الدونجوانيزم رحلة لصيد النساء
مروه العميدي
كمفهوم مبسط لمصطلح الدونجوانية هي الأسلوب الذي يتبعه بعض الرجال من أجل إيقاع الفريسة بالشباك، من خلاله إستخدامه بعض الكلمات الدافئة وممارسة بعض السلوكيات التي من خلالها يرسم الفرد الدونجواني طريقه بسلاسة وبعوائق أقل، ومن الممكن القول إنها مثلث يتكون من ثلاثة أركان هي المحاولة والشروع والهرب.
الدونجوانيزم هو إضطراب ذاتي، يعاني منه بعض الرجال، ويراد به تعدد دخول الرجال في علاقات لا مشروعة مع النساء، ولهذا الإضطراب دوافع سواء كانت هذه الدوافع عقلية أو نفسية تعود الى الطفولة القاسية وما عصره خلالها.
يتسم الفرد الدونجواني بمجموعة من السمات كالركازة والفطنة والنباهة والوعي، قد يكون لبق الكلام وحسن المفردات وجيد الحضور، يتمتع بوسائل لها غاية في الإقناع وله خبرة في التمثيل والتقمص، التقمص هنا هو أعني به تقمص دور لا يشبه شخصيته الأساس، دور يحقق من خلاله غاياته وشهواته ويرضي غروره ويفجر طاقاته المكبوتة ويعوض نواقصه، فهي محاولة منه لإرضاء الذات دون أن يأخذ بنظر الإعتبار شعور المقابل وعاطفته وتعلقه.
يعتبر هذا النوع من الرجال لعوب يدور حول محور واحد وغاية واحدة بحيث يغرق ضحاياه عاطفيًا وبعد تصويب أهدافه وإرضاء رغباته يترك الضحية بكامل التخلي ودون إلتفات ثم يعاود مرحلة البدأ من جديد بالبحث عن إقتناص ضحية جديدة، وقد يكون هذا النوع من الرجال على قدر كافِ من الخبرة الجنسية والعلاقات بسبب التعدد والمبالغة في الشروع في العلاقات مع النساء والقصد هنا العلاقات اللا مشروعة طبعًا، وقد تكون بعض النساء على دراية بإضطراب الرجل لكنها مع هذا تستمر أما بسبب الحرمان والكبت أو قد تكون بحاجة لمعرفة الغاية التي وراء هذا الإضطراب وهذا نادر طبعًا فقد يقتصر على من هن مختصات في مجالي علم النفس وعلم الإجتماع.
ولا بد من الإشارة الى أن أكثر الضحايا التي يصطادهن هن الفتيات في عمر المراهقة اللواتي مازالت الحياة أمامهن بصورتها الضبابية، خاصة ممن عاشن في بيئة مشحونة بالمشاكل، بيئة لم ترفدهن عاطفيًا، بيئة ولدت لهن جوع وحرمان لكل لين ودفئ.
لو عدنا للوراء وبحثنا في أسباب هذا الإضطراب وسلوكياته لوجدنا في الدرجة الأساس الطفولة المشوهة التي عاشها الفرد جعلت منه شخصًا مترددًا مهزوزًا (سيكوباثي)، عانى ما عاناه من نقص في الحب وشحة في الأمان وقصر في الإحتواء والإنتماء والإستقرار، وهذا الأمر متفق عليه من قبل علماء النفس- أن الطفل الذي يعيش طفولة قاصر عاطفيًا، توج بالمقاساة تجعل منه مستقبلًا شخصية تائهة ملؤها الضياع والتشتت والتيه، فمن المعروف أن الإنسان محال أن يسلخ عنه ماضيه مهما تخلى وإجتهد، تقول آنا فرويد في هذا الخصوص:
"فقط عندما تصبح المشاعر الأبوية غير فعالة ومتناقضة وعندما تنشغل عواطف الأمومة بشيء آخر، يشعر الأطفال بالضياع".
ولايقتصر الحال على هذا فحسب وبغض النظر عن توافق الرجل في مجال عمله وتوظفه فهناك من يعاني من روابط أسرية وعائلية ومجتمعية مضطربة ومفككة وهشة يعبر عنها بالبغض والكره الداخلي ومحاولات إبداء العكس أو بفعل الروتين وحالات الرتابة أو كونه شخص يتحلى بطاقة جسدية من المستوى العالي جدًا بحيث يظهر حاجته لمن يفجر له هذا المكمن ويشبع غريزته فيلجأ الى تعدد العلاقات النسائية.أو قد يكون قد تعرض لنوع من أنواع الصدمات سواء كانت عاطفية أو نفسية جعلت منه مقعدًا بلا حيلة دون مواجهة لما صعقه من أزمات وما يؤكد هذا هو قول للدكتورة مجد خليل القبالين المختصة في علم الإجتماع وعلم الجريمة في إحدى مقالاتها:
"فشل الرجُل في تجارُب زواج أو إرتباط سابقة مر بها وشعوره بالصدمة النفسية والعاطفية وفشله في التعامُل مع مشاكل حياته وعلاجها وفشله الذريع في تكوين أسرة".
وينبغي علينا أن لا ننسى المحاكاة والإكتساب ودورها في إحالة هذه الصفة الى الإنتقال وراثيًا من أحد الأبوين خاصة إذا كان الفرد هش الشخصية ويتأثر بالمدى السريع بهما وبالمحيط الذي نشأ فيه، مما جعلت منه شخصًا غير مستقرًا لا أمان له.
ولو تطرقنا الى مثلث الدونجوانية (المحاولة والشروع والهرب) لوجدنا مرحلة المحاولة هي بلوغ المساعي من قبل الرجل الدونجواني للإيقاع بالضحية حيث يلجأ بإستخدام اللين والكلمات العذبة والناعمة كإغراء منه للضحية تمهيدًا لمرحلة الشروع التي هي مرحلة إغتنام الفرصة وإشباع الرغبة وإرضاء الذات وصولًا الى مرحلة الجزع والمحاولات البائسة بالهرب وترك الضحية دون أي تقدير لعواطفها.