تعال معي الي قنديل .. سيرة كفاح
صادق الجمل
ادهشني صباح المنلاوي ووقفت محايدا بينه كصديق وكقارئ؛ صباح الحالم اليقظوي الذي حقق بعض من احلامه؛ فكلماته ومشاعره لا يدرك كنهها الا الحالمون حين يتحدث عليك ان تسمع دقات قلبه حتى تكتمل الصورة؛ فهو العاشق الاستثنائي والذي لم يبال مخاطر احلامه؛ كي يحيل الحلم إلى واقع.
في كتابه الاخير (تعال معي الي قنديل) والذي وصفه كاتبه (خلاصة لسنوات الجمر والايام الدامية ترويها ذاكرة انصارية مازالت متوهجة. انصاري عاش المحنة بكل تفاصيلها في النضال ضد الدكتاتورية وقوى الغدر)
ست سنوات في القواعد الانصاريةوالتي تنتشر على ذرى الجبال : حياة زمنية تختلف عن الحياة المدنية والتي تركها متطوعا ملبيا نداء الواجب في رحلة شاقة عبر الوديان والجبال كي يحقق حلمه..
اعجبني ولفت انتباهي في (تعال معي إلى قنديل) ان المندلاوي لم يكتب سيرة ذاتية فحسب بل سطر ما اختزنته ذاكرته عن رفاقه ودورهم في حركة الأنصار وما كابدوا في تلك الحقبة من نضال الشعب ضد الدكتاتورية الفاشية وان ذكر دوره يحيط ويشيد بدور رفاقه ويسلط الضوء على معاناتهم وجانب من سيرهم ؛ كالفنان اسماعيل خليل ؛ فلاح مهدي؛ زهير التكمجي؛ اسماء عبد الغني؛ كل هؤلاء وغيرهم رفاق ( صوفيا).. اليمن الديمقراطية : حطت الطائرة في اليمن فالفينا وجوه جديدة كالاستاذ فخري بطرس وكريمته المناضلة ثائرة (الرفيقة عشتار) والشاعر عبد الكريم كاصد والرفيقات. زينب؛ انوار احمد ونضال عبد الكريم. ولا يسع المقال لذكر الجميع فابطال تعال معي الى قنديل هم كل اولئك المناضلون. نشر المندلاوي قصص ومقالات في جريدة 14اكتوبر اليمنية. وكتب ومثل واخرج مجموعة من المسرحيات (في غرف التعذيب) اخرجها الفنان سلام الصقر وبطلتها الفنانة انوار البياتي. اسس مع مجموعة من الفنانين العراقيين ( فرقة الصداقة) وقدموا مسرحية (الام الشجاعة) تاليف برشت ومسرحية( مغامرة راس المملوك جابر) من تاليف سعد الله ونوس واخراج الفنان لطيف صالح وغيرها من المسرحيات.
الهجرة إلى الوطن : عاد ورفاق دربه إلى كردستان ليخوضوا تجربة الكفاح المسلح. يصف المندلاوي تلك العودة في الصفحة 69 (الليل ينشر سواده؛ ثمة نجوم باهتة ونحن نقتفي اثر الدليل وبعد مضي اربع ساعات نصل ضفاف نهر (الهيزل) وعرضه بضع امتار وهو الحد الفاصل بين الاراضي التركية والأراضي العراقية. عقربا الساعة تشير الى الحادية عشر ليلا اواخر فصل الخريف؛ نسمات برد عليلة؛ اشار الادلاء ان نتعرى كاملا كي نعبر النهر الذي لا يتجاوز عمقه رقبتنا كسلسلة متصلة ومتماسكة خوفا من ان تجرفنا المياه ورغم برودة الماء وسطوة الظلام عبرنا . اما الرفيقات فتم اصعادهن على البغال ممسكين لجاميها.