بين برناد شو وأرملة لينين ورئيس الوزراء الجديد
هل يستطيع السوداني جرّ الآخرين إلى حدوده ؟
عادل سعد
يظل لقاء برناردشو السيدة بكروبسكايا ارملة لينين عام 1931 واحداً من ادهش المواقف التي مر بها هذا الفيلسوف الساخر .
لقد حصل اللقاء اثناء زيارة شو الى العاصمة السوفيتية موسكو حيث امضى تسعة ايام في جولة استطلاعية داخل بعض مناطق الاتحاد السوفيتي ،التقى خلالها ايضا ستالين وعدد من قادة الصف الأول في الدولة السوفيتية اضافة الى المزيد من العمال البسطاء .
ما ادهش برناردشو انه وجد ارملة لينين مازالت تعمل وتتقاضى اجراً يعينها على تدبر معيشتها ، ولا تحظى بأية امتيازات ، وحين سألها ماذا ورثت عن لينين من مكاسب مادية ، قالت (لا شيء الا الافكار التي وضعها في خدمة الشعب) ،كان يمكن للينين بحكم سطوته القيادية الفذة ان يضمن لتلك الزوجة بعض الامتيازات دون ان يعترض احد
اسماء زوجات
ترى كيف تصح المقارنة بين هذا الموقف ومواقف سياسيين عراقيين نهبوا ,الجمل بماحمل وسجلوا اموالاً طائلةً بأسماء زوجاتهم وابنائهم وبناتهم وامتدت هباتهم الى اقاربهم من الدرجة العاشرة في بعض الاحيان او حاولوا توظيفها في مشاريع لكن وكلاءهم استاثروا بالغنائم لأنفسهم ،اي على وزن المثل العراقي( گلّبو بالدخل) .
لقد بات الاستحواذ على قصور ومزارع واراض واسعة وممتلكات اخرى بشهود أثبات ، وتحت انظار الرأي العام العراقي . الحديث بالوقائع ، الممتلكات التي خلّفها عبد المحسن السعدون فقط سبحة وعصا كان يتوكى عليها ، في حالة مغايرة ،اذكر أني كنت على معرفة بأحد القياديين الحزبيين من الصنف الاول وقد وجدته في احد الايام مشغولا الى حد ما فأستفسرت منه عما يشغله ليفاجئني ، انه اشترى قطعة ارض ويأمل تسجيلها بأسم احد احفاده ،رضيع ، وان مديرية الطابو لاتعترف ببيان الولادة مستمسكا ، وتبين لي ان قطعة الارض المعنية تقع في حي اليرموك وان الاستيلاء عليها تم بصفقة معينة ولا اعرف بعد ذلك كيف تم تسوية الموضوع
مشهد اخر عن نائب سابق في البرلمان العراقي اودع لدى احد وكلائه مبلغ ستة ملاين دولار ليشتري له عقاراً استثمارياً في احدى الدول المجاورة لكن الوكيل استولى على المبلغ لصالحه هو وزوجته ومازال هذا النائب يواصل (جهوده )السرية لأسترجاع هذه الثروة الطائلة ،ولكن دون جدوى ،فهو يتحرك بسرية تامة خوف تسرب الموضوع الى الانفضاح ويكون امام مساءلة قانونية محتملة من اين حصل على هذا المبلغ مع العلم انه يدّعي العفة ، ويطرح نفسه انموذجاً رائداً للورع والزهد ، وأعتاد ان يرفع يديه امام الكامرات لاقناع المشاهدين انهما نظيفتان وان نزاهته لا غبار عليها .
عموما ، وبالمباشر ، هل تستطيع هيئة النزاهة ان تقدم للرأي العام العراقي جرداً سنوياً دقيقاً يتم تحديثة بعدد الاملاك التي سيطر عليها سياسيون عراقيون بالغش والخداع والتهديدات والاستحواذ عنوةً ، وكم هو عدد الصفقات التي عقدها سياسيون مع شركات قبضوا منها عمولات مقابل تمشية امورها ، وكم هو عدد السياسيين والاداريين العراقيين الهاربين الى خارج العراق ولم يتم حتى الان من وضعهم على لائحة الانتربول لأسترجاعهم لينالوا جزاءهم القضائي العادل ،واسترجاع المبالغ التي نهبوها ، وكم هو حجم تقديرات الهيئة عن عدد السياسيين الفاسدين الذين تم ضبطهم حتى الان بالجرم المشهود وتقديراتها التخمينية للمال المنهوب ان هذا المنهج ينسجم تمام الانسجام مع الآليات التي يحث عليه خبراء الشفافية الدولية في اصدار تقارير احصائية موثقة لضمان مصداقية المراجعة التي ينبغي ان تكون دورية ان لم تكن على مدار الساعة ،ووفق حجم الفساد .
هناك نوعية اخرى للفساد السياسي في العراق عندما تتحقق بعض الايجابيات العمرانية في بغداد ،او في المحافظات يجاهر بها هؤلاء السياسيون والاداريون وكأنها فضل منهم ويطالبون بمجازاتهم شكراً وتقديراً ، وليس واجباً عليهم بموجب قيم الادارة النظيفة التي ينبغي ان تسود وتتحكم بالسياقات التنموية والاعمارية اللازمة .
بخلاصة تحليلية إضافية ، انا على دراية تقديرية بما سيكابده رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني عندما تكون ساعة كشف ملفات الفساد قد حانت على طاولة اسبيقياته ، اعرف الرجل عن كثب واتيح لي ان التقيه عندما كان وزيراً لحقيبة العمل والشؤون الاجتماعية ، كانت الزيارة بصحبة السيدة باسكال وردا والسيد وليم وردا
مسحة حزن
الواضح على ملامح السوداني مسحة من الحزن تلازمه وإن تغطيها البشارة ، كان مشغولاً حينها في التصدي للفساد الذي تسرب إلى ملف الرعاية الاجتماعية ، لاحقاً قرأت له مقالة في صحيفة الزمان تحمل رؤية علاجية لبعض منصات الوضع الاقتصادي العراقي ،وقد دفعني موضوعها لكتابة متابعة عنها نشرتها في الزمان ايضاً .
لاشك ان حزنا مضاعفاً سيكابده السوداني حين يكتشف ان قائمة الفساد ابشع مما كان يعتقده ، فالمزيد من الملفات ستفتح له بحكم وظيفته السياسية الجديدة .
السؤال الجوهري ،هل يستطيع السوداني الضرب على الطاولة ليجرالاخرين الى حدوده على غرار ما فعله في التصدي لمجسات الفساد التي تسللت الى حقوق الرعاية الاجتماعية .
بخلاصة ، العراقيون ينتظرون ذلك .