قسد وشراكة الموقف
جاسم مراد
في مجرى التحولات المهمة التي شهدتها الجمهورية العربية السورية ، خلال العشرية الدموية ، وكان الأبرز منها هو فشل الموجات الإرهابية ، والحفاظ على سوريا الدولة والمؤسسات والجيش والشعب والرئاسة حيث تعزز بانتخابات محلية على مستوى المدن ووطنية في كل الجمهورية ، ولكن هذا الوضع اثار حفيظة كل الأطراف التي ارادت لسوريا التقسيم والصراعات بين المكونات وتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير ، لذلك اتبعت مختلف الوسائل منها الاجتياح التركي للأراضي السورية بحجة مواجهة حزب العمال التركي المناهض لتركيا ، والاستعمار الأمريكي للأراضي السورية بغية نهب الموارد النفطية تحت حجة مقاتلة داعش .
وكلا الطرفان الأمريكي والتركي لهما اهدافهما المتطابقة أحيانا والمتناقضة أحيانا أخرى ، لكنهما يصبان في دائرة شهية الاحتلال واستغلال الموارد وخلق الصراعات في البنية السكانية الشمالية السورية .
هنا يبرز الموقف الكردي السوري الممثل بجزء كبير منه بمنظمة قسد ، تتصور قسد كما قبلها الكثير من المنظمات والحركات السياسية بأن الجانب الأمريكي هو الكفيل بتحقيق مشروع قسد الانفصالي ، ولكن مجمل الاحداث العالمية قد اثبتت بأن المصالح الامريكية تتفوق على التحالفات مع الأطراف الأخرى وهذا ما حدث في اكثر من بلد واخرها أفغانستان .
إن من الضرورة بمكان ادراك القيادات الكردية بأن تحقيق الحقوق لا يمكن أن يكون عبر الانفصال عن الجمهورية السورية كما تسعى الى ذلك واشنطن وتل ابيب وبعض الأطراف في المنطقة ، ومثل هذا السلوك والنهج لايحقق للشعب الكردي السوري حقوقه ، بل سيضعه في دوامة الصراعات لصالح اطراف ودول خارجية هي بالأساس ضد مصالح وحقوق الشعوب .
إن قسد إذا ما ا رادت مصالح الاكراد السوريين فعليها الاتفاق مع القيادة الشرعية السورية ، وليس مع الدوائر الاستخبارية الامريكية والأوروبية ، وان وقف الهجمات التركية التي تكون ضحيتها المواطنين من الشعب الكردي يحتم ذلك الاتفاق مع الجهات الرسمية السورية واعطا ء للجيش السوري دوره الرسمي في التواجد على الحدود السورية التركية بغية وقف العدوان الأمريكي وانتزاع ذرائع التواجد العسكري التركي مع بعض الفصائل المؤيدة له من الأراضي السورية .
نعتقد إن حقوق الشعب الكردي لا تتحقق عبر الرهان على القوى الأجنبية ، وإنما تتحقق عبر مشتركات العمل النضالي السوري ومن خلال التفاهمات التي جرت مع السلطات السورية لكنها توقفت بعد التدخل السياسي الخارجي الغربي .
إن وجود الإرهاب بكل صنوفه في الأراضي السورية وخاصة الأراضي المحتلة من قبل تركيا وامريكا ، هو جزء من سياسات خلق الصراعات ومحاولة اضعاف الدولة السورية ، وهذا الامر يجب ان تنتبه له القيادات الوطنية الكردية ، وإلا ستصبح جزء من لعبة الصراعات الدولية فوق الأراضي السورية ، وهذا السلوك والموقف يضر بشدة بمصالح الشعب الكردي وحقوقه الوطنية في اطار الدولة السورية .إن الوقائع اثبتت بعد هذه السنوات من محاولات الخروج عن الجمع الوطني السوري ، بان حقوق الكرد السوريين هي في الدولة ومن خلال الدولة السورية وتحقيقها من خلال الحوار والمشتركات الوطنية .