الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
سرعة البديهة

بواسطة azzaman

سرعة البديهة

حسين الصدر

 

-1-

الذهنُ الوّقاد والفطنة وراء ما يتمتع به بعض الناس مِنْ سرعة البديهة ، ولا تملك إزاء هذه الموهبة إلاّ أن تُجزل الثناء لهم ممزوجاً بالتقدير العالي والاحترام الكبير .

-2-

وكان المرحوم الشاعر السيد عبد الستار الحسيني ممن يتمتعون بهذه الموهبة فقد حضر مجلساً للعزاء الحسيني في الكرادة الشرقية وكان الخطيب الذي كُلِفَ بالقراءة فيه هو المرحوم الشيخ كاظم المسلماوي ولكنه حين رأى المرحوم الشيخ موسى اليعقوبي حاضراً في المجلس ، وعلى عادة الخطباء عرض الشيخ المسلماوي على الشيخ اليعقوبي ان يرقى المنبر بدله ، وحين طال الكلام بينهما وقف السيد عبد الستار الحسني وقال :

ولا فَرْقَ بينكما عندنا

( فموسى ) لدينا هو ( الكاظِمُ )

ودّلَّ ذلك على انه  كان سريع البديهة للغاية،

ويبلغ الذهول ببعضهم أحياناً الى الدرجة التي ينسى بها اسمه، فقد قيل لرجل كان شديد الذهول وكان اسمه ابراهيم :

ما اسمك بالألف ؟

فقال بعد تأمل طويل :

إحسين ..!!

-3-

وبسرعة البديهة تحسم أحياناً الأمور .

ومن الطريف في هذا الباب حكاية الرجل الذي قد سكن الكاظمية واعتاد ان يقيم مأدبة للعلماء واعيان البلد في ذكرى المولد النبوي الشريف ويقرأ البند الذي أعدّه في هذه المناسبة (على غرار بند ابن الخلفه الشهير ) وحين قرأ البند وأطال ووصل الى قوله :

" لكَ الشكُر لكَ الحمد "

بادَرهُ أية الله المرحوم السيد محمد مهدي الصدر صاحب البديهة الحاضرة - بقوله :

وهذا آخر البند

وهكذا حسم أمر الملل ..!!

-4-

وقال الشاعر الشهير عبد الباقي العمري – وممن كان في مجلسه الشاعر المبدع الشيخ صالح الكوّاز وكان قد ذهب لزيارته بصحبة الاخوين الحاج عيسى والحاج محمد آل شالجي موسى - :

لقد حضرني الآن شَطْرٌ وهو :

قيل لي : مَنْ سما سماء المعالي،

 ثم أخذ يكرر هذا الشطر عاجزاً عن اكمال البيت فقال الكواز : مشيراً الى صاحبيه ودون طويل تأمل :

قلتُ (عيسى) سما السماء و (احمد)

(وأحمد) في اشارة الى أن السيد المسيح عيسى قد رفعه الله اليه والى عروج سيد الرسل والانبياء محمد (ص) الى السماء ، واستخدام التوريه هنا لمدح الحاج عيسى وأخيه الحاج أحمد .

وهكذا بهر الحاضرين بسرعة بديهتِهِ .

-5-

وممن عرف بسرعة البديهة من الشعراء القُدامى ابو العتاهية الذي قال لمن معه وقد شرب احدهم ماءً بارداً .

" بَرُد الماء وطابا "

وطلب ابو العتاهية من جلساته الشعراء أنْ يجيزوا هذا الشطر فعجزوا ، فبادرهم بالقول :

إنَّ الامر أسهلُ من ذلك ،

ثم قال :

بَرُد الماءُ وطابا

حَبَذا الماءُ شَرابا

اننا اذ نورد هذه الحكايات عن سرعة البديهة نأمل أنْ تكون حافزاً ومشجعا على ايلاء كتب الأدب شيئا من الاهتمام، حيث أنّ الأدب هو غذاء القلب مثلما كان العلم غذاءَ العقل والدين غذاء الروح .


مشاهدات 645
أضيف 2022/11/21 - 5:40 PM
آخر تحديث 2024/07/18 - 1:10 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 336 الشهر 7904 الكلي 9369976
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير