على الطريقة الأمريكية.. العراق يذبح من الوريد إلى الوريد
قتيبة آل غصيبة
لا يخفى بعد مرور اكثر من عقدين على غزو العراق وإحتلاله من قبل الامريكان وحلفائهم وعملائهم ..أن الدوافع الحقيقية لهذا الاحتلال ، كان يتمحور في إضعاف العراق وتدميره وتقسيمه ، بغية السيطرة على ثرواته وخاصة النفطية وإنهاء دوره الاقليمي والقومي بعد تعاظم قدراته العسكرية في تهديد الكيان الصهيوني الحليف والشريك الاقرب للولايات المتحدة ،حتى وصل الحال بهذا البلد العريق والذي كان يمثل مركز الحضارة الإسلامية زهاء ثمانية قرون لم تحكم دولة قبلها او بعدها بمثل هذه الفترة على الاطلاق .... وقبلها كان شعبه اول من صنع التأريخ من خلال اختراعه للكتابة وبنائه لمدن ودول وحضارة لاتزال أثارها شاهدة في التاريخ تلانساني ، ورغم كل الطعنات والغزوات البربرية التي تعرض لها العراق ،فقد حاول هذا البلد بشعبه الكريم في التاريخ المعاصر ان يستعيد مكانته الاقليمية بجهود رجاله المخلصين حصل على استقلاله في 1932/10/3 عندما تم قبوله كدولة مستقلة في عصبة الأمم المتحدة ،ولقد بذل رجاله المخلصين جهودا مضنية وجادة من أجل النهوض به كدولة ذات سيادة ... لينتهي الامر بهذا البلد العريق بتاريخه ووجوده ، الى وضع يكاد تتفطر فيه قلوبنا على ما فيه من ضعف وتشرذم ،من خلال ثلة من الخونة والعملاء المتمترسين خلف مشروع أسيادهم الامريكان والصهاينة ودول الجوار ، وبلا شك فَهُم خدعوا انفسهم وشعبهم، وبإنهم جاؤوا للشعب العراقي بالحرية والديمقراطية الزائفة ،حيث وضعوا أهدافها بطريقة تخدم مصالحهم عبر دستور بائس لايخدم مصلحة الشعب العراقي ووحدته الوطنية ، إنهم أغرقوا انفسهم بخطايا لن يغفرها الشعب والتاريخ لهم ، كان أولها اتفاقهم وتوقيعهم على وثيقة غزو العراق في لندن واحتلاله من قبل الولايات المتحدة وحلفائها سنة 2002،رغم نصائح بعـض اصدقائهم وحلفائهم بعدم الانجــــــرار وراء هذا المشروع الخبيث ، وأصــــدروا البــــــيان الختامي لمؤتمرهم هــــذا في 2002/1/17 الذي تم برعاية (امريكية - بريطانية - صهيونية) ، ومن يطلع على هذا البيان الختامي يكتشف انهم منذ ذلك الحين أسسوا لمشروع إضعاف العراق وتقسيمه وفقا لأجندة طائفية وعرقية ، والذي يتماهى مع المشروع الامريكي - الصهيوني في المنطقة، ثم انهم بعد ذلك ،أغرقوا انفسهم بخطيئة أكبر فما بني على باطل فهو باطل ،عندما أقروا دستورا يؤكد تقسيم العراق والمليئ بالثغرات والعقبات ، ثم انهم أركسوا العراق في مهاوي الردى ،عندما وقفوا واعانوا المحتل الامريكي على حل كل مؤسسات القوات المسلحة العراقية التي كانت تمتلك الارادة والخبرات لردع الارهاب والفساد والمخدرات والاعتداءات الخارجية. ليذوقوا اليوم وبال أمرهم .
احزاب فاسدة
فالشعب الكردي في شمال العراق مهدد في أمنه ووجوده بعد ان تحكمت به عوائل واحزاب فاسدة،وحكومة العراق العراق المركزية عاجزة عن الرد على الاعتداءات الايرانية والتركية على شمال العراق بعد ان اصبح شمالنا العزيز ساحة للصراعات والحروب بين تلك الدولتين ومعارضيها، والامريكان يكتفون بإطلاق صافرات الانذار من قنصليتهم بأربيل وتحذيراتهم غير الجادة في حل الازمة لأن جميع الفصائل المعارضة لإيران وتركيا والتي تتواجد في شمال العراق تحضى بدعم واضح من واشنطن والغرب. ونتيجة لهذا الضعف الحكومي ،فإن كلا من ايران وتركيا تمارسان أشرس حرب للمياه ضد العراق وشعبه ،بعيدا عن كل المواثيق الاسلامية والدولية ،والحكومات المتعاقبة أيضا لم تستطع ان تجد مخرجا مقبولا لهذه الازمة التي ستعمل على إنهاء العراق وشعبه من الوجود دون اي تدخل من الامريكان حلفاء الطبقة السياسية الحاكمة الذين أحتلوا العراق للسيطرة على موارده النفطية غير آبهين بالعراق ومستقبله الذي اصبح قاب قوسين أو أدنى من محوه ، وهذا يجري بالتزامن مع الازمة التي تستهدف منافذ العراق البحريه وحدوده الاقليمية مع الكويت وايران ،دون أجراءات وحلول من قبل الحكومات المتعاقبة المدعومة أمريكيا وتوقيعهم بما يسمى الاتفاق الاستراتيجي مع واشنطن سنة 2008 ،دون اي تحرك من قبل واشنطن او مساهمة لحل هذه الازمة المتفاقمة، والتي ان استمرت فستدمر الاقتصاد العراقي ، ويجعل كل من الكويت وايران يتحكمان بالمنافذ البحرية للعراق ، وإن كل ذلك يجري في خضم الارهاب الذي لايزال يهدد شمال وغرب العراق بين الفينة والاخرى ، وفي ظل الفساد المسلح المستشري في كافة مفاصل الدولة، وأنتشار المخدرات الذي اصبح العراق حائزا على المراتب المتقدمة في انتشاره، مضافا اليها النزاعات الطائفية والعشائرية والسياسية التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من العراقيين وبحدود خمسة ملايين نازح ومهجر تركوا مناطقهم وبلدهم، وضعف التعليم والخدمات ...وإن كل ذلك يجري بسبب خطايا الطبقة السياسية التي وضعت مصيرها ومصير بلدها بيد الامريكان عندما قبلوا بإحتلال بلدهم ، ومن المؤكد فإن مايجري للعراق يتلائم تماما مع اهداف المشروع الامريكي لتدميره والاستحواذ على ثرواته ، دون أية حلول وطنية حازمة تنقذ هذا البلد العريق من مهاوي الردى التي يعيشها في ظل حكومات عميلة مدعومة أمريكيا ، منشغلة بمصالحها الشخصية لا يهمها مصالح البلد وآمال شعبه وفاقد الشيئ لا يعطيه...وكل ذلك يؤكد ان العراق ذُبح على الطريقة الامريكية...ولعنة الله على الخائنين ...والله المستعان على الظالمين