إنتفاضة الناصرية .. إلى متى ؟
ماهر نصرت
كان تصرف القوات الامنية مع انتفاضة الناصرية يشبه الى حدٍ كبير مافعلته قوات الملك ( لويس السادس عشر) بالثورة الفرنسية الكبرى في القرن السابع عشر فقد تدخل الجيش الملكي وضرب المتظاهرون بالنار حتى سقط عدد كبير من القتلى والجرحى
وكان أكثرهم من الفقراء والكادحين الذين كانوا يطالبون بتحسين ظروفهم المعيشية وخفض أجور الخبز بعد أن أنهكهم الغلاء المصاحب للنظام الإقطاعي الظالم والضرائب التي استنزفت أرزاقهم وارهقت نفوسهم وحطمت عوائلهم ولم يكتفي الملك ومساعديه من طبقة الإقطاعيين (البارونات) الذين كانوا يستحوذون على مقاليد الحكم بقواتهم المسلحة وإنما أرسلوا بطلب أفواج أخرى أكثر فتكاً من الجيش الدانماركي المنظم لقمع الانتفاضة والقبض على قادتها وإعدامهم ، ان أكثر عمل يرهب الطبقة الارستقراطية الغنية التي تمتلك القرار السياسي و حتى الطبقة البرجوازية أي الطبقة الغنية الغير سياسية أو ما يسمى بطبقة (التجار) هي الثورة التي يأتي بها الشعب ، لأنها تزلزل عروشهم وتجعلهم يدفعون ثمناً غالياً بعد نجاحها وما تأتي به من إصلاح فلا بد من التغيير الشامل الذي يطال مناصبهم ويصادر أموالهم أينما كانت وستكون حياتهم في خطر أيضا بسبب نزعة الانتقام التي يحملها البعض من الثائرين وخاصة المتضررين منهم .. إننا نقارن مايحدث لدينا اليوم بما حدث في الثورة الفرنسية قبل 322 سنة على وجه التقريب فقمع المتظاهرين بهذه الطريقة العنيفة لايجدي نفعاً بل على العكس يزيد سعير الانتفاضة ويرفع منسوب حقد جماهيرها الثائرة على الطبقة السياسية الحاكمة هناك الظالمة حسب زعمهم ، ويعتقد بعض المحللين بأن أسلوب الرد القمعي الذي مارسته القوات الامنية المحلية كان تصرف شخصي من بعض القادة والضباط الذين تتضرر مصالحهم ويفقدون مناصبهم بعد وصول الانتفاضة الى أهدافها ولهذا تراهم يحاولون قمع الانتفاضة بعنف من أجل القضاء عليها في مهدها وقد ظهر خلاف وسط قادة القوات الأمنية أنفسهم بين مؤيد لهذا الأسلوب العنيف وبين رافض له كما تقول الاخبار الواردة من هناك ، لقد اتخذت انتفاضة أهلنا في الجنوب بُعداً آخر بسبب سوء تصرف المسئولين لديهم ويبدو أنها أنتفاضة طويلة لاتهدأ من الممكن أن تعم المنطقة الجنوبية بأكملها اذا استمر الحال كما هو عليه الان على غرار ثورة العشرين ومن الممكن أن تتسبب تلك الاضطرابات في تقسيم البلد الى أقاليم مستقلة برغبة أهاليها بعد فشل الطبقات السياسية والسلطوية الحاكمة هناك في تلبية طلباتهم وإسعادهم منذ ثمانية عشر سنةً فسيحلق كل إقليم بخيراته وأمواله وحكومته خارج سرب العاصمة التي من المتوقع أن تصبح فقيرة بمواردها وتتوسل أقاليمها في المستقبل من اجل أن تمنحها الأموال التي تكون أشبه بالحسنات والصدقات لسداد رواتب موظفيها الفائضين الذين ستحل عليهم الصدقة ، لقد أوقع الفاسدون الذين مازال البعض منهم حراً طليقاً يجوب دول العالم للراحة والاستجمام أوقعوا بلدنا في مأزق وجعلوه مهيىءً للتقسيم والتمزق مالم تجد الحكومة الحالية إصلاحاً وتعمل مخلصة كما لمسنا منها الجد في الإصلاح تعمل على وقف الزحف الفوضوي في الجنوب قبل فوات الأوان ، وسنترقب أيضاً مدى حرص البرلمانيون على مصلحة الشعب وهل بمقدورهم أن يصححوا الوضع السيئ من خلال سلطتهم التشريعية بسرعة صاروخية لتفادي مزيداً من الانهيار الامني هنا وهناك وفتح صفحة جديدة في حياة البلاد والعباد ؟ فلننتظر ونرى .