تقرير استراتيجية الامن القومي الامريكي لسنة 2022.. تحديات مركّبة لتشكيل نظام دولي جديد

قتيبة آل غصيبة

 أصدرت وكالة الامن القومي الامريكي في 12 تشرين الاول - أكتوبر 2022 إستراتيجية الامن القومي الامريكي؛ حيث تقوم هذه الوكالة مع باقي مؤسسات مجتمع الاستخبارات الامريكي " وهو اتحاد يضم 16 وكالة حكومية فيدرالية أمريكية منفصلة؛ وتعمل كل منها بشكل منفصل للقيام بأنشطة استخباراتية لدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة الامريكية."  بإصدار هذا التقرير بشكل دوري؛لبيان مخاوف الأمن القومي وكيف تخطط الادارة الامريكية للتعامل معها؛ ويعتمد تنفيذها على تفاصيل التوجيهات  الواردة في الوثائق الداعمة مثل الاستراتيجية العسكرية؛ والاقتصادية ، وقدصادق  الرئيس الامريكي بايدن عليها؛ وأعلن أن التغلب على الصين وكبح جماح روسيا؛ مع التركيز على استعادة الديمقراطية المتراجعة في الداخل؛ يمثلان التحدي الاكبر للولايات المتحدة الأمريكية في السنوات المقبلة.  تواجه الولايات المتحدة بموجب هذا التقرير؛  تحديات مركبة؛ تشمل: قيام الصين وروسيا وحلفائهما بإعادة تشكيل نظام دولي متعدد الاقطاب؛ والذي تعتبره الولايات المتحدة تحديا منافسا لنظامها الدولي الاحادي الذي تتربع على عرشهو ، في الوقت الذي تتصدى به هذه الدول المنافسة؛ وهما الصين وروسيا وحلفائهما؛ مع الولايات المتحدة وحلفائها لتحديات مشتركة ؛ كالتغير  المناخي؛ ومكافحة الاوبئة؛ والامن الغذائي ، ولمواجهة هذه التحديات؛ فقد اكدت هذه الاستراتيجية على بناء الولايات المتحدة لأقوى الشراكات والتحالفات مع دول العالم ؛ بما يؤمن لها النجاح لتحقيق نظام عالمي؛ حر؛ ومنفتح؛ ومزدهر؛ وآمن ، وفقا لزعمها.

متطلبات وقائية

إن هذه الاستراتيجية كسابقاتها؛ تم بنائها وفقا لمتطلبات الاستراتيجية الوقائية؛ " والتي هي :

إستراتيجية تبقي المؤسسة الأمنية الأمريكية في حالة تأهب دائم واستعداد عسكري ورغبةً في تعقب التهديدات في أي مكان من العالم قبل وقت طويل من وقوع ضرباتها؛  وفي ذلك يقول الرئيس الأمريكي (بوش الابن) - علينا أن ننقل المعركة إلى العدو؛ وأن نزعزع خططه ونواجه أسوأ التهديدات قبل أن تظهر ....وإنَّ النزاع بدأ في توقيت وشروط الآخرين؛ وهو سينتهي بطريقة وتوقيت نختارهما نحن-"؛ إنها إستراتيجية تمثل صراعا مفتوحا وليس له سقف زمني محدد؛  ولقد ابتدأ لكي لا ينتهي أو على الأقل لن ينتهي إلاّ بالتوقيت والطريقة التي تختاره الولايات المتحدة. تم إعداد هذه الاستراتيجية بأربع أجزاء ، تضمن الجزء الاول: المنافسة في ظل المتغيرات العالمية؛ ورؤية دور الولايات المتحدة  الدائمة ؛ في التصدي لطبيعة المنافسة بين الديمقراطيات والانظمة الاستبدادية. أما الجزء الثاني فقد تضمن: الاستثمار في عناصر القوة التي تمتلكها الولايات المتحدة؛ من خلال:  الاعتماد على القوى الوطنية الامريكية للبقاء في الصدارة ضد المنافسين لها؛ وتنفيذ استراتيجية الصناعة والابتكار الحديثة؛ وإستثمار القوى المنتجة لديها؛ وتعزيز قيم ديمقراطيتها الليبرالية على المستويين الداخلي والخارجي؛ وبناء اقوى التحالفات والشركات الممكنة؛ وبناء أواصر قوية مع الدول المتعاونة معها؛ بالاضافة الى تقوية وتحديث جيشها  من أجل التصدي للتحالف الصيني _ الروسي المنافس لمشروعها العالمي الشامل  . وتضمن الجزء الثالث: أولويات التحديات التي تواجهها واشنطن؛  وفي مقدمتها الصين وروسيا؛ وأكدت على ضرورة إخراج الصين من المنافسة؛ وتقييد روسيا ، إضافة الى التحديات المشتركة بينهم وباقي دول العالم ؛ والتي تشمل؛ المناخ وأمن الطاقة؛ والاوبئة؛ وألامن الغذائي؛ والحد من التسلح وعدم انتشار الأسلحة النووية؛ والارهاب. أما الجزء الرابع : الذي تضمن تفاصيل استراتيجية الولايات المتحدة واهتمامها بكافة مناطق العالم؛ وتغطي 360 درجة. وأخير أفضى هذا التقرير الى توصيات ومقترحات ؛ تعالج أساليب وطرق بقاء الولايات المتحدة؛ في الصدارة ومضيها في تحقيق مشروعها الامبراطوري  . والجدير بالذكر ان هذه الاستراتيجية لم تشير ولو بكلمة واحدة الى العراق الذي أحتلته ودمرته؛ ليصبح مرتعا للارهاب والفساد  والجريمة المنظمة والنزاعات الطائفية والعرقية؛ واكتفت بالتاكيد على عدم إحتلالها لأي دولة وتغيير نظامها في المستقبل.لقد تم إنجاز هذه الترجمة بسياق التعريب؛ لمرعاة الوضوح وسلامة النص وإجتناب الاخطاء اللغوية؛  ولتأمين سهولة الفهم؛  وتم  إيضا ؛ ذكر تعريفات؛ وشرح  للمصطلحات الواردة في هذا التقرير بإلاشارة اليها في الهوامش.  وتأتي الاهمية من ترجمة إستراتيجية الامن القومي الامريكي ؛ لبيان وكشف ما تخطط له الولايات المتحدة للسنوات القادمة؛ إتجاه دول المنطقة؛  ودول العالم ، وبقائها كأقوى دولة في العالم ودون منافس ... وهنا بستوقفني قول الله تعالى؛ في سورة يونس:

 إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى? إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ? كَذَ?لِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24).