هوى النفس أخطر الأصنام

حسين الصدر

 

-1-

اذا كانت عبادة الاصنام الحجرية قد اختفت من الوجود فان هناك ما هو أخطر منها .

-2-

والسؤال الآن :

ما هو الصنم الأخطر ؟

والجواب

هوى النفس

ألم تقرأ قوله تعالى

{ أرايتَ من اتخذ الهه هواه }

الجاثية / 23

-3-

حين يُطاع هوى النفس ولايخالف فانه يكون المعبود الحقيقي وكما قال الشاعر

لك ألف معبود مُطاعٍ أمرُه

دون الاله وتدّعي التوحيدا

وهناك مَنْ يعبد الأموال

وهناك من يعبد الجنس واللذاذات المحرمة

وهناك مَنْ يعبد المناصب العليا ويسعى لتبوئها أيا كان الثمن .

ولكن هذه الاصنام الكثيرة ترجع في حقيقتها الى صنم واحد هو هوى النفس ومَيْلها الى اكتناز الأموال – وبكل الوسائل - حتى اذا كانت شيطانية

وتُوقِعُ الغواةَ مِنْ عبيد هوى النفس في المباءات الجنسية،

وتجعلهم يركضون ويلهثون وراء المناصب والكراسي، حتى قيل :

انّ ثمن بعض المواقع بلغ أرقاماً فلكية في البورصة السياسية ..!!

ويعترف أحد الشعراء بخطورة هوى النفس فيقول :

قلبي الى ما ضرّني داعي

يُكثر أتعابي وأوجاعي

كيف احتراسي من عدِّوي اذا

كان عَدّوي بَيْنَ أضلاعي ؟

انك لابد ان تجعل هوى النفس عدواً .

والعاقل لا يسير خلف عدوه وانما يخالفه أشد المخالفة لئلا يقع في حُفر الهلاك والهوان .

وما الورع والتقوى - وهما السمتان البارزتان في المؤمنين الصادقين- الاّ كبح جماح النفس وكفّها عن التورط بالمغريات والممنوعات والمحرمات

-4-

ألم يقل معاوية :

لولا هواي في يزيد لأصبتُ رُشدي .

وهواه في يزيد أضرّ بالأمة أيما ضرر حيث أصبح الحكم وراثيا على حَدّ حكم الأكاسرة والقياصرة ، وذاقت الأمة الاسلامية من الحُكّام الطغاة ماذاقت من ألوان الظلم والهوان على مدى قرون وقرون .

-5-

ولابُدَّ مِنْ وقفةٍ تمحيصية جادّةٍ يقفها المرء مع نفسه ليدقق في مساراته ومداراته لئلا يكون مِنْ عبيد هواهُ المتدحرجين الى الهاوية .

-6-

ولنختم بما قاله الامام الصادق (ع) في هذا الباب فقد روي عنه (ع) أنه قال :

" احذروا أهواءكم كم تحذرون أعداءكم ، فليس شيء أعدى للرجال من أتباع أهوائها "

وهذه الحكمة الذهبية قد رسمت لنا خارطة طريق النجاة

فاين نحن منها ؟

نسأله تعالى التوفيق لطاعاته ومراضيه بعيداً عن الأهواء والزيغ والالتواء .

انه سميع الدعاء .