أسباب أهمية كلمة العراق
فاتح عبد السلام
هناك مَن يقول انّ تكرار عقد المؤتمرات التي يكون محورها العراق ليس مجدياً، لأنّ نتائج مؤتمرات سابقة لا تبدو ظاهرة للعيان. وهذا ليس رأياً صائباً، ذلك انّ العراق لايزال في المنطقة الرخوة التي تتعرض للأنواء الخارجية العاصفة، وانّه من الصعب أن ينجو من نفوذ الاخرين، وانّ أرضه وسماءه وأوضاعه الداخلية تدخل في حسابات دول الجوار أكثر مما تهم اغلبية المشهد السياسي المنقسم والذي تنتابه النعرات المقيتة التي قلصت من مساحة المشتركات الوطنية الى حد مخيف.
لولا وجود النفط، لبقي العراق في الحسابات الإقليمية، مجرد تلك الجغرافيا السياسية القابلة للتطويع والتحوير والتوظيف والاستنزاف استناداً الى عوامل النفوذ التي اتاحها الاحتلال الأمريكي 2003 الذي فشل في إعادة تأسيس الدولة العراقية كما وعد بها منذ مؤتمر لندن قبيل الغزو بأشهر قليلة.
كلمة العراق كانت مهمة في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في نسخته الثانية المنعقد في البحر الميت بالأردن وبمشاركة زعماء وممثلين لإحدى عشرة دولة، فضلاً عن الاتحاد الأوربي، لكن الكلمة المهمة ذاتها وعبر صياغة لغوية أخرى كانت قد ألقيت في مؤتمر بغداد الأول، من دون أن نلحظ إجراءات عملية فعلية وضمانات لجعل العراق خارج دوائر الصراعات الإقليمية والدولية. والسبب الرئيسي لا يعود للعراق طبعاً، ذلك انَّ هناك جهات وتنظيمات تستخدم الأراضي العراقية لصالح اجنداتها في تمثيل نفوذ دولة او في محاولة النيل من دولة أخرى.
مطالب العراق في النأي عن الصراع الإقليمي والدولي الحالي او الوشيك جوهرية في تدعيم السيادة الوطنية، لكن في الوقت ذاته هناك إجراءات تتطلب ضمانات من البلد نفسه في عدم القبول بزجّه، مهما كانت الأسباب، في حروب خارجية هي جوهر الصراع الذي اشتعل في المنطقة قبل أكثر من عقد من الزمان. مقتل الشاب العراقي على ارض سوريا او اليمن، يحتاج الى معاينة وتمحيص واستدلال بحسب الكلمة الرسمية للعراق الداعية الى عدم انخراط العراق في صراعات ومشاكل الآخرين.
سمعت من دبلوماسيين عرب مؤخراً انّ الدول العربية ومعها فرنسا والاتحاد الاوربي التي تدعو بغداد في مؤتمر البحر الميت الى النأي عن التأثيرات الخارجية كانت غير مقتنعة بما كان يسوقه الجهد التعبوي السياسي أو العقائدي الذي يبرر بشعارات دينية أو سواها تلك الإجراءات السابقة في تورط عراقيين بالقتال في خارج بلدهم من دون قرار من مجلس النواب او الرئاسات. وبحسب نفس الدبلوماسيين، فإنّ المخاوف لاتزال تكمن في عدم وجود ضمانات لعدم تكرار القتال خارج العراق في استهداف مناطق عربية أخرى تحت الشعارات ذاتها أو سواها، من دون أن تكون الدولة العراقية قد أقرّت ذلك رسمياً أو من دون أن تكون قادرة على منعه.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية