الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
 مراد هوفمان.. دبلوماسي إجتذبه الفن الإسلامي   4

بواسطة azzaman

شخصيات عرفتها 12

 مراد هوفمان.. دبلوماسي إجتذبه الفن الإسلامي   4

صلاح عبد الرزاق

 

الاسلام الأوربي

            •           انتشر الاسلام في آسيا وأفريقيا، ونجح في التفاعل مع الثقافات المحلية لتلك الشعوب حتى نتج ما يعرف بالاسلام الأفريقي والاسلام الآسيوي. وهي مصطلحات يقصد بها طريقة فهم وممارسة الاسلام في ثقافة معينة. هذا المسارات تمثل تفاعل العقائد الاسلامية مع الثقافات المحلية السائدة قبل اعتناق الاسلام. على ضوء ذلك هل تتوقع أن يتفاعل الاسلام مع الثقافة الأوربية وينتج (إسلاماً أوربياً)، أي على رأي بسام طيبي (1944- ) ? باحث سوري مقيم في ألمانيا، إسلام يجمع بين العقيدة الاسلامية والثقافة الأوربية وحضارتها وقوانينها؟

هوفمان:  أنا أكره بسام طيبي، وطالما كتبت ضده لأنه يتحدث عن الاسلام الأوربي. هو يعني به في الواقع: كثير من أوربا وقليل من الاسلام. ما تقوله صحيح، فالاسلام لا يدخل ويبقى في مجتمع ما دون أن يتكيف مع المزاج المحلي. فبمقدورك أن تقول مباشرة: هذا مسلم أندونيسي وذاك مسلم هندي، الخ. فملابسهم مختلفة، وطعامهم مختلف، وبالطبع لغاتهم التي هي الأداة التي يفهمون ويفسرون بها العالم. عندما تنشأ مع اللغة الأم، فذلك يعني أن ترى العالم بطريقة معينة. إن نظرتك هي إسلامية ولكن بطريقة معينة. فاللغة هي الوعاء الثقافي الذي يحدد نظرتك للعالم.

وفي النهاية سيكون هناك شيء ما يمكن تسميته بالاسلام الأوربي. وبمرور الزمن سيفقد الاسلام الأوربي طابعه الاثني الحالي حيث يهيمن على المشهد الطابع العربي والباكستاني والشمال افريقي والتركي. وما زال حجم المسلمين الأوربيين قليلاً قياساً للأقليات الإسلامية المذكورة.

            •           هل تعتقد أن الاسلام الأوربي سيتطور؟

هوفمان:  أحياناً، قد يطور المسلمون الأوربيون شيئاً يشابه المذاهب الإسلامية أي (مذهباً أوربياً). مذهب يتعامل مع قضايا معينة موجودة لدينا ولا توجد لدى المسلمين الشرقيين.

            •           هل يمثل هذا التيار ما يمكن تسميته باجتهاد أوربي أو رؤية جدية للإسلام؟ لقد التقيت بالعديد من المسلمين الأوربيين. بعضهم ما زال يتبادل بطاقات التهنئة بأعياد الميلاد (كريسمس) معتبرين إياه عيد ميلاد النبي عيسى (ع). فهم بذلك يحافظون على عادة مسيحية سابقة ولكنهم يسبغون عليها صبغة إسلامية. بهذا السلوك أو تلك الأفكار، لاحظت ظاهرة أوربية معينة: سلوك جديد وتقاليد جديدة ونظرة إسلامية جديدة مبنية على الخلفية الثقافية الأوربية. هذه الرؤية الاسلامية الأوربية قد تطور فكراً إسلامياً جديداً وتفسيراً جديداً للنصوص.

هوفمان:  على سبيل المثال عيد المولد النبوي فهو تقليد مسيحي، ولا تجده إلا عند الأتراك أو العالم التركي. أما في السعودية فلا أحد يذكر المولد النبوي.

_ نعم فقط في السعودية، في حين يحتفل المسلمون بالمولد النبوي الشريف في العراق ومصر والمغرب وإيران وأندونيسيا وماليزيا وغيرها.

هوفمان:  في أفريقيا يحتفلون بالمولد النبوي بالشمعدان لأنهم تعلموا ذلك من الفرنسيين حين يحتفلون بأعياد الميلاد، والأطفال أرادوا احتفالاً مشابهاً. ولذلك أضافوا عادة مسيحية في احتفال المولد النبوي، ويعطون الأطفال هدايا على الطريقة المسيحية. [ هوفمان لا يدرك أن عادة استخدام الشموع موجودة في طقوس وشعائر كل الديانات ، التوحيدية أو المشركة].

            •           نعرف أنه يعيش حوالي خمسة عشر مليون مسلم في أوربا الغربية. الجيل الثاني والثالث من الشباب المسلم يولد وينشأ في بيئة أوربية ويتعلم الثقافة الأوربية. وهو جيل يريد أيضاً أن يحافظ على دينه وعقيدته الاسلامية. هذا الوضع يؤدي إلى خلق هوية جديدة لدى هؤلاء المسلمين. وحسب رأي المفكر طارق رمضان (1962- ) فهو يسميهم (المسلمون الأوربيون). وهو يستخدم هذا المصطلح وكتب كتاباً بعنوان (أن تكون مسلماً أوربياً ) عام 1999 . ماذا ترى في هذه الأجيال وكيف يمكنها المحافظة على إسلامها إلى جانب الهوية الأوربية؟

هوفمان:  هذا ما يحدث في الواقع.

            •           نعم ، لقد أشرت إلى هذا الأمر عند حديثك عن الحالة في امريكا، ولكننا نناقش الآن الحالة في أوربا.

هوفمان:  لدينا جيل عربي ثاني وثالث في المانيا، وهم يتكلمون اللغتين العربية والألمانية بطلاقة، وبلا لهجة. فهم يتحدثون الألمانية ويلبسون ملابس اوربية. إذ لا يرتدون جلابة (دشداشة) طويلة. يمكنك اكتشاف المسلم في السوبرماركت فقط بمراقبة الناس. ستميز أن بعضهم يحدق لقراءة الحروف الصغيرة المكتوبة على العلبة، كي يعرف فيما إذا كانت محتوياتها تتضمن مواد محرمة.

الأقليات المسلمة في أوربا

- مصطلح الأقليات المسلمة يعني المجموعات المسلمة التي تعيش في مجتمع غير مسلم. في أوربا الغربية اليوم هناك أقلية كبيرة تعد حوالي (15) مليون نسمة. إسلامياً، تعتبر هذه الوضعية مقبولة حيث يجوز شرعاً للمسلم الاقامة في مجتمع غير مسلم. وأكثر من ذلك، أصدر بعض العلماء المسلمين فتاوى تيسر المعيشة في الغرب، مثلاً: جواز اكتساب الجنسية الغربية، جواز الانتماء للأحزاب السياسية الغربية، جواز العمل في المؤسسات الحكومية والشرطة والجيش الغربي، جواز المشاركة في الانتخابات سواء في الترشيح أو التصويت، وجوب احترام القوانين الغربية. طبعاً كلها بشروط، لكن الأصل هو الجواز.

يمثل ذلك تطوراً في الفقه الاسلامي تجاه اقامة المسلمين في بيئات غير اسلامية. وبنفس الوقت يشهد التشريع الأوربي تكييفاً ملحوظاً لتلبية احتياجات الأقليات المسلمة. فقد صدرت العديد من القوانين والمقررات التي تتعلق بالمدارس الاسلامية، المساجد، المقابر، أماكن ذبح الحيوانات، الحجاب، وغيرها. هل تعتقد أن هذه التكيف المتبادل بين الفقه الاسلامي والتشريعات الغربية يمكن أن يرسم مستقبلاً متفائلاً للأقليات المسلمة في الغرب؟

هوفمان:  هذا شيء لم يكن متوقعاً من قبل . المالكية لا يسمحون ببقاء المسلمين بعيداً عن دينهم، ولكن الحنفية يقبلون باقامة المسلمين في الغرب . ما زلت أعتقد بأن (السِّيَر) –القانون الاسلامي التقليدي الخاص بالأقليات- تمنح الأقليات حقوقاً أكثر من التي يتمتع بها المسلمون في الغرب؛ لأنه في السير يستطيع غير المسلمين في العالم الاسلامي تطبيق قوانينهم الخاصة مثلاً في الزواج والارث.

يضمن الغرب حماية الأقليات من خلال وثيقة الاتحاد الأوربي، كما تضمنها الاتفاقية الدولية التي وضعتها الأمم المتحدة عام 1966? ولكنهم لا يذهبون أبعد من ذلك. فهذه الوثائق والاتفاقيات الدولية لا تتضمن منح الأقليات حق تطبيق نظامها القانوني،وبضمنها قوانين الأحوال الشخصية. في المانيا، وحتى عام 1919 كان هناك نظام قانوني خاص بالنبلاء، حيث يختلف قانون الارث عن القانون الألماني العام: من أجل حماية الابن الأكبر فهو الوحيد الذي يرث. كما أن ملكية النبلاء لا تتقسم. منذ ذلك الوقت، لم يعد يوجد قانون خاص لجماعة معينة من الناس. إن التشريع الاسلامي المتعلق بالأقليات (غير المسلمة) لا يزال أفضل بكثير من القانون الغربي الخاص بالأقليات.

من جانب آخر، أعتقد أن التشريع الاسلامي للأقليات يمثل الحد الأدنى الذي يجب ان يحصل عليه المسلمون في الغرب. مثلاً، يمكن أن نسمح للأقليات بالحصول على جنسيتنا مثلما يستطيع القبط اكتساب الجنسية المصرية. إذا كان عندنا دولة قومية فالمواطنة من حق الجميع. ولكننا لا نتراجع إلى الوراء قانونياً فقط ولكن توجد صعوبات واقعية في الغرب، مثلاً في ألمانيا يسمح القانون لليهود بذبح ذبائحهم وفق شريعتهم، ولكن لا يسمح للمسلمين بذلك. وما زال المسلمون محرومين من دروس في الدين الاسلامي في المدرسة. لا يوجد عندنا سوى مدارسنا الخاصة التي تقوم بذلك، وهي باهضة التكاليف.  إن تأسيس المقابر الاسلامية ليس سهلاً، كما لا يسمح بالدفن دون تابوت. و ليس لدينا مقابر اسلامية كثيرة حيث توجه قبورها إلى مكة.

            •           أعتقد أن هذه مشاكل تتعلق بالسلطات المحلية، لأننا في هولندا لا توجد لدينا مثل هذه المشاكل التي ذكرتها. فهناك العديد من المسالخ الاسلامية والمقابر الاسلامية، اضافة إلى حوالي 35 مدرسة اسلامية رسمية أي تتحمل الدولة نفقاتها. وصدرت مؤخراً تعليمات بتوفير الطعام الحلال للمسلمين في السجون والمستشفيات والجيش.

هوفمان:  الهولنديون متحررون جداً، فهم يسمحون بالمخدرات أيضاً!!

 

            •           فيما يتعلق بالقوانين الخاصة التي تطرقت إليها، هناك حالة استثنائية واحدة تتعلق بأقلية اسلامية ذات نظام قانوني خاص،  وهي في اليونان. فبموجب اتفاقية لوزان 1924 بين اليونان وتركيا، تتمتع الأقلية التركية المسلمة في اليونان بحرية التعليم الديني والنظام القانوني بشكل منفصل عن القانون اليوناني. وفي اسبانيا وافقت المحكمة عام 1991 على منح المسلمين حقوقاً دينية وتعليمية خاصة بهم. ويمكن أن تتطور هذه الحالة نحو الأفضل حتى تصل إلى مستوى الاعتراف الرسمي بالاسلام، كما في بلجيكا والنمسا.

هوفمان:  الاختلاف ليس قانونياً فقط بل واقعياً. في ألمانيا، إذا أردت أن تبني مسجداً ، فستحتاج ربما إلى عشر سنوات ، وأنت تقاتل في المحاكم حتى تحصل على رخصة بناء المسجد. وهناك الكثير والكثير من العوائق.

            •           لقد قرأت بحثاً ذكر أن معدل مدة بناء مسجد في أوربا الغربية حوالي عشرين سنة، تبدأ من تقديم طلب رخصة من السلطة المحلية في الحصول على أرض وحتى الانتهاء من بناء المسجد. في السويد مثلاً يحتاج المسجد 25 عاماً، وفي بريطانيا نفس المشكلة.

     في أوربا الغربية نجح بعض المسلمين في ميادين الاقتصاد والسياسة. هناك نواب مسلمون في بعض البرلمانات الأوربية. ففي هولندا يوجد سبعة نواب مسلمين ، وكما يوجد في بلجيكا وبريطانيا. أعني بالمسلم هو الذي ينتمي رسمياً إلى الاسلام أو ولد من أبوين مسلمين. وليس بالضرورة أنه يلتزم بالأحكام الاسلامية ممارسة وثقافة وسلوكاً ومواقف.

 

هوفمان:  يوجد أيضاً بعض الأتراك نواب في البرلمان الألماني ولكنهم علمانيون.

            •           في بريطانيا يوجد بعض المسلمين في مجلس اللوردات مثل اللورد نظير أوف درهام، والبروفسور شاهين، والبارونة أيبولا الدين. في مجلس العموم البريطاني يوجد نائبان مسلمان فقط، أحدهما في غلاسكو والاخر في برادفورد. هل تعتقد أن المشاركة السياسية للمسلمين في الحياة السياسية الغربية يمكن أن تساهم في خلق أجواء اندماج المسلمين في المجتمعات الغربية؟

هوفمان:  نعم، أعتقد أنها تقلص من مخاوف المسلمين وتزيد من أهليتهم وكفاءتهم. المشكلة أنه ليس لدينا حزب سياسي واحد يقف تماماً مع قيم المسلمين. في أمريكا، ترك المجلس الفقهي الحرية للمسلمين في اختيار المرشحين للتصويت عليهم؛ يتحدثون معهم للبحث أيهم أفضل وقرباً من القيم الاسلامية. ولكنهم لا يميزون ولا يقدرون على التمييز أي حزب هو الأفضل. الأحزاب الاسلامية هي آخر شيء يمكن أن نفعله لأنها تأخذ أصوات المرشحين إلى لا شيء. فكل صوت لحزب الاسلامي هو آخر صوت.

            •           لقد ناقشت هذه القضية مع زعيم الحزب الاسلامي في بريطانيا، السيد ديفيد بيدكوك. تبدو متفائلاً في قضية المشاركة السياسية، ولكن أعتقد أنها بحاجة إلى وقت.

     في الغرب يوجد كثير من المسلمين يبدون ميلاً نحو لعب دور الضحية. فهم دائماً يشتكون من التمييز العنصري والكراهية ضد المسلمين. هل تعتقد أنه من الأفضل أن يأخذ المسلمون زمام المبادرة، مثلاً، اقامة حوار متواصل مع المؤسسات والثقافة والسياسة والمجتمعات الغربية؟

هوفمان:  على المستوى المحلي لا يمكن تفاديه. يجب أن يكون هناك حوار. المشكلة أن الذين يريدون الحوار هي الكنائس، والتي ليس لها تأثير في المجتمع الغربي. إن الذين نحتاج للحوار معهم لا يبدون اهتماماً بالحوار، وهم الأكثرية العلمانية.

            •           ولكن لأسباب انتخابية قد يكونون مستعدين للحوار. في ألمانيا يوجد أربعة ملايين مسلم، وفي بريطانيا نفس الشيء، وفي فرنسا يوجد خمسة ملايين مسلم. هذه الجماهير يمكن أن يكون لها تأثير في الانتخابات العامة. وكما رأينا فإن بعض السياسيين الغربيين (مثلاً في هولندا) يقومون بزيارات إلى المساجد وأماكن تجمع المسلمين من أجل شرح برامجهم الانتخابية ودعوة المسلمين للتصويت لصالح أحزابهم.

هوفمان:  يأتون فقط عندما يكون للمسلمين مواطنة أي حاصلين على الجنسية الغربية التي تمكنهم من المشاركة في التصويت. غالبية الأتراك في ألمانيا لا يحملون جنسية ألمانية، ولذلك فهم غير مهتمين بالانتخابات.

            •           كم هو عدد الأتراك الحاصلين على الجنسية الألمانية؟


مشاهدات 761
أضيف 2023/01/03 - 4:44 PM
آخر تحديث 2024/07/14 - 6:37 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 332 الشهر 7900 الكلي 9369972
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير