إلى الذين تذكروا السيادة
سامي الزبيدي
تسعة عشر عاما وسيادة الوطن غائبة عن السياسيين الذين تذكروها بعد القصف التركي على احد المصايف في دهوك والذي راح ضحيته شهداء وجرحى ابريا لا ذنب لهم ,لقد كانت الجريمة كبيرة والفاجعة أليمة دفعت المواطنين للخروج في تظاهرات أمام السفارة التركية في بغداد منددين بهذا العمل الإجرامي المنافي لكل الأعراف ولمبادئ حسن الجوار وبعد هذه الجريمة تذكر ساسة البلد سيادة العراق وعرفوا ان هذا العمل خرقاً للسيادة ولا ادري لماذا لم يعترضوا على عشرات عمليات القصف التركي والإيراني التي تسببت بقتل مواطنين أكراد ودمرت ومزارعهم وقراهم؟ ثم من الذي سمح بوجود الجيش التركي وقواعده العسكرية في دهوك واربيل والموصل وسنجار وغيرها؟
معسكرات عدة
وإذا كان تبرير وجود الأتراك هو تواجد مقاتلي حزب العمال الكردي التركي المعارض في شمال العراق فمن الذي سمح لهذا الحزب التواجد في سنجار والموصل بمعسكرات عديدة بعد ان كانوا في المناطق الحدودية مع تركيا فقط؟ ومن الذي يزود هؤلاء بالأسلحة والعجلات وحتى الرواتب ؟ ولماذا لا يتم إخراجهم من العراق كما قامت أحزاب السلطة بإخراج منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة ولم يكن أعضاءها مسلحين؟ ولماذا لا يسمح للجيش العراقي التواجد في محافظات شمال العراق للتصدي لأعمال حزب العمال حتى لا نعطي مبرر للتدخل التركي؟ أسئلة نريد إجابات واضحة عليها ,وانوه هنا ان باستطاعة اللجنة التي تشكلت لمعرفة من يقف وراء القصف واجزم ان من السهولة معرفة مصدر القصف والجهة التي نفذته والأسلحة المستخدمة ومن يقف ورائه ومن المستفيد منه وعلى اللجنة إعلان نتائجها على الشعب العراقي, أما السيادة التي يتباكى عليها ساسة العراق اليوم فهم من فرطوا بها عندما أصر قادة الأحزاب التي جاءت مع الأمريكان على حل الجيش العراقي ولم يتمكنوا من تشكيل جيش مهني قوي يدافع عن سيادة العراق فأصبح العرق مسرحا لجيوش ومخابرات كل الدول المجاورة لقد شكلوا جيشاً وفق نظرية المكونات فكان جيشاً طائفياً غير مهني يفتقد ابسط مقومات قوته وهو الضبط العسكري الصارم كما يفتقد الإعداد والتدريب الجيدين وانيطت عملية تدريبه للجنود الأمريكان ولدول مثل الأردن والإمارات وغيرها وكانت مؤسساتنا التدريبية قبل الاحتلال من أرقى المؤسسات في المنطقة والكلية العسكرية وكلية الأركان من أرقى الكليات في الشرق الأوسط وفيهما درس ألاف الطلبة العرب ومن الدول الأفريقية كما يفتقد لباقي عناصر الجيش الأساسية وهي القوة الجوية القوية والقوة البحرية الكفوءة والدفاع الجوي الفعال وقوات الصواريخ وسُلمت قيادات هذا الجيش لضباط تنقصهم الخبرة والتجربة وتسعفهم هويتهم الطائفية لقد أراد ساسة الفشل من الجيش ان يكون جيشا هزيلا طائفيا لهذا وفي أول اختبار له فشل في التصدي لمئات من الدواعش الذين هزموه وتمكنوا من احتلال ثلث مساحة العراق خلال أيام صحيح ان العبادي قام بإعادة النظر في تشكيلات الجيش وقياداته بعد الهزيمة المذلة واخرج القادة الفاسدين منه وأعاد تدريبه كما تم تشكيل الحشد الشعبي وبعد معارك عديدة تم تحرير المحافظات العراقية بإسناد الأمريكان وقوات التحالف لكن الجيش بقى بلا قوة جوية فعاله وثلاثون طائرة ف 16 لا تعني قوة جوية تسند جيشا كبيراً كما بقي بدون دفاع جوي وبقيت أجواء العراق تحت رحمة قوات التحالف كما لا توجد قوة بحرية و قوات صواريخ لتكملان قوة الجيش وحتى القوات البرية الكبيرة تنقصها الأسلحة المتطورة والدبابات وناقلات الجنود والمدفعية الحديثة كما تنقص الجيش الصنوف الساندة والخدمات المهمة كالطبابة والهندسة الآلية الكهربائية والتموين والنقل كما تنقصه المعاهد التدريبية والكليات العسكرية الرصينة وتنقصه البنى التحتية المتطورة كالمطارات والقواعد الجوية والمعسكرات ومعامل التصليح والمستشفيات العسكرية ومخازن الأسلحة والاعتدة ومستودعات الأرزاق والطرق العسكرية الجيدة وأهم ما ينقصه التدريب العلمي الجيد وفق خطط تدريبية علمية حديثة ومعلمين أكفاء وينقصه الضبط والسياقات العسكرية الرصينة وتنقيته من كل ما يشوه مسيرته ويعرقل تطوره مثل ضباط الدمج والقادة والضباط الفاسدين والفاشلين وتنقيته من كل صور الطائفية والمناطقية ليبقى جيشا وطنيا يضم كل فئات وأطياف الشعب العراقي .
تشكيل لجان
فمن يتباكى على السيادة نقول له ان السيادة لا تحمى بالمؤتمرات ولا بتشكيل اللجان ولا باستنكار السياسيين والبرلمانيين ولا الشكوى للمنظمات الدولية نعم الشكوى مطلوبة لإثبات الحقوق وردع المعتدي لكن السيادة تتحقق بوجود جيش قوي متكامل القوات والصنوف جيش تسنده قوة جوية قوية وفعالة فيها المئات من الطائرات الحربية القاصفة والمتصدية ومتعددة الأدوار وطائرات النقل وبما يمكنها من إسناد القوات البرية وحمايتها ودفاع جوي فعال ويغطي كل سماء الوطن ويؤمن حماية القطعات والأهداف الحيوية في العراق جيش مهني مدرب تدريب راقي وفق عقيدة عسكرية واضحة جيش يقوده قادة وطنيين بغض النظر عن هويتهم العرقية والدينية والمذهبية جيش بعيد عن تدخل السياسيين ومؤامراتهم التي تستهدف إضعافه وتهميشه جيش يستطيع الانفتاح في كل محافظات العراق بما فيها محافظات إقليم كردستان العراق ثم من أعطى الحــــــق للإقليم بمنع تواجد الجيش في محافظات الإقليم وهو جيش اتحادي له حق التواجد في أي منطقة في العراق تستدعي ذلك وفق الدستور فهل يستطيع الساسة تشكل هذا الجيش ليحفظ للوطن سيادته؟