لمقتضيات المصلحة العامة
عبد الستار جابر الإسماعيلي
إلى اي حد يقترب اداء كثير من دوائرنا ومؤسساتنا من تحقيق النفع العام والمصلحة العامة؟
قد يبدو السؤال المتقدم غريباً بعض الشيء ،لان المفترض عدم وجود دائرة او مؤسسة في الدولة لاتؤدي دوراً يخدم المجتمع ، وان كل نشاط او حركة ضمن مفاصل تلك الدوائر والمؤسسات لابد ان يصب في خدمة المصلحة العامة .
هناك قوانين، وهناك سياقات وضوابط تحكم عمل الدوائر ، لاشك في ذلك .
لكننا عندما نبحث وندقق في بعض الاجراءات والتطبيقات نجد ان هناك تكييف وتوجيه لتلك القوانين والسياقات نحو اغراض وغايات لاتخدم الا اصحابها .
المصلحة العامة لاتتحقق الاعندما تكون الغاية الفعلية وراء اي تطبيقات للقوانين غاية نزيهة لاتداخلها اغراض اخرى .
المصلحة العامة تقتضي ان نتعامل بحكمة وحسن تدبير من خلا ل الربط بين القانون وبين ظروف تطبيقه، لان القانون يصبح قالباً جامداً مالم نراعي مايمر به المجتمع من تغيرات واحداث .
في واقعنا الحالي اشكاليات افرزتها التقلبات التي اصابت نظامنا الاجتماعي بشكل عام ، مما ادى الى بروز سلوكيات تحاول ان تجد منافذ وثغرات في منظومة القواعد القانونية والقيم الاخلاقية تتسلل من خلالها للتوصل الى مقاصد واهداف مرسومة مسبقا ،الامر الذي نتج عنه تفسير البعض للقانون تفسيراً مزاجياً حسب ماتمليه مصلحة هذا الطرف اوذاك هذه حقيقة لابد ان نعترف بها ، بل سلبية مطلوب منا ان نلاحقها وان نتصدى لها حيث ماوجدت .
من الطبيعي ان اي دولة من الدول لابد ان تتكون من مؤسسات ودوائر ،وهذه الدوائر تنقسم الى اقسام ضمن جدول توزيع المسؤوليات والادوار ، وعلى كل دائرة او قسم القيام بالواجبات المحددة بموجب القانون والسياقات ، ومالم يكن هناك تنسيق وتعاون بين هذه الحلقات الادارية فان الاعمال المطلوبة لن تنجز بالشكل المطلوب ، بل ان التعثر والتأخير سيكون هو الصفة الغالبة على اي تكوين اداري متفكك . وبقدر اهمية التعاون بين الدوائر فإن التعاون بين افراد الدائرة يحتل نفس الاهمية وهو من مقومات نجاح اي مؤسسة اودائرة . وهذا يتطلب وجود نوع من العلاقات الايجابية القائمة على الاحترام المتبادل ، والالتزام بما تفرضهُ الوظيفة . ويستوجبه الانتساب للدائرة من ضوابط وقيود.
موقف متشنج
واقع الحال يقودنا الى الحديث عن مايحدث احياناً من اشكاليات اوتقاطعات تقع بسبب موقف متشنج اوخلاف بين بعض افراد الدائرة ، وهذا طبيعي فنادراً ماتخلو دائرة او مؤسسة من هذه الامور نتيجة ضغط الحياة اليومي وتراكم الاعمال . والخلاف لا يفسد للود قضية كما يقولون ، لكن غير الطبيعي ان نرى هذه الخلافات قد اخذت منحى آخر وانعكست على اداء اقسام هذه الدائرة او تلك المؤسسة،ومن ثم البحث بين فقرات القانون عن مادة ظاهرها اجراءات قانونية والغرض منها غاية في نفس يعقوب .
مثل هذا الاداء موجود في واقع حياتنــــــــا الادارية بشــــــكل ملموس .
من المعيب حقاً ان تنعكس العلاقات على تطبيق القوانين ، ومن المخجل ان يستغل البعض ظرف معين يساعده للإضرار بالاخرين بأسم القانون .
هناك شكل اخر من تكييف القانون لاغراض نفعية من خلال توجيه المشاريع ومختلف الاعمال نحو جهات معينة لها ارتباطات ومصالح شخصية بهذا الطرف اوذاك على حساب الصالح العام ، كم من المشاريع أحيلت الى مقاولين غير كفوئين ؟ وكانت النتيجة تأخير في الانجاز او انجاز دون المستوى المطلوب .
هناك الكثير من الممارسات الخاطئة ترتكب بأسم القانون .
نحتاج الى تقييم واقعي لأداء مؤســــــــساتنا ودوائرنا ، نحتاج الى اعادة نظر في كثير من السياقات وتصحيح المسارات لمقتضيات المصلحة العامة .والله الموفق .