الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أخلاقيات بين الناقد والأديب.. نظرة في رسائل الدكتور علي جواد الطاهر والشاعرين  محمد مهدي الجواهري ونازك الملائكة

بواسطة azzaman

أخلاقيات بين الناقد والأديب.. نظرة في رسائل الدكتور علي جواد الطاهر والشاعرين  محمد مهدي الجواهري ونازك الملائكة

 

لقاء موسى الساعدي

 

تحولت العلاقة التكاملية بين الناقد والاديب الى علاقة تتسم بالتوتر والصراع  وتصل احيانا الى حد الشتائم والعداء الصريح واستبعاد اسماء لصالح اسماء وكل هذا يخضع لامزجة شخصية ومعايير غير علمية لا علاقة لها بالثقافة والادب لامن قريب ولا من بعيد. وصار من النادر الوقوف عند كتاب يحترمون نقادهم والعكس نقاد يستخدمون اللغة النقدية المنهجية والملتزمة بالموضوعية العلمية.

حتى ان المتتبع يستطيع ان يلحظ لغة الشتائم والسخرية في كثير من المقالات النقدية والادبية في الملحق الادبي لابرز الصحف العربية الصادرة الان، فضلا عن النقد الاكاديمي الذي تخلى عن اهم مايميزه وهو دراسة الادب كظواهر ثقافية واجتماعية وفق مناهج علمية معروفة وبلغة علمية محايدة، فتحولت الرسائل والاطاريح الى مقالات مديح ومجاملات لا طائل منها لاتفسر ظاهرة ولا تقدم معلومة. هذه الحالة المأسوف عليها التي وصل اليها الوضع الثقافي في العراق وغيره من البلدان العربية، ودفعت الكثير من الكتاب الى التنحي وايثار السلامة بدل الخوض في صراعات لا طائل منها تحسم غالبا لمن يمتلك قوة الاذى اكثر.

وقد يكون ضروريا ان نقف لنراجع الاسباب التي جعلت الجيل الاول من الادباء والنقاد ينجحون في تأسيس واقع ثقافي مؤثر ومتكامل يكون فيه الجميع حاملين مسؤولية كل كلمة ينطقون بها دون ان يصل التنافس بينهم الى حد القطيعة والنزاع والكراهية. لذا اخترت انموذجا لابرز نقاد العراق وهو الدكتور علي جواد الطاهر الاكاديمي المعروف بدأبه في الكتابة ومتابعة مستجدات وتطورات الوسط الادبي في وقته رحمه الله، والشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري، والسيدة نازك الملائكة الاديبة العراقية التي فاقت شهرتها اي اديبة عربية اخرى، ومناسبة هذا الجمع هو اني عثرت على رسائل متبادلة بينهم  يعود تاريخها الى اربعين عاما مضت، عكست هذه الرسائل المزاج الثقافي لجيل من ابرز الاجيال الثقافية العراقية. تحدث  فيها الجواهري عن المجموعته الشعرية الكاملة التي طبعت في بغداد واشرف عليه الطاهر مع مجموعة من الادباء، ويغلب عليها طابع المزح والود بين الشاعر والناقد.

كما وجدت رد الطاهر على رسالة الجواهري التي يبدو انه كتبها لكنه لم يرسلها لاسباب اجهلها لكنني اثرت ارفاقها في هذا المقال لاهميتها.

اما رسالة الشاعرة  نازك الملائكة الى الطاهر فقد تضمنت حديثا عن احدث اصداراتها عن دار العودة ودار العلم للملايين، وهي تمازح الطاهر من اول سطر معترفة بانها تكتب اليه لاول مرة وقد اعتادت ان يراسلها الادباء عادة، هذا لمكانة الطاهر لدى ابرز الادباء في وقته والعلاقة الودية بينه وبينهم وهي علاقة اخلاقية اولا قبل ان تكون معرفية وثقافية، ثم تختم الملائكة رسالتها بممازحة اخرى بعد ان استعرضت وفرة نتاجها بعبارة تقول: ((انني قد اكون خطرة على اي شاعر تهتم به)).

مهما بلغ الاديب من مكانة فانه ينزع ثوب نرجسيته ويقف مقام التواضع امام الناقد المحترف الذي يقدم النص بعلمه وادبه فليس العلم وحده مايبحث عنه الانسان وبهما معا تكتمل الجماليات وتسبك لتصب في وسط ثقافي تحكمه الاخلاقيات والانسانية اولا، وقد لايبدو هذا غريبا حين نستذكر ابي الطيب المتنبي اكبر شعراء العربية نرجسية وغرورا وهو يقول عن ابن جني انه  اعرف بشعري مني، وهذه نفس العبارة كررها الجواهري فقال في تسجيل صوتي لندوة جمعت الطاهر بالجواهري اثناء تكريم الجواهري في جامعة الموصل عام 1980 فقال : الطاهر اعرف بشعري مني.

موجز لوقفات الطاهر النقدية مع الجواهري

وضع الطاهر الجواهري في مرحلة وسط بين شعراء التجديد في العراق فهو امتداد لشعراء المرحلة التجديدية الاولى التي احيى فيها الشعراء في عصور ازدهاره ايام العصر العباسي  وهو المعين الثر الذي نهل منه شعراء المرحلة التجديدية الثانية او شعراء الشعر الحر، فقد فتح لهم أفاق التحليق في اجواء الابداع، فمعلوم ان اهم شعراء التجديد (السياب) يلحظ بسهولة في شعره تأثيرات الجواهري.

اما اكثر مايميز الجواهري بحسب الطاهر فهو ارتفاعه بفنه الى اعلى المستويات فهو الشاعر الوحيد الذي يرتفع اليه الجمهور وهو يعلو بفنه ((دون ان يلوث هذا الفن بخروجه عن اسلوبه تكلفا للغموض وادعاء للتجديد)). ويصف الطاهر لغة الجواهري فيقول: ((الجواهري صعب وصعب جدا، وقد يكون من الجاهلي والاموي والعباسي... ولابد ان يكون اصعب ولكنه مع ذلك- اسهل شاعر بدليل انسجام العامة واياه وتأثرهم بمعانيه واعجابهم بفنه- ولاغرو ان سمي شاعر الرعاع)).

والطاهر عدو للتعليمية الرخيصة التي تستهين بالعقول ببذل المواعظ واستدراج العوام والتي ليس لها من الشعر الا الوزن والقافية، وبما ان هذه الموجة كانت قد سادت في العراق وغيره من الاقطار العربية حتى

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 6 الشهر 7995 الكلي 9370067
الوقت الآن
الجمعة 2024/7/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير