بغداد لا تستحق النسيان
جاسم مراد
بعد غياب ستة اشهر عن مدينة الكتاب والشعر والمعرفة وثقافة الحوار ، لم يتغير منها شيئاً ، شوارع تتربع في وسطها الخسفات والحفر وارصفة صماء لا مؤشرات لدلالات الفصل بينها وبين الشارع حيث غابت المؤشرات والخطوط المرورية ، ساحات ترهق شرطة المرور وسواق لا يحترمون المرور ، وشرطة تخشى الاصطدام بالمخالفين حتى لا تقع تحت فرضيات العشيرة وابتزاز ( المحفوظ ) .
شارع القناة الذي تم تأشير ضرورات العمل به في العهد الملكي ونفذ في عهد عبد الكريم ، وأهمل تماما في عهد نظام المحاصصة المذهبية والعرقية والطائفية ، حيث اعطي كما أتذكر لشركات المقاولين العرب على أساس تطويره وجعل روافده مزار للسياحة لكنه تحول الى مكبات للنفايات والطريق تحت الجسور الى مصائد للسيارات حيث المطبات والحفر ، أما مدينة الكرادة الشرقية وبالتحديد ( كرادة داخل ) فأن ازقتها مهملة ومدارس الأطفال تتكدس فيها برك المياه سيما اثناء المطر والازقة عموما تشكو الإهمال والنسيان طيلة السنوات الماضية .
الناس لا يعرفون لمن يعود جنس هذه الاحياء للمحافظة أو لأمانة بغداد أم للبلديات ، فالكل يتعكز على الكل والمتهم الأول هو المواطن أما الدوائر المعنية فهي تشعر بأن بغداد افضل من القرى والنواحي ، فلابد من إعادة جنسها لتلك الأماكن ، هذا هو حال العراق عموما والعاصمة على وجه التحديد ، فليس هناك تفكير بالنهوض الجدي لهذه العاصمة كون الميزانية لا تكفي بين شراهة الفاسدين على المال العام وبين حقوق مدن واحياء العاصمة في النمو والتطور والبناء .
لدى هؤلاء المعنيين ليس بالضرورة العودة الى ضوابط البناء ، وإنما المهم هو الاتفاق بين المقاول والباني من جهة وبين مسؤولي تلك الدوائر بالأحياء حيث يجري البناء بطريقة فوضوية على الشارع والناس ، وبالتأكيد بناء خارج الشروط القانونية المهم هو بناء قابل للإيجارات ، وكما نتذكر في القوانين ماقبل اجتياح العراق يمنع بناء عمارة من اربع او خمس وست طوابق وسط بيوت سكنية واطئة البناء حيث يشرف سكان هذه العمارة على كل مايجري داخل البيوت وهذا الامر مخالفة قانونية واخلاقية وانسانية وشرعية ولكن لا يهم ذ لك في زمن الاجتياحات.
بعد السؤال مع العديد من الأشخاص ، اجمعوا بأن هناك حركة للبنى التحتية ولكن نجاح ذلك مرهون بتجديد الشخصيات العاملة بتلك التي ظلت طيلة السنوات الماضية تهتم بخصوصياتها دون الاهتمام بالمدينة ولا بحاجة الناس الى تطوير وتنظيف الشوارع والازقة . المهم هناك فرصة لمعالجة الخلل في المدينة ، والسيد رئيس الوزراء جاد في تحقيق نقلة نوعية ليس في بغداد وحدها وانما في المحافظات التي تعيش تحت وطأة الاستغلال من قبل المعنيين في تلك المحافظات مثلما يشير الى ذلك أهالي مدينة تكريت ، وهذا الامر يحتاج الى تطبيق قول كينفوشيوس ( إذا كان القائد قويا وحازما لن يكون هناك فاسدين).