ميسان مدينة تنام على ضفاف الأنهار
العمارة - حمدي العطار
لم ار اناس يفتخرون بإصلهم ولا يتنكرون منه مثل الشعب الميساني، وهذا الشعور والموقف ينسحب حتى من هجر او هاجر من العمارة واستقر في خارج العراق او في بغداد والمحافظات الاخرى، واذا كان سبب هجرة الميسانيون هو ظلم الاقطاع وقسوة النظام الدكتاتوري وحروبه فاليوم هناك هجرة من نوع اخر بسبب شحة المياه وجفاف الاهوار! وهذا ما دفع منظمة عالمية تعني بالاستيطان البشري التي تتبنى برنامج يهدف الى استقرار ابناء الاهوار فإنشأت محطة استراحة سياحية ومرسى للزوارق عائم ومضيف من القصب ومظلة كبيرة من القصب ! ولا يستعرابناء العمارة من ارثهم وتاريخهم ويفتخرون به ، فإذا كانت كلمة (شروكية او معيدي) عند البعض – العنصري- شتيمة فعند اهل العمارة محل فخر واعتزاز حتى ان صديقنا الروائي شوقي كريم اختار لروايته الرائعة عنوانا (شروكية) وميسان الاسم فيه ايضا اشكالية فهي كلمة تعني في اللغة الآرامية (مياه المستنقعات) – مي آسن- وتشير الدراسات التاريخية " أن ميسان دويلة نشأت في جنوبي أرض بابل تحت حماية دولة السلوقيين (311 ق.م 247 ق.م) وعندما ضعف شأنهم في الفترة الواقعة بين عامي (223 ق.م – 187 ق.م ) استقلت ثم تدرجت في سلم القوة وأصبحت دويلة مهمة)
ميسان او العمارة كما يحب اهلها ان تسمى ، والعمارة هي عاصمة ميسان وتعني البلد المتنوع الاعراق والاجناس والاثار شاخصة تؤكد هذا الاتجاه ففي مدينة العمارة – ميسان- يقع قبر النبي (العزير) وهو يخص اليهود ومقدس من المسلمين ، وضريح الشريف عبيد الله بن علي بن ابي طالب في منطقة قلعة صالح ، وقبر الشاعر الكميت بن زيد الاسدي وسميت ناحية كميت بهذا الاسم نسبة اليه. كما يوجد فيها اثار وشواخص تراثية تؤكد وجود المسيحيين – كنيسة أم الاحزان وكنيسة مار يوسف – والمدرسة اليهودية ، وكورنيش الصابئة المندائيين ! فضلا عن علي الشرقي وعلي الغربي.
رجل في مدينة ومدينة في رجل
حينما نريد ان نكتب او نتحدث عن الاثار والتراث والفلكور الميساني والسياحة المعاصرة بتلولها الاثرية التي تمثل نهاية جبال حمرين عند نقطة منطقة الطيب ، نستذكر الصعوبات التي واجهتنا خلال الحرب والأسماء الجميلة مثل (الطيب – الشيب – الفكه- الميمونة- البستين- المشرح – الكحلاء) تشكل لنا مناطق تعيش في الذاكرة المؤلمة لما فقدناه من اصدقاء ورجال.
فما قصة رجل في مدينة او مدينة تتجسد في رجل انه ( أحمد صالح النعمة) لم التقي بإنسان يعشق مدينته كل هذا العشق فهو يذوب حبا حينما يتحدث عن العمارة ومكوناتها الدينية والعشائرية وعمرانها وتفاصيل الاهوار ونهر دجلة وتفرعاته الى انهر مدينة العمارة يقول احمد صالح " يشير الى جسر ملون بأضوية زاهية هذا جسر السراي الناس هنا يسمونه الجسر المعلق تم تشيده عام 2017 يبلغ طول الجسر 377 م وعرضه 30 م وارتفاعه 49 مترا وبجانبي الجسر ممرين للذهاب والاياب التنفذ عراقي – اجنبي (شركات المانية وصينية) الملفت للنظر ان الحكومة المحلية في ميسان تتعاون مع المنظمات العالمية من اجل تطوير المدينة وتوفـــــير الخدمات لأهالي ميسان لذلك نجد ميسان بشوارعها وجسورها وحدائقها وكورنيش الصابئة باجمل حلة وتــــــتفوق عن باقي المحافظات الجنوبية، يقول احمد صالح " العمارة فيها تنوع جيوولوجي وطوبوغرافي غريب جدا الشريط الحدودي الشرقي جبال وتلال واودية وصحراء تمتد بين العمارة والناصرية وفيها نهر دجلة الذي في العمارة يتحول الى 5 فروع ومن ثم الى مئات الانهر الصغيرة ، انهر عابرة للحدود مثل نهر الجباب ونهر الطيب ونهر الدوير ونهر الكرخ كلها انهر موســـــــمية فيضية تغذي الاهوار وتغذي عامود نهر دجلة ، ولوجود كل هذه الانـــــــهر تولد مساحات هائــــــلة من البساتين فالعمارة من الاعلى خضراء تماما وجميلة " مدينة العمارة مدينة مسترخية هادئة مثلها مثل المدن التي تقع على ضفاف الانهار ، اهلها متسامحون ! والان نذهب الى كورنيش الصابئة المندائين لنلتقي بطائفة من اهم الطوائف الموجودة في ميسان منذ القدم وهي طائفة مسالمة ومتسامحة وتتعايش مع كل الديانات والاجناس البشرية .
يتبع