فينيسيا تبعث من جديد
مجيد السامرائي
استاذ مادة التصحر والاجهاد البيئي في كلية الهندسة الزراعية في جامعة بغداد يؤاخذني على أنني تأخرت كثيرا في عرض الحوار الذي من اجله شد الرحال وكان ضيفي في اطراف الحديث – بعمان - حيث صفق لي وانا ارتجل مقدمة فاعادنا التصوير حين قلت : في بلاد الرافدين العجاف قصص تخلو من الانصاف ! ثم قدم لي ادلة على نفوق اعداد من جواميس الاهوار التي كانت تشكل ثروة لماليكها في المستنقعات الضوئية التي اوصت اليونسكو بالعناية الفائقة بها لانها من الاثار المادية الدالة على عراقة شعب سومري متسلسل الاعراق . وقدم لي شريكه في الحوار مايدل على شحة مياه أهوار فينسيا – البندقية التي جف ضرع مائها وبانت عظام قواربها الفقارية واندثرت تجارتها من الصناعات الفخارية ؛ وكأنها تعلن تضامنها مع شحوب الجبايش ونضوب مياه هور الكسارة التي اوحت لابنها الراحل ماهود احمد بمجسمات لنساء موشومات لحيمات مكتنزات .
كان احد المعجبين يدون لي على صفحتي : لماذا لاتحاور صاحب اغنية (ياربي بس مطرها وبلل درب محبوبي ؟) وقبل ان اسارع بالرد عليه ابرقت السماء وماهي الا لحظات حتى بربقت وغرقت كل ارض تحتنا وهاتفني من كان يدعوني الى وليمة عرسه انه يعتذر لان جهاز العروس قد غادر منسابا مع سيل عرم الى جهات مجهولة قبل نقله الى عش الزوجية المرتجى ! خرج الناس عن بكرة ابيهم – الا أنا – وافرحوا عن جميع ما خبأوه من اسلحة ليملاوا السماء رصاصا بعد ان حافظت على عذريتها زمنا غير معلوم . كانت الكهرباء قد قطعت متعة المشاهدة المصيرية في ضربات الجزاء الترجيحية بين ديوك فرنسا ووحوش التانغو . لكن الرصاص اصبح مقترنا شرطيا بان يشرب سكان بونيس ايرس من نخب المونديال بالصغير وبالكبير. سألت حفيدي وهو في سن الروضة وقد كان محموما يسعل : هل تعرف اين تقع الارجنتين ؟ ولماذا تشجعها ؟ فكان رده بليغا : ولماتشجع انت فرنسا ؟!
(أنه مدفوع باللاشعور الجمعي لدى الناس – يبرر لي هيثم الزبيدي الاستشاري النفسي – الذي يضيف : سيفعلون ذات الشيء لوفازت فرنسا ! هذه ميزة الشخصية العراقية عن جميع المجتمعات المعاصرة ) لم يكن ميسي (خال وليد ولاعم بنية ) لكن اللاعب الدولي السابق كريم صدام يرى (ان العراقيين سيخرجون بكثافة اقل لوفازت فرنسا لان ليس لديهم لاعب في نادي ريال مدريد بينما الارجنتين لديهم ميسي البرشلوني رغم انتقاله الى نادي باريس سان جرمان) فيما يرى حسين سعيد يرى ان ميسي هو السبب ثم دي ماريو نصف المشجعين وزيادة من شعب العراق برشلونيون وان لم يزرها احد منهم !
لاتعرف المرأة العراقية الطريق الى قلب الرجل ذلك ان بغداد فيها(23718 مطعما) وهو عدد خرافي من المطاعم يفوق ماعند عواصم دول الجوار ومعظمهن يهجرن مطبخ البيت ويقصدن المطاعم وهذا من نتاج العولمة التي اضرت بالدولمة ! ومن محاسن الدليفري الذي يشاطر صاحب 8 ملايين مركبة وستوتة وتكتك في سلوك طرق افعوانية لتلبية مطالب السيدات غير النادرات لاسعاف مطاليب ازواجهن العاجلة !
يسالني سائق تكتك وهو بين المتظاهرين المطالبين بتعيين اصحاب العقود : دكتور انت موسوعة : من اطول رجل في العالم ؟ التركي (سلطان يبلغ طوله 251 سنتيمترا ) وفي العراق ؟ (فيض العيساوي من الديوانية اقصر منه بقليل ! يضحك ثم يقول : لوفتح احدهما ساقية لاستطعت الوصول بمركبتي اليك كالبرق كالريح كالمطر الذي جعل بغداد فينسيا تبعث من جديد)!