حافة الحرب ..ودفق الشعر
نصير الشيخ
لم يكن العالم بالنسبة ل "دنيا ميخائيل" عالماً مغيّباً ، بل هو واقع مفترض ( يصعب اصطياده) تبغي من خلاله تأسيس عالم جديد يضج بالطفولة والشعر والسلام . وهي إذ تفتح كتاب يومياتها وتتصفحه على لهب شمعة، فأنها تسجل وقائعاً لتاريخٍ مشحونٍ بالدخان ، والقصف والموت ..
فأي زاويةٍ للنظر قد نبغت للرؤية ، وكيف لدنيا ميخائيل أن تختار ( مرصدها ) للرؤيا ..؟
أي بانوراما شعرية قد دّونت أحداثها عبر لغةٍ صاعدة بحجم صِدامية الواقع إلى افق التصور..(( تفتح نافذة القلب تطير منها العصافير ، تذهب إلى الحرب لتعشش في خوذ المقاتلين المعبأة بالقمر والذكريات))..
إنها وقائع الحرب أذاً .. فما هو مسعى الشاعر .، وأين يخّبئ أحلامه ، وكل الأشياء والأماكن قد طالها القصف واخرستها الشظايا .، إلا زجاجة ( الروح ) الملونة بالحبّ والحنين والكبرياء .
كانت دنيا ميخائيل تهرول وتصطحب طفولتها وذكرياتها وعصافيرها.، وتتدثر بالبراعم والازهار ، وتطلق أحلاماً اخرى من اقفاصها .، وحين يسكن القصف ويسود العالم صمت ثقيل ، كانت ذكرياتها تشرد بعيداً ، بعيداً صوب اللامتناه ، راسمةً عدداً لا يحصى من المرايا بانتظارِغائب يخرج منها ليأخذها في نزهة للقمر .، لتتحسس بعضَ قلبها لتتأكد من وجوده .
تتراكم الذكريات ويتسع المشهد ؟ لقد جسدت دنيا ميخائيل معادلة الحب والطفولة والعبقرية وعلى وفق ما قال بودلير "العبقرية هي الطفولة المستعادة قصداً" والعبقرية ليست في افتعال الأفكار المجردة ، بل في اقتناص ما هو يجري خفياً في نسغ الحياة .، والعبقرية هي الحاجة إلى الحب كما لدى ( دي موسيه ) .، لذا فهي رتبت تصنيف ( التجربة ) روحياً .
وما لهذا الموت المهول من فعل مؤثر في لذات الشاعرة .أنهُ موقف الشاعر وهو يمدُ (مجساته ) في ترصد الأشياء وهي تفقد بريقها بفعل أزمنة الموت المُعلب والمصدر إلينا من وراء البحار، أذن ما عذر بابانوئيل ومسوغات حقوق الانسان؟ لقد امتزجت ( كلية ) الأحداث التي وقعت في جذور (شعرية الرؤية ) لدنيا ميخائيل فجاءت هذه اليوميات وثيقةً لتأكدَ وجود الذات على مستوى الكينونة ، وكذلك وجود الذات لشاعرة متحسسة كــ ( بارومتر ) أحداث عصرها وشهادة على ما ال أليه الوقائع . إنها فتحت مخابئ ذاكرتها ، وحولت شفرات الحنين فيها إلى قطع نثرية متناغمة منزاحةٍ تماماً عن قصديةِ التوثيق الحربي المتعارف عليه ،، فجاءت الكتابة مخطوطاً بجدية عالية على مستوى الصدمة ( الانفعال الحسي – الجانب الرؤيوي ) المتعالية على مستوى ( شعرية الكتابة ) ، لذا فهي جسّت منطقةً رخوةً في انفتاحها الكامل على كل ما تختزنه الروح والذاكرة عبر قنطرة (الحلم) التي عبرتها لتحتويها ( الصدفة ) المكونة من ( بر?
{ شاعر وناقد