اقصد مكتبة الفندق عند السادسة صباحا لاجد اغلب عناوين الصحافة المصرية فيها لكن المفاجاة ان واقع مصر لايتشابه مع واقع بيروت  فحينما اخبرت عامل الاستعلامات برغبتي باقتناء الصحف اللبنانية اخبرني بانه يمكنني الاطلاع عليها من مواقعها الالكترونية .

مكتبات محددة

 مشيرا بان هنالك مكتبات محددة قد تبعد كثيرا عن موقع الفندق يمكن فيها ان تجد ضالتك ومنها منطقة جونيه  لكنني في المقابل كنت مع الكروب السياحي  في باص الشركة واثناء تجوالنا في عدد من المناطق  التي تعد ضيعات كنت المح مكتبة  فيها عدد من الصحف اللبنانية حتى وقفت على رغبتي بمنطقة البترون  حينما عثرت على مكتبة فوجدت فيها الصحف اللبنانية  التالية حيث يبرز بمقدمتها صحيفة النهار  التي عنونت صفحتها الاولى بتاريخ 31 تموز   بالاشارة الى  نهاية عصر سلامة  قاصده حاكم مصرف لبنان  رياض سلامة التي انتهت ولايته في ذلك اليوم الى جانب تغطيتها الموسعة لانفجار الوضع في مخيم عين الحلوة  كما ابرزت بافتتاحيتها حلول عيد الجيش اللبناني في الاول من اب متسائلة عن كيفية  حلوله وسط تلك الاحداث التي يمر بها البلد  كما ابرزت صحيفة اخرى تحمل اسم نداء الوطن  وهي من الصحف التي مر عليها خمس اعوام على الصدور  بابراز ما نشتها الرئيسي ليوم 31 تموز حول  احداث مخيم عين الحلوة فاشارت  الى ان طريق فلسطين  تمر بالاغتيالات  والاشتباكات والترويع  ومن الصحف اللافتة جريدة  الحدث العربي والدولي وهي تصدر بحجم نصف بطال من النوع الصقيل  واقتنيت عددها العاشر الصادر يوم 29 تموز  ليبرز مانشيتها الرئيسي عن الهاجس الامني الذي تشهده لبنان  فضلا عن مانشيت اخر بعنوان التسوية  السياسية لم تستو بعد  ومن الصحف العريقة ايضا هنالك صحيفة  الجمهورية التي تشير ترويستها الى انها  صدرت عام 1924 والعدد الذي صدر يوم 31 تموز حمل الرقم 3618 وحمل مانشيتها الرئيسي  عنوان عريض يقول  تجاوز الفراغ النقدي والرئاسي مستمر  بينما حمل الغلاف الاول صورة كبيرة عن احداث مخيم عين الحلوة وكتب عليها يوم دام في عين الحلوة  وتواصلت هوايتي باقتناء الصحف اللبنانية في سياق الرحلة  فاقتنيت يوم 2 اب وجبة جديدة من الصحف التي كانت تتمحور حول  المخيم واحداثه المتفجرة فكتبت النهار اللبنانية  في صدر صفحتها الاولى  عين الحلوة  حرب استنزاف ولاحسم  فيما بين مانشيت اخر احداث الواقع الاقتصادي الذي تنوء به لبنان فكتبت النهار حول بالقول  تقاذف ملف الاقتراض بين الحكومة والمجلس  وفي السياق ذاته كتبت صحيفة اللواء  وهي من اعرق صحف لبنان فقد مر عليها نحو 59 سنة على صدور عددها الاول وبين يدي عددها المرقم 16728 الصادر يوم الاربعاء 2 اب  فقد كتبت الصحيفة المذكورة عنوانا رئيسيا  جاء فيه عن التراجع الحكومي عن طلب الاقتراض والكرة في ملعب النواب  وعادت جريدة الاخبار لابراز الشان اللبناني في اليوم ذاته  فبينت بعنوان رئيسي بان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي خدع نواب الحاكم لمصرف لبنان  لكن في سياق عددها ابرزت جانبا من تقرير مطول بينت  فيه حول رد سوريا بالنار  ازاء تشديد اميركا الحصار  وفي الديار التي كانت تعيش عامها ال35 وبعددها المرقم 12284 كتبت  عناوين مختلفة بينت فيها  نداء رئيس حزب الله نصر الله  بايقاف الاقتتال في عين الحلوة كما اشارت الى ان الاستحقاق الرئاسي يتراجع نسبيا  في انتظار ايلول  ومدى توافق  حزب الله على مطالب باسيل ومن ابرز الصحف اللبنانية ايضا هنالك جريدة الشرق  التي بينت ترويستها استمرارها في الصدور منذ عام 1924 حيث صدر عددها بالرقم 22161 في 3 اب  وبين رئيس تحريرها في صدر الصفحة الاولى  بان ما يجري بمخيم عين الحلوة ما هو الا رسالة ايرانية  الى مصر وتركيا كما اشارت الى لقاء ميقاتي بالبطريرك  بشارة الراعي ليشير في الديمان بعدم وجود جلسة للحكومة في المقر البطريركي  وخيم احداث انفجار المرفا على صحف  يوم الخميس السابق للذكرى السنوية التي جرت الجمعة 4 اب  حيث ذكرت صحيفة النهار في عنوان بارز  حول مناخ 4 اب  بوجود اجتماع وزاري في الديمان  مع صورة كبيرة بينت قيام ناشطين بالقاء اصباغ حمراء في عدد من شوارع وسط بيروت.

صفحة اعلام

  واذا كانت الصحافة الورقية في لبنان تتميز بارثها العريق وسنواتها التي زادتها خبرة وتجربة فالشرق الاوسط السعودية وفي صفحة اعلام التي تصدر يوم الاثنين من كل اسبوع  بينت ان لبنان يتفاعل  مع الاعلام الجديد لكن ليس بالوتيرة  المطلوبة واشارت مراسلة الجريدة في بيروت  فيفيان حداد بان الاعلام الجديد الذي تقصده  هو الوسائل التقنية  الحديثة التي تتداول المعلومات  وتنقلها  وتوصلها للناس  حيث تشهد مثل تلك الوسائل  تجددا مستمرا  كالثريدز الذي ولد من رحم انستغرام  لينافس  مباشرة تويتر  وبيت حداد في سياق التحقيق ابرز خصائص الاعلام  الجديد من جانب توفيره التفاعل  بين الاطراف وتسهيل عمليات تبادل المعلومات  وقد التقت حداد في سياق اعداد التحقيق كلا من حسين الشريف منسق الابحاث  في مؤسسة مهارات  وهو عضو  في الشبكة الدولية  للتبادل الحر للمعلومات الذي  قال عن الاعلام الجديد بكونه يشق طريقه في لبنان  وترجم على الارض ببروزه كاعلام بديل  اما الطرف الثاني في اضلاع التحقيق  فقد كان الدكتورة  جوان عازار  استاذة الاعلام  والغلوبال ميديا  في جامعة سيدة اللويزة  التي اشارت من خلال حديثها الى ان لبنان يواكب  تطورات الاعلام  لكنها لم تخفي وجود ثغرات جراء هذا الاعلام  كون ان هنالك شريحة من اللبنانيين لايملكون  القدرة المالية على مواكبة الاعلام الجديد  كما التقت مراسلة الشرق الاوسط بالدكتور محمود طربيه استاذ الاعلام في الجامعة اللبنانية الذي ادلى برايه في سياق الموضوع مشيرا بان  الاعلام التقليدي  بنفسه ذهب  نحو الاعلام الجديد  حيث لجات وسائل الاعلام التقليدية الى مواقع التواصل  لشد جمهورها وابقائه على تواصل معها .

لقد اغنت تجربة بحثي في المكتبات في العاصمة اللبنانية عن وجود نهم كبير للبحث عن الصحافة الورقية  الى جانب تعدد الثقافات فالمجلات الفرنسية ما زالت تحتل واجهات تلك المكتبات  لتبرز شغفا ونهما في القراءة المتعددة والمتنوعة  وهذا ما نعاني من غيابه على صعيد المكتبات العراقية  التي بدات تبتعد عن استقطاب المطبوعات مكتفية بابراز تخصصها بالقرطاسية واجهزة الاستنساخ وكراريس للتلوين تغري الاطفال على اقتنائها فحسب.