المصلحة الكافية كشرط لقبول الدعاوى الإدارية
احمد طلال البدري
يعد شرط المصلحة احد الشروط الاساسية الواجب توفرها بالطاعن لقبول الدعاوى الادارية امام القضاء الاداري وقد نصت عليه معظم التشريعات ، ومنها قانون مجلس الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل الذي تضمن هذا الشرط في المادة (7/رابعاً) منه والتي اجازت لكل ذي مصلحة معلومة وحالة وممكنة ان يطعن بالقرارات الادارية الفردية او التنظيمية غير المشروعة ، كما اجاز المشرع قبول الطعن من كل ذي مصلحة محتملة اذا كان هنالك مايدعو الى التخوف من الحاق الضرر بذوي الشأن ، والمصلحة تعني الفائدة المتأتية للمدعي او الطاعن في حال صدور حكم يتضمن اجابة طلباته ، فالمصلحة مناط الدعوى ، ولادعوى بدون مصلحة وهذا هو الاصل العام في التقاضي ، ولذلك اشترط المشرع العراقي ان تكون المصلحة شخصية ومباشرة ومتحققه ، اي ان ان يمس القرار الاداري الطعين مركز قانوني يتعلق بشخص الطاعن ويحدث اثاراً قانونية مؤكدة على مركزه القانوني من خلال تحقيق الفائدة المادية او المعنوية لرافع الدعوى ، وهذا مايميز دعوى الالغاء عن دعوى الحسبة المعروفه في الفكر السياسي الاسلامي التي لايشترط ان تتوفر في الطاعن مصلحة شخصية مباشرة لاقامتها ، في حين نجد ان الاتجاهات الحديثة في بعض الدول حتى التي تتبنى نظام القضاء الموحد اخذت تتجه نحو قبول المصلحة الكافية لرفع الدعاوى الادارية دون اشتراط شخصية المصلحة ، ومنها القضاء الانكليزي الذي قبل الدعاوى الادارية من الافراد دون ان تكون لهم مصلحة شخصية مباشرة او مقترنه بحق شخصي يلازمها سواء تم الاعتداء على هذا الحق فعلا او كان مهددا ً بالاعتداء ، حيث قبل القضاء الدعوى لمجرد وجود (مصلحة كافية).
خطأ اداري
اذ يجوز لاي فرد مقابل خطأ الادارة التوجه الى القضاء طالباً تصويب الخطأ والزام الادارة بالقانون او بواجباتها ، ومن ابرز هذه هذه القضايا دعوى السيد ( بلاك برن ) ضد المجلس البلدي في لندن بسبب موقفه السلبي من دور العرض السينمائية التي تعرض افلام اباحية وماجنة من شأنها افساد الشباب واليافعين وطالب بالزام المجلس البلدي بالقيام بواجباته ووقف عرض تلك الافلام ، وقد قبلت المحكمة دعواه رغم انتفاء المصلحة الشخصية من ايقاف هذه العروض ، واعتبرت ان الدعوى تستند لاصل دستوري مفاده ان مخالفه احد المصالح الحكومية او السلطات العامة للقانون او حتى توشك ان تخالفهه على نحو يضر الالاف المواطنين فيجوز لاي شخص ان يقاضي هذه المصالح او المؤسسات موضحة ان قبول الدعوى باعتبار ان لديه مصلحة كافية او معقوله تجيز له التقدم مباشرة بدعوى الى القضاء باعتباره الملاذ الاخير ، لذا ندعو مجلس الدولة العراقي الى التوسع في مفهوم شرط المصلحة وعدم التقيد الحرفي بشخصيتها ، والاخذ بفكرة المصلحة الكافية (المقبولة) رغم السلبيات التي قد يترتب على الاخذ بها كتعرض محاكم مجلس الدولة الى سيل من الدعاوى ولكن بالمقابل سيتمكن جميع المواطنين اي كانت مواقعهم ووظائفهم ومراكزهم من مراجعة القضاء الاداري مع توسيع نطاق اختصاص محاكم مجلس الدولة في نظر كافة انواع القرارات الادارية بصرف النظر عن مرجعيتها اومصدرها فضلا عن اغناء القضاء الاداري بكافة انواع الخصومات الادارية وهذا يعمل على اثراء خبرته وتنوع الحلول القضائية وزيادة تركيز رقابته على الادارة باعتباره قاضي المشروعيه و حامي الحقوق والحريات ، كما تعد حافز للادارة في تنمية رقابتها الذاتية ولاعبرة بقول البعض ان الاخذ بفكرة المصلحة الكافية سيشجع البعض من مخاصمة الادارة بهدف عرقله اعمالها او ازعاجها ، لان تقدير مدى توافر المصلحة يخضع لتقدير القاضي الاداري في نهاية الامر ...والله الموفق