من يتابع عملية التحول السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي التي حدثت بعد 2003 سيجد ان اكثر قطاع تعرض للظلم في العراق هو القطاع الخاص .
عند اجراء مراجعة بسيطة للارقام التي انفقت على القطاع العام خلال العشرين سنة الماضية ، سيصاب المرء بالصدمة والذهول ، ذلك لان القطاع العام قد استهلك اكبر الميزانيات بالوظائف العامة والمشاريع الفاشلة واستشراء الفساد بين مؤسساته ، بينما يلاحظ اي منصف ان القطاع الخاص ورغم المضايقات والبيرقراطية التي يمارسها القطاع الحكومي عليه ، لكنه ظل يعمل بصمت ودون دعم او اسناد من قبل الحكومات المتعاقبة .
ولان القطاع العام اصبح مثقل بالمؤسسات المترهلة ووصل حد الاشباع بالوظائف المقننة والمسيسة واصبح عاجز عن خلق فرص عمل تستوعب عدد الخريجين والمؤهلين للعمل ، ولان سوق العمل في العراق يحتاج باستمرار الى استحداث وظائف جديدة ، لذلك صار لازما على كل متبصر ان يلتفت الى القطاع الخاص بوصفه اكبر محرك للاقتصاد الوطني وهو الضمانة الوحيدة لاستيعاب الاعداد الهائلة من العاطلين عن العمل .
على مستوى العالم ، تجد ان افضل الاقتصاديات الناجحة هي تلك التي اعطت دورا واسعا للقطاع الخاص في تنفيذ برامج التنمية وتنشيط سوق العمل ، بينما تجد ان افشل الاقتصاديات هي تلك التي ضيقت على القطاع الخاص ، والعراق من تلك الدول الفاشلة اقتصاديا بسبب عدم فسح المجال للقطاع الخاص بأن يكون شريكا في برامج التنمية . لذلك ، ليس امامنا ومن اجل احتواء اعداد العاطلين عن العمل واحتواء الزيادة السكانية ، الا التوجه نحو دعم القطاع الخاص ليكون البديل عن الوظائف الحكومية .
من كل ما تقدم نعتقد ان الخطوة الاولى للنهوض بالقطاع الخاص تبدأ باستحداث وزارة دولة تكون مهمتها الدفاع عن حقوق القطاعات والمؤسسات التي تعمل في القطاع الخاص .
ان عملية استحداث وزارة دولة لدعم القطاع الخاص لا تحتاج الى ميزانية او تكاليف مالية او ادارية ، فقط تحتاج الى قرار سياسي من قبل رئيس مجلس الوزراء وموافقة مجلس النواب ، وبعدها تبدأ الخطوات الاخرى نحو اعادة ترتيب العلاقة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص .
{ سياسي مستقل/ برلماني سابق